أجل لم يكن في ساحة ِ الأرضِ فاعلمن
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أجل لم يكن في ساحة ِ الأرضِ فاعلمن | لسارٍ حمى ً إلاّ ببيتينِ في الزمن |
ببيتٍ بناهُ اللهُ أمناً مِن المِحن | «وبيتٍ على ظهرِ الفلاة ِ بناهُ مَن |
له همَّة ٌ مِن ساحة ِ الكونِ أوسَعُ " | |
ألا ربَّ قفرٍ قد قطعنا فضاءَه | بيومٍ وَصلنا في الصباحِ مساءَه |
ولمَّا علينا الليلُ مدَّ رِداءه | «نزلنا به والغيثُ يُسكِبُ ماءَه |
كأَن قطرُه من سيبِ كفّيه يهمَعُ» | |
كأَنَّ النُعامى حين وافت بقُطرِه | لنا حَملت من خُلقِه طيب نَشرِه |
فما قطرُه إلاّ تتابعَ وفره | "وما برقُه إلاّ تبسَّم ثغرِه |
لوفّادِه من جانبِ الكرخِ يلمعُ» | |
فبُوركَ بيتاً فيهِ كان احتجابُنا | عن السوءِ مذ أمسى إليه انقلابُنا |
به أَمِنت حصبَ الرياح رِكابُنا | "ومنه وقتنا أن تُبلَّ ثيابُنا |
مقاصر من شأوِ الكواكب أرفعُ» | |
مقاصرُ بتنا مِن حماها بجُنَّة ٍ | وقينا الأذى من حفظِها بمَجنَّة ٍ |
غدت مجمعَ السارِين إنسٍ وجنّة ٍ | «ولم يُر في الدنيا مقاصرُ جنّة ٍ |
لشملِ بني الدنيا سواهنَّ تجمَعُ» | |
فوحشتُنا زالت بانسِ رحابها | عشيّة َ بتنا في نعيمِ جنابها |
إلى أن نَسينا السيرَ تحتَ قُبلها | "كأنّا حلولٌ في منازلنا بها |
ولم تتضمَّنا مهامِهُ بلقعُ " | |
بنا أدلجت تطوي المهامهَ عيسُنا | إلى أن بأيدي السيرِ دارت كؤوسنا |
فمالت نشاوَى نحوَهنَّ رؤوسنا | "وبتنا بها حتى تمنَّت نفوسنا |
نُقيمُ بها ما دامتِ الشمسُ تَطلعُ» | |
ومُذ كانَ فيها بالسرورِ مبيتُنا | بحيثُ ثمارُ البشرِ والأُنس قُوتُنا |
رأينا الهنا في ظلِّها لا يفوتنا | وعنها وإن عزَّت علينا بيوتُنا |
وددنا إلى أكنافِها ليسَ نرجِعُ | |
فلا عجبٌ إن تغدُ صُبحاً وعُتمة ً | بها الوفدُ من كلِّ الجهاتِ مُلمَّة ً |
وتُمسي لهم بالخوفِ أمناً وعِصمة ً | ففيها أبو المهديِّ أسبغَ نعمة ً |
على الناسِ فيها طُوِّقَ الناسُ أجمعُ | |
أعزُّ الورى أضحى لديها أذلهّا | وأفضلُهم ما زالَ يَشكرُ فَضلَها |
وكيفَ يُبارى العالَمون أقلَّها | وأغناهُمُ قد كان مفتقراً لها |
كمن مسّه فقرٌ مِن الدهرِ مُدقِعُ | |
بها عمّ أهل الأرضِ دانٍ وشاسِعا | وفيها لكلِّ الخيرِ أصبحَ جامعا |
وليسَ لهذي وحدَها كانَ صانِعا | له اللهُ كم أسدى سواها صنايعا |
بأمثالها سمعُ الورى ليسَ يُقرَعُ | |
فللخلقِ أبوابُ السماحة ِ فُتِّحت | بها وسيولُ الأرضِ منها تبطَّحت |
ومنها أزاهيرُ الرياضِ تَفتَّحت | "وقد عَجزت عنها الملوكُ فأصبحت |
لعزَّته بين الخلائقِ تخضَعُ " | |
لقد غمرَ الدُنيا معاً بسخائِه | فكانت لِساناً ناطقاً بثنائِه |
وأدَّبَ صَرَفَ الدهرِ بعد اعتدائه | «فلا برِحت في الكونِ شمس عَلائه |
بأُفقِ سَماءِ المجدِ بالفخرِ تَسطَعُ» |