ما أنت للكلف المشوق بصاحب
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ما أنتَ، للكَلِفِ المَشُوقِ، بصَاحِبِ، | فاذهَبْ على مَهَلٍ، فَليسَ بِذاهِبِ |
عَرَفَ الدّيارَ، وقد سَئِمنَ من البِلَى، | وَمَللْنَ مِنْ سُقيا السّحابِ الصّائبِ |
فأرَاكَ جَهْلَ الشّوْقِ بَينَ مَعالِمٍ | منهَا، وَجِدَّ الدّمعِ بَينَ مَلاعِبِ |
وَيَزِيدُهُ وَحْشاً تَقارُضُ وَحْشِهَا | وَصْلَينِ بَينَ أحِبّةٍ وَحَبَائِبِ |
تَرْعَى السّهُولَةَ، وَالحزُونُ يَقينَهَا | حَدّينِ: بين أظَافِرٍ وَمَخَالِبِ |
لَمْ يَمْشِ وَاشٍ بَيْنَهنّ، وَلا دَعا | بَيْناً لَهُنّ صَدَى الغُرَابِ النّاعِبِ |
مَا كانَ أحسَنَ هَذِهِ مِنْ وَقْفَةٍ، | لوْ كانَ ذاكَ السّرْبُ سِرْبَ كَوَاعبِ |
هَل كنتَ، لوْلا بَينُهمْ، مُتَوَهّماً | أنّ امْرَأً يُشجيهِ بَينُ مُحَارِبِ |
عَمرِي، لقد ظَلَمتْ ظَلومُ، ولم تَجُدْ، | لِمُعَذَّلٍ فيهَا، بوَعْدٍ كاذِبِ |
صَدّتْ مُجَانِبَةً، وَخَلّفني الهَوَى | عن هَجرِها فوصَلتُ غيرَ مُجَانِبِ |
وَإذا رَجَوْتُ ثَنَتْ رَجائيَ شَكتّةٌ | مِنْ عاتِبٍ في الحُبّ، غَيرِ مُعاتِبِ |
لوْ كانَ ذَنْبي غَيرَ حُبّكِ أنّهُ | ذَنْبي إلَيكِ، لكُنتُ أوّلَ تَائِبِ |
سأرُوضُ قَلبي، أوْ يروح مُباعِداً | لِمُبَاعِدٍ، وَمُقارِباً لمُقارِبِ |
فإذا رَأيْتُ الهَجرَ ضَرْبَةَ لازِبٍ | يَوْماً، رَأيتُ الصّبرَ ضَرْبةَ لازِبِ |
وَشَمَائِلِ الحَسَنِ بنِ وَهْبٍ، إنّها | في المَجدِ ذاتُ شَمائِلٍ وَجَنَائِبِ |
لِيُقَصّرَنّ لَجَاجُ شَوْقٍ غالب، | وَلْيُقْصَرَنّ لَجَاجُ دَمْعٍ سَاكِبِ |
فالعَزْمُ يَقْتُلُ كُلّ سُقْمٍ قَاتِلٍ، | وَالبُعْدُ يَغْلِبُ كُلّ وَجْدٍ غالِبِ |
ولَقَدْ بَعَثْتُ العِيسَ تَحمِلُ هِمّةً | أنضَتْ عَزَائمَ أرْكْبٍ وَرَكائِبِ |
يُشْرِقْنَ باللّيْلِ التّمَامِ، طَوَالِعاً | مِنْهُ على نَجْمِ العرَاقِ الثّاقِبِ |
يَمْتُتْنَ بالقُرْبَى إلَيْهِ، وعِندَه | فِعْلُ القَرِيبِ، وَهُنّ غَيرُ قَرَائِبِ |
وَإذا رَأيْتُ أبَا عَليٍّ، فَالعلا | لمَشَارِقٍ مِنْ سَيْبِهِ، وَمَغارِبِ |
يبْدُو، فَيعِربُ آخِرٌ عَنْ أوّلٍ | مِنْهُ، وَيُخبر شَاهدٌ عن غائِبِ |
بِطَرَائِقٍ كَطَرَائِقٍ، وخَلائِقٍ | كَخَلائِقٍ، وَضَرَائِبٍ كَضَرَائِبِ |
وَمَوَاهِبٍ كَعْبِيّةٍ وَهْبِيّةٍ | يُوجِبْنَ في الإفْضال فَوْقَ الوَاجبِ |
يَعْلُو على عَلَةٍ بِوَفْدِ أُبُوّةٍ، | يُتَوَهّمُونَ هُنَاكَ وَفْد َكَوَاكِبِ |
كَانُوا بذاكَ عُصَابَةً كَعَصَائِبٍ | في مَذحِجٍ، وَذُؤابَةً كَذَوَائِبِ |
وَأرَى التّكَرّمَ، في الرّجال، تَكَارُماً، | ما لمْ يَكُنْ بِمَنَاسِبٍ وَمَنَاصِبِ |
يَرْمي العَوَاذِلُ في النَّدى مِنْ جانِبٍ | عَنْهُ، وَيَرْمِيهِ النَّدَى مِنْ جانِبِ |
حتّى يَرُوحَ مُتَارِكاً كَمُعَارِكٍ | بجَميعِهِ، وَمُسالِماً كمُحارِبِ |
قَهَرَ الأُمُورَ بَديهَةً كَرَوِيّةٍ | مِنْ حازم، وَقَرِيحَةً كَتَجارِبِ |
كل الخُطوبُ، وَقد خَطَبنَ لِقاءَهُ، | فَرَجَعْنَ في إخفاقِ ظَنٍّ خَايِبِ |
هُتِكَتْ غَيَابَتُها بأبْيَضَ مَاجِدٍ، | فكَأنّمَا هُتِكَتْ بأبْيَضَ قَاضِبِ |
فَهْمٌ أرقُّ مِنَ الشّرَابِ، وَفِطْنَةٌ | رَدّتْ أقاصِي الغَيْبِ رَدَّ الهَارِبِ |
وَمَكَارِمٌ مَعْمُورَةٌ بِصَنَائِعٍ، | فَكَأنّهَا مَمْطُورَةٌ بسَحَائِبِ |
وَغَرَائِبٌ في الجُودِ، تَعْلَمُ أنّهَا | مِنْ عالِمٍ، أوْ شاعرٍ، أوْ كاتِبِ |
لله أنْتَ، وأنْتَ تُحرِزُ وَاهباً | سَبْقَينِ: سَبْقَ مَحاسِنٍ وَمَوَاهبِ |
في تَوْبَةٍ مِنْ تَائِبٍ، أوْ رَهْبَةٍ | مِنْ رَاهبٍ، أوْ رَغبَةٍ مِنْ رَاغبِ |
أعْطَيْتَ سَائِلَكَ المُحَسَّدَ سُؤلَهُ، | وَطَلَبْتَ بالمعرُوفِ غَيرَ الطّالِبِ |
عَلمتَني الطّلَبَ الشّرِيفَ، وَرُبّمَا | كُنتُ الوَضِيعَ مِنِ اتّضَاعِ مَطالبي |
وَأرَيْتَني أنّ السّؤالَ مَحَلّةٌ، | فيها اخْتِلافُ مَنَازِلٍ وَمَرَاتِبِ |
وَبَسَطْتَ لي قَبلَ النّوَالِ عِنَايَةً، | بَسَطَتْ مَسَافَةَ لحظَيَ المُتَقَارِبِ |
وعرَفْتُ وِدّكَ في شَيعَتي تعصب، | وَوُجُوهِ اخْوَاني وَعَطْفِ أقارِبي |
فَلَئِنْ شَكَرْتُكَ، إنّني لمُعَذَّرٌ | في وَاجِبٍ، وَمُقَصِّرٌ عَنْ وَاجِبِ |