أهاشم لا يوم لك أبيض أو ترى
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أهاشم لا يوم لك أبيض أو ترى | جيادك تزجى عارض النقع أغبرا |
طوالعُ في ليل القَتام تخالها | وقد سدَّت الأُفق، السحاب المسخرا |
بني الغالبيين الألى لست عالماً | أأسمع في طعن اكفك أم قرى |
إلى الآن لم تجمع بكِ الخيلُ وثبة ً | كأَنّكِ ما تدرين بالطفّ ما جرى |
هلم بها شتث النواصي كأنها | ذياب غضاً يمرحن بالقاع ضمرا |
وإن سألتك الخيل أين مغارها | فقُولي ارفعي كلَّ البسيطة عثيرا |
فان دماكم طحن في كل معشر | وما الموتُ إلاّ أن تعيش فتقسرا |
ولا كدم في كربلا طاح مكنم | فذاك لأجفان الحمية أسهرا |
غداة أبو السجاد جاء يقودها | أجادلَ للهيجاء يحمِلنَّ أنسرا |
عَليها من الفتيان كلَّ ابنِ نثرة ٍ | يَعُدّ قتير الدرع وشياً مُحبّرا |
أشم إذا ما افتض للحر عذره | تنشقُّ من أعطافها النقعَ عنبرا |
من الطاعني صدر الكتيبة في الوغى | إذا الصف منها من حديد توقرا |
هُم القوم إما أجروا الخيلَ لم تطأ | سنابكها إلا دلاصاً ومغقرا |
إذا ازدحموا حشداً على نقع فيلق | رأيت على اللّيل النهار تكوَّرا |
كماة تعد الحي منها إذا انبرت | عن الطعنَ من كان الصريعَ المقطّرا |
ومن يَخترم حيثُ الرماح تظافرت | فذلك تدعوه الكريمَ المظفّرا |
فما عبروا إلاّ على ظهرِ سابح | إلى الموت لمّا ماجت البيضُ أبحرا |
مضوا بالوجوه الزهر بيضاً كريمة | عليها لئام النقع لا ثوه أكدرا |
فقل لنزار: ماحنينك نافع | ولومت وجداً بعدهم وتزفرا |
حرام عليك الماء مادام مورداً | لأبناء حربٍ أو ترى الموت مصدرا |
وحجر على أجفانك النوم عن دم | شبا السيف يأبى أن يُطلّ ويهدرا |
أللهاشمي الماء يحلو ودونه | نوت قومه حرى القلوب على الثرى |
وتهدأ عينُ الطالبيَّ وَحولها | جفونُ بني مروانَ ريّا من الكرى |
كأنك يا أسياف غلمان هاشم | نسيتِ غداة َ الطفّ ذاك المعفّرا |
هبي لبسوا في قتله العار أسوداً | أيشفي إذا لم يلبسوا الموت أحمر |
ألا بَكّرَ الناعي ولكن بهاشم | جميعاً وكانت بالمنية أجدرا |
فما للمواضي طائل في حياتها | إذا باعُها عجزاً عن الضرب قَصرا |
اللعيش تستبقي النفوس مضامة | |
ثوى اليومَ أحماها عن الضيم جانباً | وأصدقها عند الحفيظة مخبرا |
وأطعمها للوحش من جثث العدى | وأخضبُها للطير ظِفراً ومِنسرا |
قضى بعد مارد السيوف على القنا | ومرهفه فيها وفي الموت أثرا |
ومات كريم العبد عند شبا القنا | يُواريه منها ما عليه تكسَّرا |
فإن يُمس مغبرَّ الجبين فطالما | ضُحى الحرب في وجه الكتيبة غبّرا |
وإن يقض ضمآناً تفطّر قلبه | فقد راع قلب الموت حتى تفطر |
وألقحها شعواءَ تشقى بها العِدى | ولُود المنايا ترضعُ الحتفَ مُمقرا |
فظاهر فيها بين درعين نثرة | وصبر ودرع الصبر أقواهما عرا |
سطا وهو أحمى من يصون كريمة | وأشجع من يقتاد للحرب عسكرا |
فرافده في حومة الصرب مرهف | على قلّة الأنصار فيه تكثّرا |
تعثّر حتى مات في الهام حدُّهُ | وقائمة في كفه ما تعثرا |
كأن أخاه السيف أعطي صبره | فلم يبرح الهيجاء حتى تكسرا |
له الله مفطوراً من الصبر قلبه | ولوكان من صم الصفا لتفطرا |
ومُنعطفٍ أهوى لِتقبيلِ طفله | فقبّل منه قبله السهمُ منحرا |
لقد وُلدا في ساعة ٍ هو والردى | ومن قبله في نحره السهم كبرا |
وفي السبي ممّا يصطفي الخِدر نسوة ٌ | يعز على فتيانها أن تسيرا |
حمت خدرها يقضى وودت بنومها | تردَّ عليها جفنها لا على الكرى |
مشى الدهرُ يوم الطف أعمى فلم يدع | عماداً لها إلاّ وفيه تعثّرا |
وجشمها المسرى يبيداء قفرة | ولم تدر قبل الطف ماالبيد والسرى |
ولم تر حتى عينها ظل شخصها | إلى أن بدت في الغاضريّة خُسّرا |