قد تبلغ الأنفسُ في ارتيادها
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
قد تبلغ الأنفسُ في ارتيادها | حصولَ ما تهواه من مرادها |
وقد تديم السعيَ في تتمة ِم | انتقاصها أو طلب ازديادها |
ففاتها ما اعتقدت حصوله | وجاءها ما ليس في اعتقادها |
وكلما قدّره الله لها | في قربها يجري وفي بعادها |
هذا ابنُ أمَّ المكرمات من غدا | يرفل في الفاخر من أبرادها |
جوادُها وهل بمضمار العلى | أسبقُ من «محمدٍ جوادها»؟ |
أنكر مسَّ الدهر من خشونة ٍ | لا يرقد الحرُّ على قَتادها |
فانساب مثل الأيم عن بلاده | ينتجعُ العزَّة في بلادها |
يطلبها بعين يقظانَ رأت | سهادَها أعذبَ من رقادها |
مقتعداً من الإباء صعبة ً | لا يقدر الدهر على اقتعادها |
حتى اصطفى من عزة ٍ دارَ عُلى | ترفع كفُّ المجد من عمادها |
فاحتلَّ منها في رباع شرفٍ | عادت نجوم الأفق من حسادها |
قد عقد النديَّ فيها للنهى | واصطنع العرفَ إلى قصّادها |
واستحلت الفرسُ له خلائقاً | أخلاقها المرة ُ من أضدادها |
فكان فيها كهلال فطرِها | وكلُّ يوم مرَّ من أعيادها |
أمّل أن يعودَ وهو رافة ٌ | بناعم العيش إلى بغدادها |
فعاد في نعشٍ حوى «صفيّة ً» | أعزَّ في عينيه من سوادها |
خلتُ أهنّيه على قدومه | لا أن أعزّيه على افتقادها |
وفيه في النادي لآل المصطفى | أقول قرَّت مقلتا أمجادها |
لا أنني أقول في مأتمها | صبراً وأين الصبرُ من فؤادها |
يا خجلة الأيام من "محمدِ" | "صالِحها" الزاجر عن فسادها |
قد صبغ العارُ لها وجوهَها | فلتستتر بفاضح اسودادها |
يا قصرتْ يدُ الليالي ما جنت | على أبي "المهديّ" في امتدادها |
أليس دأباً كفَّها مملوَّة ً | من كفِّه البيضاء في إرفادها |
مولى ً على الأرض تراه رحمة | عمَّت جميع الأرض بانفرادها |
أحيا ثراها وأمات جدبَها | بجوده، وكان من أوتادها |
مقتصدٌ يسرف في بذل الندى | حيث الورى تسرف باقتصادها |
كأنَّ من وقاره حبوتُه | تضمنُ منه الطودَ في انعقادها |
سدَّت لأهل الأرض فيه ثلمة | ما ظفرتْ لولاه بانسدادها |
خافتْ ولما التجأتْ لعزِّه | أقرّها والأرض في مهادها |
يُنمي إلى قبيلة المجد التي | طريفها يعربُ عن تلادها |
إن عدَّدت لمفخرٍ ودَّت بأن | تدخلُ زهر الشهب في عدادها |
تواترت عنها رواياتُ الندى | من ولدها تنقل في آحادها |
في كل ذي نفسٍ تزكَّت بالتقى | لا تعلق الآثامُ في أبرادها |
تديم ذكرَ الله، بل كاد لها | يقوم ما عاشت مقامَ زادها |
هذا أبو "المهدي"فانظر في الورى | هل كأبي "المهديّ" في عبادها؟ |
كأنَّ في جنبيه نفسَ ملكِ | تستنفد الأوقات في أورادها |
أتعبها في طاعة الله لكي | تفوزَ بالراحة في معادها |
حسبُك ما ترويه عن آبائها: | أن التقى والبرِّ في زهّادها |
بل كيف لا تثبت دعوى شرفٍ | "أبو الأمين" كان من أشهادها |
ندبٌ حياض الجود منه نعمة ٌ | تروي بها الوفدَ على احتشادها |
يزداد ورياً زندُ مكرماته | إن زادت الجدوب في أصلادها |
صلّى إلى العلياء خلفَ سابقٍ | كان هو النخبة من أمجادها |
ذاك أخوه وأبو النجب التي | قد أخذ الفخارَ في أعضادها |
منها الرضى للوفد حيث سخطت | من بخل أهل الأرض في ارتيادها |
محببُ الأخلاق محسود العُلى | دامت له العلياء مع حسّادها |
قد خلط البشرى لذي ودادها | بهائل السخط لذي أحقادها |
مثلَ البحار الفعم يروي عذبُها | ويغرق الجائشُ في إزبادها |
أو كالقطار السجم يُرجى برقُها | ويُرهب القاصفُ من إرعادها |
له الندى المورودُ عبّاً وندى | سواه مثلُ المصّ من ثمادها |
أزهرُ بسّام العشيِّ إن دجت | أوجهُ أقوام على قصّادها |
يلتمع السرورُ في جبينه | عند قِرى الأضياف وازديادها |
قد طاول الأنجمَ «هادي» مجده | حتى سما الكاهل من أفرادها |
واتقدت من فوقها أنوارها | حتى شكت إليه من إخمادها |
قد خلّف "المهديُّ" خير من مشى | في هذه الأرض على مهادها |
وقام في دار علاهُ حافظاً | له ذمامَ الجود في وفّادها |
وبعضهم كالنار لا يخلفها | منها سوى ما كان من رمادها |
أبلج لا يشبهه البدرُ لأن | تشينه الكلفة ُ في سوادها |
من فئة فيها الوقارُ والنهى | ساعة تستهلُّ في ميلادها |
«كمصطفى » الفخر وناهيك به | في شرف النفس وفي إرفادها |
جلَّ فلولا صغرُ النفس إذن | لقيل هذا مصطفى أجدادها |
مَن مثله وأين تلقى مثله؟ | يا رائد المعروف في أجوادها |
هذا الذي قد وجدت عفاتُه | برد الندى منه على أكبادها |
وعن حسينٍ جودُه تحدَّثت | تحدّثَ الروضة عن عهادها |
كالغيث في دنوه، والبدر في | علوِّه والشمس في اتقادها |
بل في "أمين" الحلم نفسُ "كاظمٍ" | للغيظ مما ساء من حسّادها |
"جعفرُ" فضلِ و"الجواد" جعفرُ" الـ | ـفضل وذا حسبُك من تعدادها |
قد ولدت أمُّ المعالي غيرَها | لكن هي الصفوة ُ من أولادها |
تهوى السما أن تغتدي فراشها | والشهبُ أن تكون من وسادها |
حيث أبو «المهديّ» قد رشَّحها | للفخر والسؤدد من ميلادها |
يا فئة ً أحلامها ما زحزحت | راجفة الخطوب من أطوادها |
إليكموها غرراً وإن تكن | بدت من الأحزان في سوادها |
وسمتها بمدحكم فأقبلت | سماتها تنيرُ في أجيادها |
بلطفها من القوافي نزلت | منزلة الأرواح من أجسادها |
جاءتك ثكلى غير مستأجرة ٍ | تستقصر «الخنساء» في إنشادها |
لو رددت نوحاً «لصخرٍ» لأرت | كيف انفطارُ الصخر في تردادها |
ناحت فأبكت شجناً عينَ العُلى | بأدمعٍ تذوب من فؤادها |
ثم دعت لا طرقت ربعَكمُ | إلا المسرّات مدى آبادها |
ولا وعى غيرَ التهاني سمعُكم | أو مدحاً تطرب في انشادها |
ومنكم لا برحت آهلة | عرينة ُ العزَّة في آسادها |