أرشيف المقالات

حالنا وحالهم

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
حالنا وحالهم

بعد أن بلغنا هذه المرحلة من رمضان هل شعرنا بالرضا عن أنفسنا حتى الآن؟ هل لمسنا تغيرًا حقيقيًّا في أنفسنا؟ كل خطوة للأمام هي مكسب علينا أن نحافظ عليه بل نزيد منه، وسنتناول جرعة منشطة تزيدنا حماسًا، وذلك بالمقارنة بين فريقين، ثم علينا أن نختار الانضمام إلى فريق منهما.
 
فرق شاسع بين حال السلف في رمضان وبين حال كثير من المسلمين اليوم، فقد كان السلف حريصين على كل ثانية في رمضان أن تكون في عبادة؛ لأنهم يعرفون أنه فرصة عظيمة فقد كانوا يدعون الله قبل رمضان أن يبلغهم رمضان، فإذا دخل رمضان دعوا الله أن يعينهم على العمل الصالح فيه، فإذا انتهى دعوا أن يتقبله منهم، وكانوا يتفرغون للعبادة ويقللون - قدر الإمكان - من أعمال الدنيا، ويوفرون وقتهم للجلوس في بيوت الله مع حفظ صيامهم من اللغو والغيبة، ويقبلون على كتاب الله وقيام الليل والذكر، المهم ألا تضيع لحظة من رمضان.
 
وفي المقابل، نجد أن رمضان عند كثير من المسلمين ما هو إلا المسلسلات والفوازير وبرامج المقالب، والجلوس على المقاهي وبعض المأكولات المشهورة في رمضان، ولعب الكرة في الدورات الرمضانية، وآخر ما يأتي على بالهم العبادة، ولا يربطهم برمضان غير الامتناع عن الأكل والشرب.
 
سيقول البعض: صحيح أني لست مثل السلف، لكني أيضًا لست من الفريق الآخر، ولكن لماذا همتنا ضعيفة؟ لماذا نقارن أنفسنا بالأقل؟ ألا نريد الجنة؟ ألا نتمنى العتق من النيران؟ ألا نرغب في رضا الله سبحانه وتعالى؟
 
هل تعرفون كم حسنة يفقدنا المسلسل الواحد بالطبع غير الذنوب؟
لو قلنا: إن قراءة جزء من القرآن يستغرق في المتوسط نصف ساعة، والمسلسل يستمر لمدة ساعة، فمن ثَمَّ فإن المسلسل الواحد يضيع علينا ثواب قراءة جزأين من القرآن، واحسبوا كم حرفًا في الجزء والحرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها؟ فهل يمكن أن نفرط في كل هذه الحسنات؟
 
عن السائب بن يزيد قال: "أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبَيَّ بن كعب وتميمًا الداري رضي الله عنهما أن يقوما للناس في رمضان، فكان القارئ يقرأ بالمائتين، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر"، ونحن نبحث عن المسجد الذي يصلي بآيتين!
 
"وكان قتادة بن دعامة السدوسي ضرير البصر وكان يختم القرآن في كل سبعٍ دائمًا، وفي رمضان في كل ثلاثٍ، وفي العشر الأواخر في كل ليلة"، ونحن نختمه مرة أو مرتين بصعوبة، بل هناك من لا يختمه في رمضان.
 
وقال أبو العباس هاشم بن القاسم: "كنت عند المهتدي عشيَّةً في رمضان فقمت لأنصرف فقال: اجلس، فجلست، فصلى بنا، ودعا بالطعام فأحضر طبقَ خِلافٍ عليه أرغفةٌ، وآنية فيها ملحٌ وزيتٌ وخلٌّ، فدعاني إلى الأكل، فأكلت أكل من ينتظر الطبيخ، فقال: ألم تكن صائمًا؟ قلت: بلى، قال: فكل واستوفِ، فليس هنا غير ما ترى"، ونحن نأكل ما لذ وطاب فتثقل علينا العبادة، ونصلي بصعوبة، ولسان حالنا أثناء الصلاة يقول: يا رب، سلم؛ كي نكمل صلاتنا ونحن على وضوئنا.
 
وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: "إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمآثم، ودع أذى الخادم، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك، ولا تجعل يوم فطرك ويوم صيامك سواء"، يا تُرى هل نفعل ذلك؟
 
وقال ابن مسعود: "ما ندمت على شيء ندمي على يومٍ غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي"، فما بالنا لو كان هذا في رمضان؟

 
التطبيق العملي:
لا يمضي يومك دون أن تزيد فيه من رصيد حسناتك؛ اقرأ آية، اذكر الله...
 
ونضيف على قائمة الكتب المطلوب قراءتها:
القراءة عن حياة الصحابة والسلف، وأنصحك بكتاب صور من حياة الصحابة لـ عبدالرحمن رأفت الباشا.

 

شارك الخبر

المرئيات-١