لو كان يعتب هاجر في واصل
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لَوْ كَانَ يُعْتَبُ هاجرٌ في وَاصِلِ، | أوْ يُسْتَفَادُ لمُغْرَمٍ مِنْ ذاهِلِ |
لحرِجتُ مِنْ وَشَلٍ بعَيني سافِحٍ، | وَجَنَفْتَ مِنْ خَبَلٍ بقَلبي خَابِلِ |
إمّا فَزِعتُ إلى السُّلُوّ، فإنّني | مِنْ حُبّكُمْ بإزَاءِ شُغْلٍ شاغِلِ |
وَلَقَدْ خلَعتُ لكِ العِذَارَ، فلَمْ أكنْ | مُحظَى الوُشاةِ، وَلاَ مُطَاعَ العاذِلِ |
وَلئنْ أقَمتِ بذي الأرَاكِ فبَعدَما ما اسْـ | ـتَعْلَقتِ من كَمَدٍ فُؤَادَ الرّاحِلِ |
ماذا على الأيّامِ لَوْ سَمَحَتْ لَنَا | بِثُوَاءِ أيّامٍ، لَدَيْكِ، قَلاَئِلِ |
فأوَيتِ للقَلْبِ المُعَنّى، المُبْتَلَى | بهَوَاكِ والبَدَنِ الضّئِيلِ النّاحِلِ |
أمَلٌ تَرَجّحَ بَينَ عَامٍ أوّلٍ، | في أنْ أرَاكِ، وَبَينَ عَامٍ قَابِلِ |
أَوْلَى لَها لَوْلاَ البِعَادُ لَعَادَ لي | ضِيقُ العِناقِ عَلَى الوِشاحِ الجَائِلِ |
لِيَدُمْ لَنَا المُعْتَزُّ، إنّ بمُلْكِهِ | عَزّ الهُدَى وَخَبَا ضَلالُ الباطِلِ |
مَا زَالَ يَكلأُ دِينَنَا وَيَحُوطُهُ | بالمَشرَفِيّةِ والوَشِيجِ الذّابِلِ |
يَتَخَرّقُ المَعْرُوفُ، يَوْمَ عَطائِهِ، | عن جُودِ مُنخرِقِ اليدَينِ، حُلاحِلِ |
مُتَهَلِّلٌّ، طلْقٌ، إذا وَعَدَ الغِنَى | بالبِشْرِ أتْبَعَ بِشْرَهُ بالنّائِلِ |
كالمُزْنِ، إنْ سَطَعَتْ لوَامعُ بَرْقِهِ، | أجْلَتْ لَنَا عَنْ ديمَةٍ، أوْ وَابِلِ |
تَفْديكَ أنْفُسُنَا، وَقَلّتْ فِدْيَةٌ | لكَ مِنْ تَصَرّف كلّ دَهْرٍ غَائِلِ |
لَمّا كَمَلْتَ رَوِيّةً وَعَزِيمَةً، | أعْمَلْتَ رأيَكَ في ابتِنَاءِالكامِلِ |
وَغدَوْتَ، مِنْ بَينِ المُلُوكِ مُوَفَّقاً | مِنْهُ لأيْمَنِ حِلّةٍ وَمَنَازِلِ |
ذُعِرَ الحَمَامُ، وَقَدْ تَرَنّمَ فَوْقَهُ | مِنْ مَنظَرٍ خَطِرِ المَزَلّةِ هَائِلِ |
رُفِعَتْ لمنُخَرَقِ الرّيَاحِ سُمُوكُهُ، | وَزَهَتْ عَجَائِبُ حُسنِهِ المُتَخَايِلِ |
وَكَأَنَّ حِيطَانَ الزُّجَاجِ بَجَوِّهِ | لُجَجٌ يَمْحُنَ عَلَى جُنُوبِ سَوَاحِل |
وَكَأنّ تَفويفَ الرَّخَامِ، إذا التَقَى | تأليفُهُ بالمَنْظَرِ المُتَقَابِلِ |
حُبُكُ الغَمَامِ، رُصِفْنَ بينَ مُنَمَّرٍ، | وَمُسَيَّرٍ، وَمُقَارِبٍ، وَمُشَاكِلِ |
لَبِسَتْ منَ الذّهبِ الصّقِيلِ سُقُوفُهُ | نُوراً، يُضِيءُ على الظّلامِ الحافِلِ |
فتَرَى العُيُونَ يَجُلنَ في ذي رَوْنَقٍ | مُتَلَهِّبِ العَالي أنِيقِ السّافِلِ |
فكَأنّما نُشِرَتْ عَلى بُسْتَانِهِ | سِيَرَاءُ وَشيِ اليُمْنَةِ المُتَوَاصِلِ |
أغْنَتْهُ دِجْلَةُ، إذْ تَلاحقَ فيضُها | عن فَيْضِ مُنسَجِمِ السَّحََابِ الهاطِلِ |
وَتَنَفّسَتْ فيهِ الصَّبَا، فتَعَطّفَتْ | أشْجَارُهُ مِنْ حُيََّّلٍ وَحَوَامِلِ |
مَشْيَ العَذَارَى الغِيدِ، رُحْنَ عَشيّةً | مِنْ بَينِ حاليَةِ اليَدَينِ وَعَاطِلِ |
وَالخَيرُ يُجْمَعُ، والنّشاطُ لمَجلِسٍ | قَمَنِ المَحَلّ، منَ السّماحةِ، آهِلِ |
وَافَيْتَهُ والوَرْدَ في وَقْتٍ مَعاً، | وَنَزَلْتَ فيهِ مَعَ الرّبيعِ النّازِلِ |
وَغدا بِنَوْرُوزٍ عَلَيْكَ مُبَارَكٍ، | تَحْوِيلُ عَامٍ إثْرَ عَامٍ حَائِلِ |
مُلّيتَهُ، وَعَمِرْتَ في بَحْبُوحَةٍ، | منْ دَارِ مُلكِكَ، ألفَ حَوْلٍ كامِلِ |
وَرَأيتَ عَبْدَالله في السّنّ التي | تَعدُ الكَثيرَ بدَهرِها المُتَطاوِلِ |
قَمَرٌ تُؤمّلُهُ المَوَالي للّتي | يَقْضي بها المَأمُولُ حَقَّ الآمِلِ |
يَرْجُونَ مِنْهُ نَجَابَةً شَهِدَتْ بهَا | فيهِ عُدُولُ شَوَاهِدٍ وَدَلائِلِ |
وَمَذَاهِبٍ في المَكْرُمَاتِ، بمِثْلِها | يَتَبَيَّنُ المَفْضُولُ سَبْقَ الفَاضِلِ |
حَدَثٌ، يُوَقّرُهُ الحِجَى، فكَأنّهُ | أخَذَ الوَقَارَ مِنَ المَشِيبِ الشّامِلِ |
وَلَقَدْ بَلَوْتُ خِلالَهُ، فَوَجَدْتُهُ | أنْدَى أسِرّةِ رَاحَةٍ، وأنَامِلِ |
وسأَلْتُهُ لِيَ آنِفاً فَوَجَدْتُهُ | أَنْدَى أَسِرَّةِ رَاحةٍ وأَنَامِلِ |
يَحْكِيكَ في كَرَم الفَعَالِ خَلائقاً | بِخَلاَئِقٍ ،وشَمَائلاً بِشَمائلِ |
قَدّمْتَ فيّ عِنَايَةً مَشْكُورَةً، | كَانَتْ لَدَيْهِ ذَرَائِعي وَوَسائِلي |
وأرَى ضَمَانَكَ للوَفَاءِ وَوَعْدَهُ | لاَ يَرْضَيَانِ سِوَى النّجَاحِ العَاجِلِ |