حدرت بأطراف البنان نقابَها
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
حدرت بأطراف البنان نقابَها | مرحاً فأخجل حسنُها أترابَها |
وجلت غداة تبسَّمتْ عن واضحٍ | تستعذبُ العشاقُ فيه عذابها |
قتالة َ اللحظات، فهي إذا رنت | وَجد المشوقُ سهامها أهدابها |
من حور عدن أقبلت لكنَّها | لم يحك مختومُ الرحيق رضابها |
سارقتها النظَر المريب بمقلة ٍ | لم تقض من لمحاتها آرابها |
فرأيتُ في تلك الغلائل طفلة ً | لم تدرِ إلا عطرها وخضابَها |
ولقد دعوتُ وما دعوتُ مجيبة ً | ودعَتْ بقلبي للهدى فأجابها |
أعقيلة َ الحَييّن شقتُ فنوِّلى | كبداً هوتك فكابدتْ أوصابها |
ما دمية ُ المحراب أنتِ بل التي | تُنسين نُسّاك الورى محرابها |
وأسرُّ ما ضمَّ الضجيعُ غريرة َ | لبست شبابك لا نزعتَ شبابها |
يا هل سبتْكَ بلحنها ابنة نشوة ٍ | إن تشدُ رقَّصت الكؤوس حبابها |
بعثتْ حديث عبيرها لكَ في الصَبا | فأرقَّ أنفاس الصَبا وأطابها |
طربتْ لوصلك فاصطفتْ لك دّلها | وأتتك تغربُ في الهوى إغرابها |
وحبتكَ ما خلفَ النقاب وإنها | لمراشفٌ حدر الهلال نقابها |
حدَرَته عن قمرٍ يودُّ رقيبه | لو أنها استغشت عليه ثيابها |
فارشفْ أغرَّ كأنَّ ناسقَ دُره | فيه تناول شهدة َ فأذابها |
وانشق معطَّرة الثرى بمطارفٍ | خطرتْ تجرُّ على الثرى هُدَّابها |
نضتْ الحجاب ولو عليها أسبلتْ | تلك الفروعَ إذاً أعدنَ حجابها |
هتكتْ أشعة ُ نورها ستر الدجى | وجلونَ من تلك الفجاج ضبابها |
فكأنَّ ليلة وصلها زنجية ٌ | حنقتْ عليكَ فمزقت جلبابها |
وكأنَّ أنجمها الثواقب في الدجى | حدقٌ تراقب في الحجالِ كِعابها |
تحكى -وقد قلقت- أميمة عندما | وصفتْ لعينكَ قرطها وحقابها |
لا بل حكتْ ـ قلقاً ـ قلوب معاشرٍ | ضِمنَ النقيبُ بعزِّه إرهابها |
وأرى السهى خفيت خفاءَ عِداته | لحقارة ٍ حتى على مَن هابها |
خفَّت مراسيلُ الثناء بمُثقِلٍ | في شكر أنعمه الثقال رقابها |
لمقلَّمِ ظفرَ الخطوب بنجدة ٍ | قلقتْ لأفواه النوائب نابَها |
ملكٍ إذا استنهضته نهضتْ به | هممٌ تدكُّ على السهول هضابها |
وإذا الحميَّة ألبستهُ حفيظة ً | نزعتْ لخيفته الضراغمُ غلبها |
فإذا المطالبُ دون قصدكَ ارتُجتْ | فاقرعْ بهمته، ـ وحسبك ـ بابها |
رضع المكارمَ ناشئاً في حجرها | وكفى العظائمَ واطئاً أعقابها |
فوقاءُ طلعته الكريمة أوجهٌ | جعَلتْ عن الوفد القطوب حجابها |
وفداءُ أنمله النديَّة أنملٌ | لم تندَ لو قرض القريض إهابها |
ما زال يبتدىء المكارم غضَّة ً | حتى على الدنيا أعاد شبابها |
أبنى الزمان وراءكم عن غاية ٍ | ما فيكم من يستطيعُ طلابها |
كم تجذبون مطارفَ الفخر التي | نسجتْ لسيد هاشمٍ فاجتابها |
الله جلبه الرياسة فيكمُ | أفعنه ينزع غيرُه جلبابها؟ |
فدعوا له صدر الوسادة واقعدوا | قاصين عنها، لستمُ أربابها |
للفاطميّ القادري ومَن له | حسبٌ من الأحساب كان لبابها |
تنميه من علياء هاشم اُسرة ٌ | وصل الإله بعرشه أنسابها |
أنتَ الذي ورث السيادة عن أبٍ | ورث النبوة َ: وحيَها وكتابها |
أقررتَ أعين غالبٍ تحت الثرى | وسررت ثمّ قصيها وكلابها |
كانت مقلدَة ً رقابَ مضاربٍ | منها تعلّمت السيوفُ ضِرابها |
واليوم لو شهدتْ لسانك لا نتضتْ | منه بكل وقيعة ٍ قرضابها |
وأرى النقابة منكَ لابن سمائها | ضرب الإله على النجوم قبابها |
وأحلَّك الدار التي لجلالها | عنت الملوك وقبَّلت أعتابها |
دارٌ تمنّى النيراتُ لو أنها | لثمت بأجفان العيون ترابها |
هي منتدى شرفٍ من الدار التي | كانت ملائكة السما حجّابها |
حزتم بنى النبأ العظيم مآثراً | حتى الملائك لا تطيق حسابها |
فيمن تفاخر والورى بأكفكم | جعل الإله ثوابها وعقابَها |
كنتم على أُولى الزمان رؤوسها | شرقاً وكان سواكُم أذنابها |
ولهاشمٍ في كل عصرٍ سيدٌ | يجدونه لصدوعهم رءابها |
واليومَ أنت وحسبهم بك سيداً | لهم تروض من الأمور صعابها |
فحدْت قوافي الشعر باسمك مذلها | راضت خلائقك الحسان صعابها |
ولقد رأيتك في المكارم مسهباً | فأطلنَ عندك في الثنا إسهابها |
فطرحنَ في أفناء مجدك ثقلها | ونضونَ عن أنضائهن حقابها |
وأطفن منك بجنب أكرم من رعى | لبنى أرومة مجده أنسابها |
يطلبن منك عناية نسمو بها | حتى نطاول في العلى أربابها |
فإذا بمن لكَ تصطفيه خلطتنا | كنا لدائرة العلى أقطابها |
ونرى لكَ الدنيا بعزِّك أعتبتْ | من بعدما كنا نملُّ عتابها |
يا من له انتهت العلى من هاشمٍ | قد سُدتَ هاشم شيبها وشبابها |
فاضرب خيامك في الذرى من مجدها | واعقد بناصية السهى أطنابها |