جلا في الكأس جالية الهموم
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
جلا في الكأس جالية الهموم | وقامَ يميسُ بالقدِّ القويمِ |
يحضُّ على مسرات الندامى | ويأمرُ في مصافاة النديم |
وقد فرش الربيعُ لنا بساطاً | من الأزهار مختلف الرقوم |
بحيث الأُفق مغبرّ الحواشي | ووجه الأرض مخضر الأديم |
هنالك تطلع الأقمار فيها | شموس الراح في الليل البهيم |
كأنَّ حبابها نظمت نجوماً | رَجَمْتُ بها شياطين الهموم |
وأرشفني لماه العذب ألمى | مراشفه شفاء للسقيم |
وأعذب ما أرى فيه عذابي | فما أشكو الظلامة من ظلوم |
وأحبابٌ كما أهوى كرامٌ | تنادمني على بنت الكروم |
ويسعدنا على اللذات عُودٌ | يكرِّرُ نغمة الصوت الرخيم |
يخصّ بما يعمّ أخا التصابي | فيشجي بالخصوص وبالعموم |
فيالك لوعة في الحبّ باحت | بما في مضمر القلب الكتوم |
وما أهرقت من دمع كريم | جرى من لوعة الوجد اللئيم |
ألام على هواك وليت شعري | فما للاّئمين من الملوم |
وما سالت دموعُ العين إلاّ | لما في القلب من حرّ السموم |
وهل ينجو من الزفرات صبٌّ | رَمَتْه بالغرام لحاظُ ريم |
وقد حان الوداع وحان فيه | رَحيلُ الصَّبْر عن وجدٍ مقيم |
إلا لله من زَمَنٍ قَضَيْنا | به اللذات في العصر القديم |
وقد كانت تدارُ عليَّ راحٌ | تُعيدُ الرُّوح في الجَسَدِ الرَّميم |
أخَذْتُ بكأسها وطربت فيها | فَسَلْني كيف شئت عن النعيم |
بحيث الشمس طالعة ، مدامي | وبَدْرُ التَّمِّ يومئذٍ نديمي |
تصرمتِ لاصّبابة والتصابي | وصارمني الهوى ظبيُ الصريم |
ومفرية الفدافد والفيافي | لها في البيد إجفالُ الظليم |
سريت بها أقدُّ السَّير قدّاً | بضرب الوخد منها والرسيم |
إذا مرَّتْ على أرض فَرَتْها | مرور العاصفات على هشيم |
وقفتُ على رسوم دارسات | وما يغني الوقوف على الرسوم |
أكفكفُ عبرة الملهوف فيها | وتحت أضالعي نار الجحيم |
أطَوِّفُ في البلاد وأنتحيها | وإنْ شطت إلى حرٍّ كريم |
لئن سَعِدَت به الكوماء يوماً | خسمت نحوس أيام حسوم |
انيخت في رحاب بني عليٍّ | نياقي لا بمنعرج الغميم |
وأغناني عن الدنيا جميعاً | ندى سلمان ذي القلب السليم |
وما زالت مطايانا سراعاً | إلى نادي الكريم ابن الكريم |
رعيت به الندى غضّاً نضيراً | فما أدنو إلى المرعى الوخيم |
أقبلُ منه راحة أريحيٍّ | تصوبُ بصيب الغيثِ العميم |
وإنّي والهموم إذا کعترتني | وجدت به النجاة من الغموم |
ويحمي المنتمي إلى علاه | محاماة الغيور عن الحريم |
إذا ذُكرت مناقبُه بنادٍ | تضوَّعَ عن شذا مسكٍ شميم |
يروق نضارة ً ويروقُ ظرفاً | أرقَّ -إذا نظرتَ- من النّسيم |
وما يُبديه من شَرَفٍ ومجدٍ | بدلّ به على شرف الأروم |
وما برحت مكارمه ترينا | وُجُوه السَّعد بالزمن المشوم |
وتطلع من معاليه فتزهو | مناقبُ أشبهت زهرَ النجوم |
ولِمَ لا يرتقي دَرَج المعالي | بما يعطاه من شيمٍ وخيم |
بوار فينا وإنْ رغمت أنواف | يدا موسى بن عمران الكليم |
أنوءُ بشكرها وأفُوزُ منها | بما يوفي الثراءَ إلى العديم |
وذو الحظ العظيم فتى ً بَرَتْه | يدُ الباري على خلق عظيم |
وفيه منعة لا زال فيها | کمتناع الحادثات من الهجوم |
ويدرك فكره من كلّ معنى | يدق على المكالم والفهوم |
هو القرم الذي افتخرت وباهت | به الأشرافُ أشراف القروم |
تحوم على مناهله العطاشى | وثمَّة َ منهلٌ عذبٌ لهيم |
وتصدرُ عن موارد راحتيه | وقد بلغ المرام من المروم |
لعبد القادر الجيلي يُنمى | وقطب الغوث والنبأ العظيم |
إلى من تفرج الكربات فيه | وينجي المستغيث من الهموم |
إلى بيت النبوة منتماهم | رفيع دعائم الحسب الصميم |
هذاة ُ العالمين ومقتداهم | إلى نهج الصراط المستقيم |
رياض محاسن وحياض فضل | تَدفَّقُ بالمكارم والعلوم |
وما أدري إذا طاشت رجال | رجالٌ أمْ جبالم حلوم؟ |
نظمتُ بمدحهم غُرَر القوافي | فما امتازت عن الدر النظيم |