أرشيف المقالات

أهمية علم الفروق الفقهية

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
أهمية علم الفروق الفقهية
 
إن علم الفروق الفقهية يبحث في أوجه الافتراق من المسائل الفقهية المتفقة؛ من حيث الصورة، أما علم القواعد الفقهية، فإنه يبحث في جمع المسائل المتشابهة من أبواب مختلفة تحت حكم واحد.
 
ومن الفروق الفقهية ما تتوقف معرفته على القواعد الفقهية؛ لأنها من مصادره، بخلاف القواعد الفقهية، فلا تتوقف معرفتها على علم الفروق.
 
والفروق الفقهية لا توصل إلى معرفة الأحكام؛ لأنها تبحث في المختلف في الحكم لا المتفق فيه، عكس القواعد فهي توصل إلى معرفة الأحكام خاصة إذا كان حكمها منصوصًا عليه.
 
والسبب في جمع العلماء لمسائل الفروق: كثرة المسائل المتشابهة المتحدة في صورها والمختلفة في أحكامها وعللها، وليس من السهولة الإحاطة بها، فشرع العلماء في التأليف لما لهذا الفن من فوائد جليل ومزايا نبيلة؛ منها:


♦ إن هذا العلم بكشفه عن الفروق بين المسائل يحقِّق وضوحًا في علل الأحكام، وما يعارض هذه العلل ويدفعها، فيمكن به إبراز محاسن الشريعة، وأسرارها، وحكمها، ومقاصدها، ومآخذها، والاطلاع على دقائق الفقه من خلاله، فهو يكشف عن الفروق بين المسائل المتشابهة في الصورة، مما يساعد على صحة القياس عند صحة الفرق، أو ضعفه في منعه.
♦ اهتمام الفقهاء بعلم الفروق الفقهية يدل على أن الشريعة لا تناقض فيها، وأن العقل يدرك مقاصدها، ويفهم الكثير من حكمها، وبذلك ينبني الاجتهاد على مراعاة المصالح، ويتوخى جلبها، ويعتمد على درء المفاسد وتجنبها؛ قال أبو محمد الجويني في مقدمة فروقه، مبينًا أهمية الفروق الفقهية: "فإن مسائل الشرع ربما تتشابه صورها، وتختلف أحكامها لعلل أوجبت اختلاف الأحكام، ولا يستغني أهل التحقيق عن الاطلاع على تلك العلل التي أوجبت افتراق ما افترق منها، واجتماع ما اجتمع منها".
♦ دراسة الفروق الفقهية تكسب الفقيه ملكة وذوقًا فقهيًّا يمكن معه الجمع بين المؤتلف في الحكم، والتفريق بين المختلف، والتمييز بين المسائل المتشابهة، وإدراك ما بينها من وجوه الاتفاق والافتراق، قال الزركشي في مقدمة القواعد: "الثاني (من أنواع الفقه): معرفة الجمع والفرق، وعليه جل مناظرات السلف، حتى قال بعضهم: الفقه جمع وفرق".
 
والتأليف فيه قد سبق التأليف في علم القواعد الفقهية، ولعل أول من ألف في هذا الفن هو أبو عبدالله محمد بن علي الحكيم الترمذي (255هـ) بعنوان: (الفروق في فروع الشافعية)، ثم الإمام أحمد بن عمر بن سريج الشافعي (306هـ) في كتابه الفروق، وهي أجوبة عن أسئلة متعلقة بمختصر المزني، ثم توالت المؤلفات في أوساط المذاهب الفقهية المشهورة[1].


[1] نظر: كشف الظنون 2 /1258، القواعد الفقهية للندوي 81، الفوائد الجنية للفاذاني، ص 98، علم الفروق الفقهية لعبدالله آل مبارك ص 3 وما بعدها.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١