طلعتَ كبدر دُجى تزفُّ سُلافها
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
طلعتَ كبدر دُجى تزفُّ سُلافها | يا حيِّ طلعتَها وحيِّ زفَافَها |
بيضاء ناعمة الشبيبة أقبلت | تُثني بنشوة ٍ دَلِها أعطافها |
تطأ الحريرَ ولو تُطيقُ ذوو الهوى | فَرشتَ لها فوق الحرير شغافها |
يُهنيك أنّ العامريَّة عن هوى ً | ألفت حِماكَ ونافرت أُلاّفَها |
طرقتكَ زائرة ً بأسعدِ ليلة ٍ | قد كادَ يرفعُ نُورها أسدافها |
وجلت بأنُمل فضَّة ٍ ذهبيَّة | خضبت بلون مدامها أطرافها |
فاشرب على الورد الندي بخدّها | صهباءَ مُقلتِنا تُديرُ سلافَها |
وتملُّ عيشك ناعماً بغريرة ٍ | كالريم أُرهفَ خِصرُها إرهافها |
وبمسقط العلمين شائقة الهوى | ضربُوا على مِثل المَهاة ِ سِجافها |
ثُعليّة ُ لكن لها من حاجب | قوسٌ غدا أهلُ الهوى أهدافها |
نشأت مع الأرامِ إلاّ أنّها | لاشيحها ترعى ولا خِذرافها |
وبذي الأراكة ِ ربعُها لكَ جنّة ٌ | غِيدُ الظِباءِ تفيأت ألفافَها |
ألفته فارتبعت بأطيب ملعبٍ | منهُ وكان لطيبه مُصطافَها |
أرجت بريّاه رُباهُ وقد مشت | عَطرى البرود فَضوّعت أخيافها |
يا ربعَ شوقي هل تُضيفُ حشاشة ً | نزلت ظباكَ بربعها فأضافها |
دِيست بأخفاف المطيِّ لأنّها | شوقاً إليكَ تقدَّمت أخفافها |
حيّتكَ من نَور الثُريّا حُفّلٌ | حلبت عليك يدُ الصَبا أخلافَها |
من كلّ صادقة ِ المخيلة ِ حلّقت | مِن نحوَ نجدٍ واغتديتَ مطافها |
طارت بأجنحة النسيم وأقبلَت | تحدُو الرعودُ ثقالَها وخِفافَها |
قد حلّلت كفُّ البروق نطاقها | فغدت تُريقُ بصِقوتَيكَ نطافها |
نثرت عليك عشيّة َ بردَ الحيا | نثرَ اللئالىء فارَقَت أصدافَها |
أمشبّباً بالغيد زِدني مازجاً | في وَسفِ مَجلسِ أُنسنا أوصافها |
هو تحفة الدنيا لنا قد أحسنت | فيه بريحان الهوى إتحافَها |
قد بتُّ أقطفُ من حديقة زَهرِهِ | أزهارَ بشرٍ ما ألذّ قطافها |
ونديمتي هيفاءُ وُشّح خصرهُ | بمذّهبِ شغفت به وِصّافها |
جلت المُدامَ لنا فقلت لصاحبي | منحتكَ ساقية ُ الطلى أسعافها |
وَشَدَت وقد أرخت ثلاثَ ذوائبٍ | بيد الدلال فأطرَبت أُلاّفها |
ودعوتُ يا بُشراك إنَّ لياليَ الـ | ـتشريقِ تلك فبادر استينافَها |
وصدقتك البُشرى فعرسُ محمدٍ | عيدٌ على الدنيا أدارَ سُلافها |
ضحكت بها الدنيا سروراً واكتست | للزهوِ من حبراتها أفوافها |
فاليوم قرّت عينُ هاشمَ في الثرى | وسقته أنواءُ السرور نطافها |
وسرت إلى أبناء عبد منافها | نفحاتُ بشر أطربت مُستافها |
وصلتهم البُشرى بعرس مُهذَّبٍ | أحيت مآثرُ جدّه أسلافَها |
ينميه من مهدّي آل محمد | هذا الذي نَعَشت يداه ضعافها |
وَرِثَ الإمامة علَمها وصلاحَها | وسماحها وإباءها وعفافها |
يتدارسُ الملأُ المقدَّسُ عنده | حِكماً بَهرنَ من الورى عُرّافها |
ربّ القدورِ الراسياتِ موائلاً | كالبرك أرحب مالئاً أجوافها |
هدّارة ً تحت الدجى فكأّنما | تدعو بحيّ على القرى أضيافها |
ولو أنّ ياجوجاً ومأجوجاً أتت | مغناهُ تلتمس القِرى لأضافها |
يا من مكارم شيبة الحمد انتهت | إرثاً إليه وزادَها إضعافها |
علمت قريشٌ أنَّ قومك خيرُها | كرماً وإن منعتهُم إنصاقها |
فإذا قريشٌ في المكارم طاولت | غلبت بطَولِ المُطعمينَ عِجافها |
بالراحلين بها وقد أخذوا لها | عهد الأمان وسل بهم إيلافها |
بالمنشقين أنوفها عزف العلا | والمرغمين على الهدى آنافها |
مَن أعتقوها في المُحول وأرهنوا | في السبق حتى استعبدوا أشرافها |
فبكم أعزَّ المؤمنينَ إلهُها | وكفا بواحد جمعكم آلاّفها |
واليوم إن شكتِ الشريعة ُ قرحة ً | فسواك ليس بمدملٍ إقرافها |
ما أيقنت ببقاءِ مهجتها لها | حتّى دعاكَ الله قم فتلافها |
فمنعت حوزَتها وصنت حريمها | وحميتَ بيضتها وحِطتَ سِجافها |
يابن النبي وتلك أشرفُ دعوة ٍ | طرباً تهزُّ لها العُلى أعطافَها |
أنتَ الذي ارتضع النبوّة درّها | وله الإمامة مهدّت أكنافها |
من حلَّ داركَ ظنَّ تربة َ قدسها | كافورة خلدية َّ فاستافها |
ونعم هي الفردوسُ إلاّ أنها | رضوان بِشرك خازن إلطافها |
هي باحة ُ الشرف المقدَّسة التي | ولدت بها منك العُلى أشرافها |
ولدتهم علماءَ يكشفُ هديُهم | عن ذي القلوب الغافلات غِلافها |
شّفوا طباعاً لا تميل مع الهوى | من حيث طهّرَ ربُّها شّفافها |
فإذا بجعفرها ارتفدتَ وجدته | فرّاج كلِّ عظيمة كشافها |
قمرٌ توسَّطْ دارة ً فلكيَّة ً | جمع الكمالُ على النهى أطرافها |
لولا اكتسابُ الحاسدينَ بنعله | شرفاً لقال المجد طأ آنافها |
حيث التفتّ وجدت ألسنة الثنا | والمدح تعلن في علاه هتافاً |
وسعى الورى حلماً وأدّبَ جهلها | غضباً فآمن خوفها وأَخافها |
وكفا بني الأمل السؤال وطالما | ملّت بساحة غيره إلحافها |
هو سيدُ الكرماءِ إن ذكر السخا | وأخو المكارم إن غدوا أحلافها |
زعم الأنامُ بنانُه أمّ الحيا | كذبوا وإن رضع الحيا أخلافها |
لا قلتُ أنملَه ضروع غمامة | ومن الغمائم كم ذممت جفافها |
وحمدتُ أنملَهُ لأنَّ لها الندى | طبع تنيلك دائماً إسعافها |
قد قلت للبخلاءِ مذ عقروا الندى | وبنوا المكارم حرّمت إيجافها |
كونوا ثمودَ فإنَّ جعفرَ صالحٌ | للوفد يغمرُ بالندى معتافها |
هذا أبو الهادي الذي لو جاورت | يده الغيومَ ولبخلت وكافها |
بين الإمامة والنبوّة رتبة | بعلى السيادة قد علا أعرافها |
تقفُ الملائكُ دون نور جلالها | خُضُعاً فتكثر نحوه استشرافها |
آباؤُه حمت الشريعة َ في ضُباً | لم يعد حاسم رأيه أوصافها |
فكأَنَّ من أسيافها آراؤه | وكأَّنَ من آرائه أسيافها |
رأَي يردُّ على الزمان سهامَه | حتى تبيتَ صروفُه أَهدافها |
جذلانَ يبسط راحة لم يعقد الأ | مساكُ لمحة ناظرٍ أطرافها |
ماذا حواسدُها تقولُ وقد رأَت | في المكرمات لوفرها أتلافها |
أتقول مسرفة بلى هي تقتفي | بالجود في إسرافها أَسلافها |
وكأَنّما فمه حوى نضناضة ً | للخصم ينفثُ في حشاه ذُعافها |
هو في لسان المكرمات محمدٌ | ومحمدٌ هو جامعٌ أصنافها |
مولى ً خلائقهُ حلت فلو أنّها | |
هو والحسينُ بمجده قمرا عُلاً | كلُّ عن الدنيا جلا أسدافها |
سقيت رياض كماله ماءَ النهى | فبهرن في أزهارها قطافّها |
فئة ٌ لها حسبٌ تكافا في العُلى | طرفاهُ قد وطّا معاً اكتافها |
فلكم بني الوحي الرسالة في الورى | وعليكم مدَّ الإله طِرافها |
إن تفضلوا شرفاً ملائكة َ السما | فالله أخدمَ جدكم أشرافها |
لو لم يجئ في ذكر وصف علاكم | تالله ما عرف الورى أوصافها |
ولكلّ آنٍ في الأنام إذا التوت | منكم إمام هدى ً يقيم ثقافها |
وإمامُ هذا العصر قام أبوكم | فيها فراض برفقه أعسافها |
لم تختلف علماؤُها في مُشكلٍ | إلاَّ وردّ إلى الصوابِ خلافها |
يابن الأُلى ركبوا سوابقَ من عُلاً | عقدوا بناصية السهى أعرافها |
وابن الذين إذا الجيادُ حملنهم | لوغى ً وقوا بصدورها أردافَها |
خُذها كما اقترح الوفا مزفوفة ً | بجميل ذكرك تستطيب زفافها |
تهدي التهاني جُهدَها ومن الحيا | تبدي رجاء قبولك استعطافها |
أنت الذي زهرت مناقبُ مجده | بين النجوم وأشرفت إشرافها |
نضت الشريعة ُ من لسانك مرهفاً | فمخيفها بالأمس ها هو خافها |
ورأت بناثلك الوفود غناءها | من كلّ مَن طلبت لديه كَفافها |
فإذا لغيرك ذمَّ موجفها السرى | حمدت إليك بنو السُرى إيجافها |
فخلدت في الدنيا بعلمك في الورى | ونداكَ يملأُ صحفها وصحافها |