دارٌ بذي الأثلِ عَهدناها
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
دارٌ بذي الأثلِ عَهدناها | ما أطيبَ العيشَ بمغناها |
فاسأل بها أروى الغوادي حياً | وروِّح القلب بذكراها |
دارٌ بها كانت لأهل الهوى | تهدي بناتُ الشوقَ حوراها |
ناشئة ُ الظلِّ تُربّى بها | عواطِفُ الصبوة ِ أبناها |
من كلِّ عُذري الهوى ، قلبهُ | يرفُّ مارفَّ عِذاراها |
آه لاحشاء على رامة | قد ذهبت إلا بقاياها |
رقَّت إلى أن بين أيدي الجوى | تساقطت ضعفاً شظاياها |
أيام تستقطر من لّمتي | ماءَ الصِبا الغضِ عذاراها |
ووفرتي منها بأيدي المها | طاقة َ ريحانٍ تهاداها |
يا حبّذا الغيدُ ودارٌ بها | في ريِّق العُمر علقناها |
جرّت بها ضمياء أردانَها | فأرَّجت بالطيب أرجاها |
حيثُ نشاوى بكؤوس الهوى | أماتها الشوقُ وأحياها |
وافت وعمر الدهر في ليلة ٍ | فينا هي العمرُ عددناها |
رقّت لنا فيها حواشي الدُجى | لكن ببرقٍ من ثناياها |
ولائم، والراحُ من خدِّها | تُديرهُ للسكر عيناها |
قال عليكَ الوزرُ في نعتها | قلتُ وخُذ أنتَ مُهنّاها |
لا ذمّ للوردة عِندي سوى | عادة دهرٍ ما تعدّاها |
لمجُتنيها شوُكها والشذا | منها لمن لم يدرِ مُجناها |
يا دهرُ ما أطربها ليلة ً | عن غفلة ٍ منك سرقناها |
فيها عقدنا مجلساً للهنا | لا لكؤوسٍ نتعاطاها |
ننشرُ للأَشواق ديباجة ً | من غزلٍ رقّ، نسجناها |
ونسمة ُ الأسحار قد فاكهت | بطيب أنفاس نداماها |
فاردُد عليها من أحاديثها | ما نقلتهُ عن خُزاماها |
وحيِّها ناقلة ً قد روت | عن خُلُق المهديِّ ريّاها |
تُسند ما ترويه عن عبقة ٍ | من شيبة الحمدِ انتشقناها |
للفضل أربابٌ وكلٌّ له | مزيّة ٌ يسمو بعلياها |
والفضلُ كلُّ الفضل في عصرنا | لجامعٍ كلَّ مزاياها |
للخلف ابن الحسن القائم الـ | ـمهديّ أتقى الخلق أهداها |
يا واحدَ الدهرِ بلا مُشبهٍ | تركتَ كلَّ الناسِ أشباها |
علمُك إلهامٌ وكلُّ الورى | كسبٌ ومن بيتكَ وافاها |
كم لكَ من عارفة ٍ حرَّة ٍ | ألسِنَة ُ الشكرِ أرِقَّاها |
جودُكَ طوفانٌ وسفن الرجا | باسمك مَجراها ومَرساها |
مكارمٌ مسموعُها في الندى | أعظمُ منهُ فيهِ مرآها |
لو قيل للغيثِ انتسب للورى | مثلَك جوداً ما تعدَّاها |
لا شَرِقَت في دمِ أوداجها | عيديّة ٌ حنت لمسعاها |
وارتَبعت في كلِّ مطلولة ٍ | خمائل الروضِ بجرعاها |
تَخضِمُ أما شِيحة ً أو إلى | بَشامة ٍ تدنو فترعاها |
جزاء ما خفَّت بتلك التي | قد ثقّلت بالأجرِ مسراها |
كريمة ُ الشيخ إمامِ الهدى | خير كريماتِ الهُدى جاها |
لا بَل هي الكعبة ُ في سترِها | تنقُلها نحوَ مُصلاّها |
قد قالَ إكباراً لها إذ مَشت | لا صَغَّرَ الرحمنُ ممشاها |
لو أنَّ حواءَ رأت زُهدَها | والزهدُ من بعضِ سجاياها |
ودَّت على كُثرِ بناتٍ لها | أن لم تلد منُهنَّ إلاّها |
لم تعلقِ الآثامُ فيها ولا | بالتَبعاتِ اغبرَّ كفّاها |
طهَّرها الرحمنُ عِلماً بها | وبالتُقى والنُسكِ زكاّها |
نزَّهتِ العِصمة ُ أفعالها | وكانت العصمة ُ تقواها |
لو قَسمت صالحَ أعمالِها | بينَ بني الدُنيا لأغناها |
كلُّ أَلوفِ الخدرِ في خدرِها | لم تعرفِ التخدِيرَ لولاها |
باهِ بها أمَّ نجومِ السما | وفاخرِ الشهبَ بأبناها |
إذ هيَ أمُّ الكلماتِ التي | آدمُ مِن قبلُ تلقَّاها |
قد أوشَجت أعراقها في العُلى | من فاطمٍ أعراقُ علياها |
نَمَت غُصوناً كلُّها أثمرت | علماً به اللهُ توخاّها |
عن مثلِها ما انشقَّ يوماً ثرى | نبوّة ٍ فاسأل سجاياها |
من طينة ِ المجد إلى المرتضى | وجعفرٍ يَضرِب عِرقاها |
للجعفريَّين ابتنت دارها | بيض المساعي فوقَ خضراها |
هم أنجمُ الدينِ وسبحان مَن | في أُفقهِ للرشدِ أبداها |
أُسرة ُ مجدٍ شَرَعٌ كلُّها | أطربَها المجد وأطراها |
حسبُهمُ فخراً بأنَّ العُلى | آخرُهم فيه كأُولاها |
كأنّما أخلاقُهم روضة ٌ | باكَرَها الطلُّ فندَّاها |
تَعبِقُ في المجلسِ ألفاظُهم | كأَنَّ نشرَ المسكِ معناها |
القومُ لُطفُ الله في أرضِه | من رحمة ِ للخلقِ أنشاها |
قد بسطَ الجودُ أكفًّا لهم | عاشت بنو الدنيا بنعماها |
أهلُ الوجوهِ الزُهرِ لو قابلوا | بنورِها الشُهب لأطفاها |
أقِسمُ أنَّ الدهرَ أجفانهُ | ما فُتِحت إلاّ لمرآها |
وسمعتهُ ما شُقَّ حتى يعي | شيئاً سوى حُسنِ مزاياها |
من طينة ٍ بيضاءَ قدسيّة ٍ | صَلصَلَها اللهُ وصفّاها |
والطينة السوداءُ من خُبثِها | هيهاتَ تبيَضُّ سجاياها |
جَرت لسبقٍ فتساوت بهم | سوابقُ الفضلِ بمجراها |
هم فيهِ كالأعينِ يُمناها | بالرمش لا يَسبقُ يسراها |
والقبض والبَسط استوت فيهما | البنانُ صُغراها وكُبراها |
فيا بَني الوحيِ وآل الهدى | جبالَه، والله أرساها |
اليكمُوها مِن بناتِ الثنا | غَرّاءَ قد راقَ مُحيّاها |
تستوهبُ الصفحَ لنا منكم | من عَثرة ٍ فيها استقلناها |