لا دمنة بلوى خبت ولا طلل
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لا دِمنَةٌ بلِوَى خَبتٍ، وَلا طَلَلُ، | يَرُدُّ قَوْلاً على ذي لَوْعَةٍ يَسَلُ |
إنْ عزّ دَمْعُكَ في آي الرّسومِ، فلَمْ | يَصُبْ علَيها، فعِندِي أدمُعٌ ذُلُلُ |
هلْ أنت يَوْماً مُعيري نَظرَةً، فترَى | في رَمْلِ يَبرِينَ عِيراً سَيرُها رَمَلُ |
حَثُّّوا النّوى بحُداةٍ ما لَها وَطَنٌ | إِلاََّ النّوَى، وَجِمالٍ ما لها عُقُلُ |
بَني زُرَارَةَ نُصْحاً مَا لَهُ ثَمَنٌ | يُرْجى لدَيكُمْ، وَقَوْلاً كلُّهُ عَذَلُ |
وَإنّما هَلَكَتْ مِنْ قَبلِكمْ إرَمٌ، | لأنّهُمْ نُصِحْوا دَهْراً، فَما قَبِلُوا |
مُستعْصِمينَ مَعَ الأرْوَى. كأنّكُمُ | لا تَعلَمُونَ بأنّ العَصْمَ لا تََئِلُ |
أنْذَرْتُكُمْ عَارِضاً تُدْمي مَخايِلُهُ، | ألقَطرَةُ الفَذُّ منهُ عارِضٌ هَطِلُ |
هذا ابنُ يوسُفَ في سَرْعَان ذي لجَبٍ، | فيه الظّبا واَلقَنَا وَالكَيْدُ وَالحِيَلُ |
غَزَاكُمُ بِقُلُوبٍ ما لهَا خَلَلٌ | من خَلفِها، وَسُيوفٍ ما لهَا خِلَلُ |
قد كان ناراً وَعِظمُ الجَيشِ مُفترِقٌ | بالثَّغْرِِ، إلاّ أُصَيْحابٌ لَهُ قُلُلُ |
فكَيفَ وَهوَ يَسُوقُ اللّيلَ في زَجِلٍ | مِن عَسكَرٍ، ما لشيءٍ غَيرِهِ زَجَلُ |
وَلاّكُمُ البَغيَ ثمّ انساب نَحوَكُمُ | بالمَشرَفيّةِ فهيا الثُّكْلُ، والهَبَلُ |
وانحازَ مِثلَ انحِيازَ الطّوْدِ. يَتْبَعُهُ | رَأيٌ يُصَغَّرُ فيهِ الحادِثُ الجَلَلُ |
جَرَّ الرّمَاحَ إلى دََرْبِ الرّماحِ، فَهَلْ | لَكُمْ عَلَيْهِ بَقَاءٌ، أوْ بهِ قِبَلُ |
فإنْ تكُن دوْلةً دامتْ، فما انقَطعتْ، | عن مثلِ صَوْلَتِهِ، الأيّامُ، والدّوَلُ |
ألله ألله! كُفّوا إنّ خَصْمَكُمُ | أبو سَعيدٍ، وَضرْبُ الأرْؤسِ الجَدَلُ |
تَغَنّموا السّلمَ، إنّ الحَرْبَ توعدُكم | يَوْماً، تَعُودُ لَهُ صِفُّونَ وَالجَمَلُ |
ألآن، وَالعُذْرُ مَبسوطٌ لمُعْتَذِرٍ | وَالأمْنُ مُستَقْبَلٌ، وَالعَفُو مُقتبَلُ |
وَلا يَغُرّنّكُمْ مِنْهُ تَبَذُّلُهُ | بالاذْنِ حتى استوَىَ الأرْبابُ وَالخَوَلُ |
فإنْ يكُنْ ظاهراً فالشّمسُ ظاهَرَةٌ، | أوْ كانَ مُبتَذَلاً فالرّكنُ مُبتَذَلُ |
طالَ الرّوَاءُ الذي في رَأسِ فَحلِكُمُ، | لا يَسهُلُ الصّعبُ حتى يَقصُرَ الطِّوَلُ |
قَدْ جَارَ مُوسَى،وجَارَى حَتْفَ مُهْجَتِهِ | فإِنْ يَكُنْ جَئِراً فالرُّمحُ مُعْتَدِلُ |
وَأمّلَ الثّلْجَ، وَالجَوْزَاءُ مُلْهِبَةٌ | في ناجرٍ، ساءَ هذا الظنُّ والأملُ |
وَعِنْدَ بُقْرَاطَ داءٌ، لَوْ تَصَفّحَهُ | بُقرَاطُ قالَ: الدّوَاءُ البِيضُ وَالأسَلُ |
وَما صَليبُ ابنِ آشُوط بأمنَعَ مِنْ | صَليبِ بَرْجانَ، إذْ خَلّوْهُ، وانجَفلوا |
تَحمِلُهُ البُرْدُ مِنْ أقصَى الثّغُورِ إلى | أدْنَى العِرَاقِ سِرَاعاً، رَيثُها عجَلُ |
بسُرّ مَنْ رَاءَ مَنكُوساً تُجَاذِبُهُ | أيْدِي الشِّمَالِ فُضُولاً، كلُّها فُضُلُ |
تَهْفُو بِهِ رَايَةٌ صَفْرَاءُ تَحسِبُها | أزْدِيّةً، صَبّغَتها الهُونُ وَالشّلَلُ |
أمسَى يَرُدُّ حَرِيقَ الشّمسِ جانِبُهُ، | عن بابِكٍ، وَهيَ في الباقِينَ تَشتَعِلُ |
كأنّهُمْ رَكِبُوا للحَرْبِ، وَهوَ لهمْ | بَنْدٌ، فَما لُفّ مُذْ أوْفَى وَلا نزَلُوا |
تَفَاوَتُوا بَيْنَ مَرفُوع ومُنْخَفِضٍ | على مَرَاتِبِ ما قَالُوا وما فَعَلوا |
رَدَّ الهَجيرُ لِحاهُمْ، بَعدَ شُعَلَتِها، | سُوداً فعادوا شَباباً بَعدَما اكتَهَلُوا |
رَأى ابنُ عَمْروٍ أميرَ المُؤمنينَ، كمَا | قالَ الخَوَارِجُ إذْ ضَلّوا وَإذْ جَهِلُوا |
سَمَا لَهُ خَاتِلُ الآسَادِ في لُمَةٍ | مِنَ المَنَايَا، فأمسى، وَهوَ مُحْتَبَلُ |
حالي الذّرَاعَينِ وَالسّاقَينِ، لوْ صَدقتْ | لَهُ المُنَى لَتَمَنّى أنّهُ عُطُلُ |
مِنْ تحتِ مُطبِقِ بابِ الشّامِ في نَفَرٍ | أسرَى، يَوَدّونَ وَدّاً أنّهمْ قُتلُوا |
غابوا عنِ الأرْضِ أنأى غَيبَةٍ، وَهُمُ | فيها فلا وَصْلَ إلاّ الكُتبُ وَالرّسُلُ |
تَغْدُو السّماءُ، فتَلقاهُمْ مُرَبَّعَةً، | وَتَقطَعُ الشّمسُ عَنهُمْ حينَ تتّصِلُ |
ذَمّوا مُحمّداً المَحمُودَ إذْ نَشِبُوا | في مُصْمَتٍ لَيسَ في أرْجائِهِ خَلَلُ |
لَوْ سِرْتُمُ في نَواحي الأرْضِ عَدّ | لكُمْ آثارَهُ الباقياتِ السّهلُ وَالجَبَلُ |
مُشَيَّعٌ مَعَهُ رَأيٌ يُبَلّغُهُ | تِلكَ الأمورَ، التي ما رَامَها رَجُلُ |
لا يَجذِبُ الوطنُ المَألوفُ عَزْمَتَهُ، | ولا الغَزَالُ الذي في طَرْفِه كَحَلُ |
مُسَافِرٌ. وَمَطَاياهُ مُحَلَّلَةٌ | غُرُوضُها، وَمُقيمٌ وَهوَ مُرْتَحِلُ |
يَهَشُّ للغَزْوِ، حتى شَكّ عَسكَرُهُ | فيهِ، وَقالوا أغَزْوٌ ذاكَ أمْ قَفَلُ |
تجرِي على سُورَةِ الأنْفَالِ قِسْمَتُهُ، | إذا تَوَافَى إلَيْهِ الغُنْمُ وَالنَّفَلُ |
أنا ابنُ نِعمَتِكَ الأولى التي شكَرَتْ | نَبْهانُ عَنها، وَعَنْ آلائِها ثُعَلُ |
أقُولُ فيكَ بوِدٍّ ظَلّ يَجذِبُني | إلى المَدِيحِ فما يحظَى بيَ الغَزَلَ |
هذا وَلَوْ قُلتُ فيكَ لمْ أرَني | قضَيتُ حَقّاً، وَلا أُعطيتُ ما أسَلُ |