لنا أبدا بث نعانيه من أروى
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لَنَا أبَداً بَثٌّ نُعانيهِ من أرْوَى، | وحَزْوَى، وكم أدنَتْكَ من لوعةٍ حزْوَى |
وَمَا كانَ دَمعي قَبلَ أرْوَى بنُهْزَةٍ | لأدْنَى خَليطٍ بانَ أوْ مَنزِلٍ أقوَى |
حَلَفْتُ لَهَا أنّي صَحيحٌ، سِوَى الذي | تعَلَّقَه قَلْبٌ مَرِيضٌ، بهَا يَدْوَى |
وأكثرْتُ من شكوَى هَوَاها، وإنّما | أمارَةُ بَرْحِ الحبّ أنْ تَكثرَ الشّكْوَى |
وَكنتُ وَأرْوَى، والشّبابُ عُلالَةٌ | كنَشْوَانَ من سُكْرِ الصّبابَةِ أوْ نَشْوَى |
وَقَدْ زَعَمَتْ لا يَقربُ اللّهوَ ذو الحجى، | وَقد يَشهَد اللّهوَ الذي يَشهُد النّجوَى |
وَإنّي، وَإنْ رَابَ الغَوَاني تَماسُكي، | لمُسْتَهتَرٌ بالوَصْلِ منهُنّ مُستَهوَى |
سَلاَ عَنْ عَقابيلِ الشّبابِ وَفَوْتِهَا، | أطارَتْ بِهِ العَنْقَاءُ أمْ سَبَقَتْ جَلوَى |
كأنّ اللّيالي أُغرِيَتْ حَادِثَاتُهَا | بحُبّ الذي نأبَى، وَكُرْهِ الذي نَهوَى |
وَمَنْ يَعْرِفِ الأيّامَ لا يَرَ خَفْضَهَا | نَعيماً، وَلاَ يَعْدُدْ تَصَرّفَها بَلوَى |
إذا نشرت قدام رائدها ثنت | مواشكه الإسراع من خلفه تطوى |
لَقَدْ أرْشَدَتْنَا النّائِبَاتُ، وَلَمْ يَكُنْ | ليُرْشَدَ، لَوْلاَ ما أرَتْنَاه، مَنْ يَغوَى |
إذا نَحْنُ دافَعنا الخُطوبَ بذي الوِزَا | رَتَينِ شَغَلْنَاهُنّ بالمَرِسِ الألْوَى |
بأزْهَرَ تُنْسي الشّعْرَ أخْبَارُ سُؤدَدٍ | له لا تَزَالُ الدّهْرَ تُؤثَر أو تُرْوَى |
مَكارِمُ ما تَنفَكُّ مِنْ حَيثُ وُجِّهَتْ | تَرَى حاسِداً نِضْواً بآلائِها يَضْوَى |
ملقى صواب الرأي بغت بديهة | ومنهم مخل بالصواب وقد روى |
لَهُ هِمّةٌ، أغْلَى النّجُومِ مَحَلّةً | مَحلٌّ لها، دونَ الأماكنِ، أوْ مَثوى |
وَقَد فُتحَ الأفْقَانِ عن سَيفِ مُصْلِتٍ، | لَه سَطَوَاتٌ ما تَهُرُّ وَمَا تَعْوَى |
مُغَطًّى علىِ الأعداءِ لا يَقْدُرُونَهُ | بعَزْمٍ، وَقَدْ غَوّى من الأمرِ ما غَوّى |
تَعَلّى عَنِ التّدبيرِ، ثمّ انتَحَى لهُمْ | بهِ وَرَمَى بالمُعْضِلاتِ فَما أشوَى |
إذا ما ذَكَرْنَاهُ حُبِسْنا، فَلَمْ نُفِضْ | له في نَظيرٍ في الرّجالِ، وَلا شَرْوَى |
بَلى، لأبي عيسَى شَوَاهدُ بارِعٍ | من الفَضْلِ ما كانَ انتحالاً ولاَ دعْوَى |
نُمَيِّلُ بَينَ البَدْرِ، سَعداً، وَبَيْنَهُ، | إذا ارْتَاحَ للإْحسانِ، أيُّهمَا أضْوَا |
وَمَا دُوَلُ الأيّامِ، نُعْمَى وأبْؤساً، | بأجْرَحَ في الأقْوَامِ مِنه، وَلا أسوَا |
سُقِينَا بسَجْلَيْهِ، وَكانَ خَليفَةً، | من الغَيْثِ، إنْ أسقَى بِرَيّقِهِ أرْوَى |
فأرْضٌ أصَابَتْ حَظَّها مِنْ سَمائِهِ، | وأرْضٌ تأيّا الشُّرْبَ أوْ تَرْقبُ العدوَى |
وَوَادٍ منَ المَعْرُوفِ عندَكَ، لمْ يَكُنْ | مُعَرَّجُنَا مِنهُ عَلى العَدْوَةِ القُصْوَى |
إذا ما تَحَمّلْنا يداً عَنْهُ، خِلْتَنَا، | لنُقْصَانِنَا عَنْهَا، حمَلنا بها رضْوَى |
أجِدَّكَ إنّا والزّمانَ كَما جَنَتْ | على الأضْعَفِ المَوْهونِ عاديةُ الأقْوَى |
مَتَى وَعدَتْنَا الحَادِثاتُ إدالَةً، | فأخْلِقْ بذاكَ الوَعدِ مِنهُنّ أنْ يُلوَى |
لَئِنْ زُوِيَتْ عَنّا الحُظُوظُ، فَمِثْلُها، | إذا خسّ فعلُ الدّهرِ، عن مِثلِنا يُزْوَى |
إذا قُلتُ أجْلَتْ سَدْفَةُ العيشِ عارَضَتْ | شُفافاتُ ما أبَقّى الزّمانُ وما أتْوَى |
مَغَارِمُ يُسلَى في تَرَادُفِهَا الصِّبَا، | وَيُتْلَفُ في أضْعافِها الرَّشأُ الأحوَى |
يَظَلُّ رَشيدٌ، وَهْوَ فيها مُعَلَّقٌ | على خَطَرٍ في البَيْعِ، مُقترِبِ المهوَى |
إذا حَلّ دَينٌ مِنْ غَرِيمٍ تَضَاءَلَتْ | له مِنّةٌ تَرْتَاعُ، أوْ كَبِدٌ تَجْوَى |
وَقَدْ سَامَ طَعمَ المنِ ذَوْقاً فَلَمْ يجدْ | بِهِ المَنَّ مَرْضِيَّ المَذَاقِ، وَلاَ السَّلْوَى |
أسفتُ لغَضّاتٍ منَ الحُسنِ شارَفَتْ | لذُعْرِ الفِرَاقِ، أنْ تَغَيَّرَ، أو تَذوَى |
وَقُلْتُ، وَقَدْ هَمّتْ خَصَائِصُ بَيْنِنَا | منَ الوِدّ أنْ تُمنَى لغَيرِيَ أوْ تُحوَى: |
لَعَلّ أبَا عيسَى يَفُكُّ بِطَوْلِهِ | رِقاباً من الأحبابِ قد كَرِبتْ تَتْوَى |
وَمَا شَطَطٌ أنْ أُتْبِعَ الرَّغْبَ أهْلَهُ، | وأنْ أطلُبَ الجَدوَى إلى وَاهِبِ الجدوَى |
دَنانيرُ تُجزَى بالقَوَافي، كأنّما | مُمَيِّزُها بالقَسْمِ عَدّلَ، أوْ سَوّى |
إذا ما رَحَلْنَا يَسّرَتْ زَادَ سَفْرِنَا، | وإمّا أقَمْنا وَطّتِ الرّحلَ والمأوَى |
وَيَكْفيكَ في فَضْلِ الدّنانيرِ أنّهَا، | إذا جُعلَتْ في الزّادِ، ثانيَةُ التّقوى |