قليل لها أني بها مغرم صب
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
قَليلٌ لهَا أنّي بِهَا مُغرَمٌ صَبُّ | وَإن لم يُقارِفْ غيرَ وَجدٍ بها القَلْبُ |
بذَلتُ الرّضَا حتّى تَصَرّمَ سُخطُها، | وَللمُتَجَنّي، بَعدَ إرْضَائِه، عَتْبُ |
وَلمْ أرَ مثلَ الحُبّ صَادَ غُرُورُهُ | لَبيبَ الرّجالِ، بَعدَ ما اختُبرَ الحُبُّ |
وَإنّي لأشْتَاقُ الخَيَالَ وأُكْثِرُ الـ | ـزّيَارَةَ مِنْ طَيْفٍ، زِيارَتُهُ غِبُّ |
ومِنْ أينَ أصْبُو بَعدَ شَيبي، وبَعدَما | تألّى الخَليُّ، أنّ ذا الشَّيبَ لا يَصْبُو |
أسَالِبَتي حُسْنَ الأسى، ومُخيفَتي | على جَلَدي تِلكَ الصّرَائمُ وَالكُثبُ |
رَضِيتُ اتّحادي بالغَرَامِ، ولَمْ أُرِدْ | إلى وَقْفَتي في الدّارِ أنْ يقِفَ الرّكبُ |
وَلَوْ كنتُ ذا صَحْبٍ عَشِيّةَ عَزّني | تَحَدُّرُ دَمعِ العَينِ، عنّفني الصّحبُ |
لقَد قَطَعَ الوَاشِي بتَلفيقِ ما وَشَى | منَ القَوْلِ، ما لا يقطعُ الصّارِمُ العَضْبُ |
فأصْبَحتُ في بَغدادَ لا الظّلّ وَاسعٌ؛ | وَلا العَيشُ ظِلٌّ غض غُضَارَتهِ، رَطبُ |
أأمْدَحُ عُمّالَ الطْساسيجِ رَاغِباً | إلَيهمْ وَلي بالشّام مُستَمتَعٌ رَغْبُ |
فأيْهاتِ مِنْ رَكْبٍ يُؤدّي رِسَالَةً | إلى الشّامِ، إلاّ أنْ تُحَمَّلَها الكُتبُ |
وعِندَ أبي العَبّاسِ، لَوْ كانَ دَانِياً، | نَوَاحي الفِناءِ السّهلِ وَالكنَفُ الرّحبُ |
وَكَانَتْ بَلاءً نِيّتي عَنْهُ، وَالغِنى | غِنى الدّهرِ، أدْنَى ما يُنَوَّلُ أوْ يحبو |
وَذو أُهَبٍ للحَادِثَاتِ بِمِثْلِها | يُزَالُ الطخى عَنّا وَيُستَدفعُ الكَرْبُ |
سُيوفٌ لها في عُمرِ كلّ عِدًى رَدًى، | وَخَيلٌ لها في دارِ كلّ عِدًى نَهبُ |
علَتْ فوْقَ بَغرَاسٍ، فضَاقتْ بما جنتْ | صُدورُ رِجالٍ، حينَ ضَاقَ بها الدّرْبُ |
وَثَابَ إلَيْهِمْ رَأيُهُمْ، فَتَبَيّنُوا، | على حينِ حال، أنّ مَرْكبَهم صَعبُ |
وكانوا ثمود الحجر حق عليهم | وقوع العذاب والخصي لهم سقب |
تَحَنّى عَلَيْهِمْ، وَالمَوارِدُ سَهلَةٌ، | وَأفرَجَ عَنهُمْ بعدَما أعضَلَ الخَطبُ |
ولو حضرته أنثياه استقلتا | إلى كليتيه حين أزعجه الرعب |
فَما هُوَ إلاّ العَفْوُ عَمّتْ سَمَاؤهُ، | أوِ السّيفُ عُرْيانَ المَضَارِبِ، لا يَنبُو |
وَما شَكّ قَوْمٌ أوْقَدوا نَارَ فِتْنَةٍ، | وَسرْتَ إليهمْ، أنّ نارَهُمُ تَخبُو |
كأنّ لمْ يَرَوْا سيما الطّوِيلِ وَجَمعَهُ، | وَما فَعَلَتْ فيهِ، وَفي جَمعِهِ الحرْبُ |
وخَارِجَ بَابِ البَحرِ أُسْدُ خفية، | وَقد سدّ قُطرَيهِ، على الغَنَمِ، الزَّرْبُ |
تَحَيّرَ في أمْرَيْهِ، ثُمّ تَحَبّبَتْ | إلَيهِ الحَياةُ، ماؤها عَلَلٌ سَكْبُ |
وَقد غَلُظَتْ دونَ النّجاةِ التي ابتَغى | رِقابُ رِجالٍ، دونَ ما مُنعَتْ غُلبُ |
تكَرّهَ طَعمَ الموت والسّيفِ آخِذٌ | مُخَنَّقَ لَيثِ الحَرْبِ حاصَلهُ كَلبُ |
وَلوْ كانَ حْرّ النْفسِ، والعيشُ مُدبرٌ، | لمَاتَ، وَطَعمُ المَوْتِ، في فمهِ، عَذْبُ |
وَلَوْ لَمْ يُحَاجِزْ لُؤلُؤٌ بِفِرَارِهِ، | لَكانَ لصَدْرِ الرّمحِ في لؤلوءٍ ثَقبُ |
تَخَطّأ عَرْضَ الأرْضِ، رَاكبَ وَجهه، | ليَمنَعَ منهُ البُعدُ ما يَبذُلُ القُرْبُ |
يحبُ البِلادَ وَهيَ شَرْقٌ لشَخصِهِ، | ويُذْعَرُ مِنها وَهيَ منْ فَوْقهِ غَرْبُ |
إذا صار سهبا عاد ظهراً عدوه | وكان الصديق غدوة ذلك السهب |
مَخاذيلُ لمْ يَسْتُرْ فَضَائحَ عجزهِمْ | وفَاءٌ، وَلمْ يَنْهَضْ بغِدْرِهِم شغبُ |
أخافُ كأنّي حامِلٌ وِزْرَ بَعضِهِمْ | منَ الذّنْبِ، أوْ أنّي لبَعضِهِم إلْبُ |
ومَا كانَ لي ذَنْبٌ، فأخشَى جَزَاءَهُ، | وَعَفوُكَ مَرْجُوٌّ، ولوْ كانَ لي ذَنْبُ |