تلك الديار ودارسات طلولها
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
تلكَ الدّيارُ، وَدارِساتُ طُلُولِها | طَوْعُ الخُطُوبِ دَقيقُها، وَجَليلُها |
مَتْرُوكَةٌ للرّيحِ، بَيْنَ جَنُوبِهَا | وَشَمالِها وَدَبُورِها وَقَبُولِها |
وَمِنَ الجَهَالَةِ أنْ تُعَنِّفَ باكِياً، | وَقَفَ الغَرَامُ بهِ عَلَى مَجْهُولِهَا |
إنّ الدّمُوعَ هي الصّبَابَةُ، فاطّرِحْ | بَعضَ الصّبَابَةِ تَستَرِحْ بِهُمُولِهَا |
وَلَقَدْ تَعَسّفْتُ الأُمُورَ، وَصَاحبي | حَزْمٌ يَلُفُّ حُزُونَهَا بسُهُولِهَا |
وَنَشَرْتُ أرْدِيَةَ الدّجَى، وَطَوَيْتُها، | والعِيسُ بَينَ وَجِيفِها وَذَميلِهَا |
شَامَتْ بُرُوقَ سَحَابَةٍ قُرَشيّةٍ، | غِرِقتْ صُرُوفُ الدّهرِ بينَ سُيُولِهَا |
وَفَتًى، يَمُدُّ يَداً إلى نَيْلِ العُلاَ، | فَكَأنّ مِصْرَ تُمِدُّهُ مِنْ نَيْلِهَا |
لا تَقْرُبُ الفَحْشَاءُ نادِيَهُ، وَلا | يأتي مِنَ الأخْلاقِ غَيرَ جَمِيلِهَا |
وإذا الأُمُورُ تَصَعّبَتْ شُبُهَاتُهَا، | سَبَقَتْ رِيَاضَتُهُ إلى تَذْلِيلِها |
عَرَفَ المَصَادِرَ، قَبلَ حينِ وُرُودِهَا، | وَمَوَاقِعَ البَدَهاتِ، قَبلَ حُلُولِها |
أفْنَى أبُو الحَسَنِ المَحَاسِنَ، كُلَّها | بخَلاَئِقٍ للقَطْرِ بَعْضُ شُكُولِهَا |
إنّ المَحَاسِنَ، يابْنَ عَمّ مُحَمّدٍ، | وَجَدَتْ فَعَالَكَ وَاقِفاً بِسَبِيلِهَا |
وإذا قُرَيْشٌ فاضَلَتْكَ فَضَلْتَهَا | بأبي خَلاَئِفِهَا، وَعَمِّ رَسُولِهَا |
وَكَوَاكِبٍ أشْرَقْنَ مِنْ أبْنَائِهِ، | لَوْلاَكَ قَدْ أفَلَ النّدَى بأُفُولِها |
عَبدُ المَلِيكِ، وَصَالِحٌ، وَعَلِيُّهُ، | وأبُوهُ خَيرُ شَبَابِهَا وَكُهُولِهَا |
رَفَعَتْهُمُ الآيَاتُ في تَنْزِيلِهَا، | وَقَضَتْ لَهُمْ بالفَضْلِ في تأوِيلِهَا |
أخَذُوا النّبُوّة والخِلاَفَةَ، فاْنثَنَوْا | بالمَكْرُمَاتِ كَثيرِهَا وَقَلِيلِها |
لَوْ سَارَتِ الأيّامُ في مَسعَاتِهَمْ | لِتَنَالَهَا، لَتَقَطّعَتْ في طُولِهَا |
وَهْيَ المَآثِرُ لَيْسَ يَبْني مِثْلَهَا | بَانٍ، وَلاَ يَسْمُو إلى تَحْوِيلِهَا |
يتَحَيّرُ الشّعَرَاءُ في تألِيفِهَا، | وَيُقَصّرُ العُظَمَاءُ عَنْ تأثِيلِهَا |
ولأنْتَ غَالِبُ غَالِبٍ، يَوْمَ النّدَى، | كَرَماً، وَوَاهِبُ رِفْدِهَا وَجَزِيلِهَا |
وَجَوادُها ابنُ جوادِهَا وَشَرِيفُها ابنُ شَرِيـ | ـفِها، وَنَبِيلُها ابنُ نَبِيلِهَا |
وإذا انشَعَبْتَ أخذتَ خَيرَ فُرُوعِها، | وإذا رَجَعْتَ أخَذْتَ خَيرَ أُصُولِهَا |