أأخافُ صرفَ الدَّهرِ أمْ حدثانهِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أأخافُ صرفَ الدَّهرِ أمْ حدثانهِ | والدَّهرُ للمنصورِ بعضُ عبيدهِ |
مَلِكٌ نَداهُ فَكَّنِي وانْتَشَانِي | مِنْ مِخْلَبيهِ وَمِنْ أَسَارِ قُيُودِهِ |
مَلِكٌ إذا حَدَّثْتَ عَنْ إحْسانِهِ | حَدَّثْتَ عَنْ مُبْدِي النَّدَى وَمُعيدِهِ |
سَادَ المُلُوكَ بِفَضْلِهِ وَبِنَفْسِهِ | والغُرَّ مِنْ آبائِهِ وجدُودهِ |
وإذا ترنَّمتِ الرُّواة ُ بمدحهِ | وثنائه اهتزَّتْ معاطفُ جوده |
لأَبِي المَعَالِي رَاحَة ٌ وَكَّافَة ٌ | كالغيثِ يومَ بروقِهِ ورُعُودهِ |
صبٌ بتحصيلِ الثَّناءِ وجمعهِ | كَلِفٌ بِبَذْلِ المَالِ أَوْ تَبْدِيدِهِ |
مَا زَالَ يَشْمُلُ حَاسِدِيهِ نَوَالُهُ | حَتَّى أَقَرَّ بِهِ لِسانُ حَسُودِهِ |
سَلْ عَفْوَهُ وَحُسَامُهُ في غِمدِهِ | وحذارِ ثُمَّ حَذارِ من تجرِيدهِ |
يَغْشَى الوَغَى مُتَلَفِّعاً بِرِدَائِهِ | ويَخُوضُهَا متسربلاً بحديدهِ |
فَتَرَى الشُّجَاعَ يَفِرُّ مِنْهُ مَهَابَة ً | والموتُ بينَ لُهاتِهِ ووريدهِ |
يَتَقَهْقَرُ الجَيْشُ اللهامُ مَخَافَة ً | مِنْهُ إذَا وَافَى أَمَامَ جُنُودِهِ |
وَتَعُودُ مُخْفقة َ الرَّجَاءِ عِدَاتُهُ | وقلوبهَا خفاقة ٌ كبنُودِهِ |
في مَعْرَكٍ إنْ كُسِّرت فيهِ القَنَا | وَصَلَ الحُسامُ رُكُوعَهُ بِسُجُودِهِ |
جَارَى الغَمَامَ فَفَاتَهُ بِنَوَالِهِ | كَرماً وَفاقَ كَثيرَهُ بِزَهِيدِهِ |
والدِّينُ أَثَّلهُ وشَادَ منارَهُ | حين اعتنى بحقوقِهِ وحُدودهِ |
والملكُ لمْ ينفكّ يُعملُ عَزمَهُ | في نصرِ ظاهرِهِ ونُصحِ سعيده |
إنَّ المَنَايَا والأَمَانِي لَمْ تَزَلْ | طَوْعاً لِسَابِقِ وَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ |
وأَرَى الحَيَاة َ لَذِيذَة ً بِحَيَاتِهِ | وأرى الوجودَ مشرَّفاً بوجودهِ |
هَاجَرْتُ نَحْوَ مُحَمدٍ لَمَّا رَأَيْـ | ـتُ العَالَمَ العُلْوِيَّ في تأْييدِهِ |
وثنيتُ أعناقَ القوافي نحوهُ | وَنَظَمْتُ دُرَّ مَدائِحِي في جِيدِهِ |
وَنَظَرْتُ نُورَ جَلاَلِهِ وَوَرَدْتُ بَحْـ | ـر نَوالِهِ ولبستُ وشيَ بُرُودِهِ |
وَمَلأْتُ عَيْنِي مِنْ مَحَاسِنه التي | ملأتْ عُيونَ عَدُوِّهِ وحَسُودِهِ |
وَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْ أَجلِّ زَمَانِهِ | قدراً وواحدِ عصرهِ وفريدهِ |
وأَفَدْتُ سَمْعِي مِنْ فُكَاهَة ِ مُمْتِع | الألفَاظِ مَقْبُولِ الكَلاَمِ مُفِيدِهِ |
فصدرتُ عنْ صدقاتِ مشكورِ النَدَى َ | والجُودِ مَشْكُورِ الفِعَالِ حَمِيدِهِ |
فلو أنني خُيَّرتُ منْ دهري المُنى | لاخْتَرْتُ طُولَ بَقَائِهِ وَخُلُودِهِ |
يا آلَ أيوبٍ جزيتُمْ صالِحاً | عَنْ مُحْسِنٍ مَدَحِ المُلُوكِ مُجيدهِ |
ونعمتمُ ما أفترّ عن ثغرِ الضُّحى | صُبْحٌ وَما فَضَحَ الدُّجَى بِعَمُودِهِ |
يا أيها الملكُ الذي حَازَ العُلى | فثنى عِنانَ الفكرِ عن تحدِيدِهِ |
أَمّا الزَّمانُ فأَنْتَ دُرَّة ُ عِقْدِهِ | وسنانُ صعدتِهِ وبيتُ قصيدهِ |
والشِّعْرُ أَنْتَ أَحَقُّ مَنْ يَهْتَزُّ عِنْـ | ـدَ سَماعِهِ وَيَمِيلُ عِنْدَ نَشيدِهِ |
فاسلمْ لِمُلكٍ بل لمجدِ أنتَ في | تأْسِيسِهِ والله في تأْييدِهِ |