بنى العشق ما أحلى إلى كل عاشقٍ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
بنى العشق ما أحلى إلى كل عاشقٍ | طِلاً لمشوقِ زفها كفُّ شائق |
ولم أرَ في الأحشاء ألطفَ موقعاً | وأرشقَ من نبل العيون الرواشق |
وأغرق أهلُ الحب في الحب مهجة ً | بكل غريرٍ في المحاسن فائق |
أظنَّهم حتى على لحظ عينه | بما احمرَّ من وردٍ بخديه رائق |
وما العمرُ عندي كلُّمه غير ليلة ٍ | يبيت رهيفُ الخصر فيها معانقي |
ترفُّ على صدري خوافقُ فرعه | رفيفَ حشاً مني على الشوق خافق |
كأنَّ الثريّا طوقته هلالها | ومن حسدٍ مدّتْ له كفَ سارق |
من الريم لم يألفْ سوى الرمل ملعباً | ولم يرتبعْ إلا بإحناء بارق |
ونشوانَ من مشمولة الدلّ قدُّه | أرقُّ من الغصن انعطافاً لوامق |
مورّدُ ما بين العذارين زارني | فنزَّه أحداقي بلون الحدائق |
وقلتُ وقد أرخى على الخد صدغه | لقد سلسلَ الريحان فوق الشقائق |
أقبلُ طوراً ورد خديه ناشقاً | عبيرَ شذى ً ما شقَ عرنين ناشق |
وألثمُ طوراً ثغره العذبَ راشفاً | سلافة خمرٍ لم تدنسْ بذائق |
خلوتُ وما بي ريبة ٌ غير نظرة ٍ | تزوَّدتها منه بعيني مُسارق |
وراودته لكنْ من الثغر قبلة ً | ألذَّ وأشهى من غبوقٍ لغابق |
وأعرضتُ عما دون عقد أزاره | عفافاً وقد زالتْ جميع العوائق |
وحسبُكَ منّى شيمة ً قد ورثتُها | من الغالبين الكرام المعارق |
خليليَّ ما للكأس كفّى ولا فمي | ولا كبدي للناهدات العواتق |
نسيتُ وما بي يعلم الله صبوة ٌ | ولا اجتذبتْ أحشاي بعض العلائق |
عشقتُ ولكن غيرَ جارية المها | وما العيشُ إلا للمعالي بلائق |
خذا من لساني ما يروقُ ذوى النهى | ويترك أهلَ النظم خرس الشقاشق |
مديحاً لة تجلو مفارقُها العلى | وسلمانُ منها غرة ٌ في المفارق |
وقورٌ على الأحداث لا تستخفه | إذا طرقتْ في الدهر إحدى السوابق |
ومنَ كعلى ّ القدر كان أبَا له | يزنْ بحجاهُ راسيات الشواهق |
نقيبُ بني الأشراف أعلى كرامهم | عماداً وأسناهم فناءً لطارق |
فما قلبّتْ أمُّ النقابة قبله | ولا بعده في مثله طرفَ رامق |
فتى ً إن سرى يوماً لإحراز مفخرٍ | فليس له غير العلى من مرافق |
لقد غدت الدنيا عليه جميعُها | مغاربها تُثني ثناءَ المشارق |
تطرَّقَ أمَّ المجد في بيت سؤددٍ | يطلّلُ عزاً بالبنود الخوافق |
فانجبَ من سلمان وهو ذكا العلى | ببدر نهى ً ظلام الغواسق |
همامٌ نمته دوحة ٌ نبوية | إلى مثمرِ في المجد منها ووارق |
له النسبُ الوضّاح في جبهة العلى | مع الحسب السامي جميع الخلائق |
يعدُّ رسول الله فخراً لمجده | وحسبك مجداً في الذرى والشواهق |
تضوعُ بعطفيه السيادة مثلما | تضوَّع عرف المسك طيباً لناشق |
به اقتدحتْ زند النجابة هاشمٌ | ففي وجهه من نورها لمعُ بارق |
سما في المعالي طالباً قدرَ نفسه | إلى شرفٍ فوق الكواكب باسق |
وفاتَ جميعَ السابقين إلى العلى | فقصّر عن إدراكه كلُّ سابق |
وقالوا: رويداً حكَّ عاتقكَ السهى | فقال: وما قدرُ السهى حكُّ عاتقي |
تمنطقَ طفلاً بالرياسة واحتذى | بأخمصها تيجان أهل المناطق |
إليكم ملوكَ الأرض عن ذي سرادقِ | تجمّعت الدنيا به في السرادق |
تقبّل أهلُ الفخر أعتابَ داره | فيأرج منها طيبُها في المفارق |
فداء مفاتيح الندى من بنانه | أكفٌّ على أموالها كالمغالق |
تعلل راجيها إذا اسودَّ ليله | بكاذب وعدٍ فجرهُ غير صادق |
نديُّ بنان الكف في كل شتوة ٍ | يجفُّ بها ضرع الغيوم الدوافق |
فحين تشيمُ المجدبون بوارقا | تمنَّوا نداه غيث تلك البوارق |
وضيءُ المجال والمعالي كليهما | وعذبُ السجايا والندى والخلائق |
أخفُّ على الأرواح طبعاً من الهوى | ولكنَّه في الحلم هضبة شاهق |
فما طلعة ُ البدر المنير مضيئة | كطلعته الغراء في كل غاسق |
مهيبٌ فلولا ما به من تكرُّمِ | لما لمحته هيبة ً عينُ رامق |
فما هيبة ُ الضرغام دون عرينه | كهيبته القعساء دون السرادق |
لقد كتب اللهُ الفخارَ له على | لواء عُلى ً في الغرب والشرق خافق |
تضايقت الدنيا ببعض فخاره | على أنه فرّاجُ كل المضايق |
يضيع فضاءُ الأرض في رحب صدره | إذا هي غصتْ في الخطوب الطوارق |
من الفاطميين الذين تراضعتْ | قناهم طلى الأعداء في كل مازق |
همُ توجوا هامَ الملوك بيضهم | وداسوا على انماطهم بالسوابق |
إذا نزلوا كانوا ربيعَ بني المنى | وإن ركبوا كانوا حماة َ الحقائق |
تعانق فوق الخيل عالية ُ القنا | عناقَ سواها الغيد فوق النمارق |
هم القومُ ما للشيخ منهم لكهلهم | وما منهم في كهلهم للمراهق |
وهذا ابنهم سلمانُ والفرع طيبه | يجيءُ على مقدار طيب المعارق |
إذا مسحتْ منه العلى وجهَ سابق | جلتْ من أبي محمود غرّة لاحق |
فتى ً علمه يحكى غزارة جوده | وما علمُ قومٍ غير محض التشادق |
وقد قوّمت منه الإصابة رأيه | فكان لفتق الدهر أحزم راتق |
ومنطيقُ فصل لو يشاء لسانه | لفلَّ حدودَ الفاصلات البوارق |
يحاكى بقطع الخصم أسياف قومه | فيمضى مضاها في الطلى والمرافق |
ويطعنه في قلبه بنوافذٍ | نفوذَ قناهم في قلوب الفيالق |
أبا المصطفى أرغمت أنتَ وذو النهى | شقيقك في العلياء شمَّ المناشق |
لقد زنتما جيد العلى من بينكما | بسمطى فريدٍ في العلى متناسق |
فيا قمراً سارت بذكرْ علائه | نجومُ القوافي في سماء المهارق |
إليكَ تعدتْ فكرتي كلَ فكرة ٍ | لما لم يكنْ فيه مجالُ محاذق |
فجاءتْ من القول الذي انفردتْ به | بآيات نظمٍ أفحمتْ كل ناطق |
سلمتَ على الدنيا وفخرُك مشرقٌ | يضيءُ ضياءَ الشمس في كل شارق |
لك الدهر عيدٌ لا يرى المجدُ عتقه | ولا هو يلوى عنكمُ جيدَ آبق |