عثر الدهرُ فاستقال سريعا
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
عثر الدهرُ فاستقال سريعا | رُبَّ عبدٍ عصى فآب مطيعا |
زلَّ لكنه تراجع لما | ملأت هَيبة ً حشاه صدوعا |
قرنَ الذنبَ بالإنابة َ واستشـ | ـعرَ من عظم ما جناه الخشوعا |
وتمنى وإن هو استدرك الهفـ | ـوة َ لو قبلها تردّى صريعا |
ورأى أنه أساءَ لِرجلٍ | شرفاً بالرؤوس تُفدى جميعا |
وإلى منكبٍ عليه استقلّت | قبة ُ الدينِ، لا به الدين ريعا |
راحتا جبرئيل منه تلقّت | منكب المصطفى تقيه الصُدوعا |
وترقّى يبشر الملأ الأعلى | بمولى ً عليه خافوا الوقوعا |
يا عيوناً سهرتِ بالأمس قرّي | أقبل اليوم مَن مَلاكِ هجوعا |
وقلوباً رففتِ شوقاً إليه | لكِ وافى فلا تشقّي الضلوعا |
قد أتى رافهاً بصحة جسمٍ | تركت قلبَ حاسديه وجيعا |
وأتى الدهر تائباً وهو يدعو | مَن عذيري فقد أسأتُ الصنيعا |
رافع الطرفِ نحو مَن لعُلاه | كسرت طرفَها الملوكُ خضوعا |
وعلى كفّه رأى الصيدَ تهوي | طلب اللثم سجّداً وركوعا |
فدنى لاثماً ثرى أخمصيه | لم يقدّم سوى البكاءِ شفيعا |
ولسان المسيء أعطفُ شيء | لكريم بأن يكون دموعا |
قد لعمري استقال أحلم مولى | كرماً يغفر الذنوبَ جميعا |
حيّ مُستحفظَ العلومِ بعصرٍ | فيه لولاهُ أوشكت أن تضيعا |
ذو بنانٍ حوالبُ المزن ودّت | أن تراها الورى لهنَّ ضروعا |
فيه عمر الفيحاءِ قد عاد غضًّا | وزهت بالسرور فيه ربوعا |
ولأن قيل جاءَ فاستقبلته | قمراً طالعاً وغيثاً مريعا |
فهو من ردَّ كل ليلٍ نهاراً | بحماه وكلّ قيضٍ ربيعا |
ولده الطيّبون أصلاً وفرعاً | علّم المسكَ خُلقُهم أن يضوعا |
إخوة البيض ألسناً وبنو الشهب | وجوهاً آباؤهن طلوعا |
سبقوا النّيراتِ منها وجوداً | ومشوا فوقها فرادى جميعا |
كلّ عَفٍّ عن الهوى بتقاه | فطمً النفسَ يوم كان رضيعا |
وُلعوا بالنهى على حين شبّوا | وسواهم باللهو شاب ولوعا |
مِن سهام الزمان كم من صنيعِ | نسجوه على العفاف دروعا |
علماء منها نضوا سيفَ فكرٍ | تركوا مَعطسَ الضلال جديعا |
لا يزالوا معاً على حوزة الد | ين لأهل الإيمان سوراً منيعا |