لحى الله دهراً لو يميل إلى العُتبى
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لحى الله دهراً لو يميل إلى العُتبى | لأوسعتُ بعد اليوم مسمعه عَتبا |
ولكنه والشرُّ حشو إهابه | على شغبه إن قلتُ مهلاً يزدْ شغبا |
له السوءُ لم يُلبس أخا الفضل نعمة ً | يسرُّ بها إلا أعدَّ لها السلبا |
على الحرّ ملآنٌ من الضغن قلبه | فبالهمّ منه لم يزلْ ينحت القلبا |
يطلُّ عليه كل يوم وليلة ٍ | بقارعة ٍ من صرفه تقلع الهضبا |
كأنَّ كرامَ الناس في حلقه شجاً | وإلا قذى ً يُدمي لناظره غربا |
فيلفظهم كيما يسيغَ شرابه | وتطبقُ عيناه على هدبه الهدبا |
وحاربهم من غير ذنبٍ لنقصه | فلست أرى غيرَ الكمال له ذنبا |
كأنَّ له يا أعدم الله ظلَّه | لديهم تراثاً فهو لا يبرح الحربا |
وأصعبُ حربِ منه يومَ صروفُه | من الشرف السامي ارتقت مرتقى ً صعبا |
تخطَّت حمى العلياء حتى انتهت به | إلى حرمٍ للخطب يشعره رُعبا |
فما نهنهت دون الوقوف على خباً | ضر بن المعالي فوق رتبته حجيا |
ولا صدرت إلا بنفسٍ نجيبة ٍ | عليها مدى الدهر العلى صرخت غضبى |
وهوَّن فقدان النساء مؤنَّب | يعيب الأسى لو شئت أو سمعته ثلبا |
وهوَّن فقدان الرجال وعنده | على زعمه فيما يرى هوَّن الخطبا |
وما كلُّ فقدان النساء بهيِّن | ولا كلُّ فقدان الرجال يُرى صعبا |
فكم ذات خدرٍ كان أولى بها البقَا | وكم رجل أولى بأن يسكن التربا |
وغير ملومٍ من يبيتُ لفقده | كريمته يستشعر الحزنَ والندبا |
فكم من أبٍ زانته عفة ُ بنته | وكم ولدٍ قد شانَ والدَه الندبا |
فساقت بمأثور الحديث له الثنا | وساق بمأثور الملام له السبّا |
بل الخطب فقدُ الأنجبين، ومن له | بذلك؟ لولا أنها تلد النجبا |
وربّة ُ نسكٍ بضعة ٌ من محمدٍ | مضت ما زهت يوماً ولا اتخذت تربا |
غداة قضى عن أهلها الدهر بعدها | وأوحشها من لا ترى من ذوي القربى |
وأخرجها من عالم الكون مثلما | له دخلت، لم تقترف أبداً ذنبا |
أحبَّ إلهُ العالمين جوارها | له فقضى بالموت منه لها قربا |
حليفة ُ زهدٍ ما تصدَّت لزينة ٍ | ولا عرفتْ في الدهر لهواً ولا لعبا |
وخبأها فرط الحياء فلم تكن | تصافحُ وجهَ الأرض أذيالها سحبا |
فلو أنَّ عين الشمس تقسمُ أنها | لها ما رأت شخصاً لما حلفت كذبا |
وغيرَ حجاب الخدر والقبر ما رأتْ | ولا شاهدت شرقاً لدنيا ولا غربا |
فلم تُدر إلا بالسماع حياتُها | وجاء سماعاً أنها قضت النحبا |
وأما هي العنقاء قلتَ فصادقٌ | ولكن مقام الاحترام لها يأبي |
وما هي إلا بضعة ٌ منمحمدٍ | أجلُّ بني الدنيا وأعلاهم كعبا |
وأرحبهم بيتاً، وأوسعهم قرى ً | وأطولهم باعاً وأرجحهم لبّا |
رطيب ثرى ً منه تحيِّ وفودهُ | محيّاً بأنداء الحيا لم يزل رطبا |
وتلمسُ منه أنملاً هنَّ للندى | سحائب فيها علِّم المطرُ السحبا |
ولو نُسبتْ شهبُ السماء بأنها | بنوه إذن تاهتْ بنسبتها عجبا |
غدا مركزاً للفضل ما لفضيلة ٍ | جى فلكٌ إلا وكان له قطبا |
له حبَّبتْ كسبَ الثناء سجيّة ٌ | بها وهو طفلٌ نفسه شغفت حبّا |
وأحرزها عبدُ الكريم شقيقه | فأصبح في كسب الثنا مغرماً صبّا |
على أنه البحرُ المحيط وولده | جداول جودٍ كان موردُها عذبا |
رضا الفخر هادى المكرمات ومصطفى | جميع بني العلياء ندبٌ حكى ندبا |
غطارفة ٌ زهرُ الوجوه لو أنهم | بها قابلو أشهب السما أطفأ الشهبا |
بني المصطفى أنتم معادن للتقى | وأرجح أرباب النهى والحجى لبا |
رقى صبركم أفعى الخطوب فلم تكن | لتضجركم يوماً ولو أوجعت لسبا |
فلا طرقتكم نكبة ٌ بعد هذه | ولا ساور التبريحُ يوماً لكم قلبا |