أقولُ لصاحبي ورضيعِ كأسي
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أقولُ لصاحبي ورضيعِ كأسي | رَفيقي بالفُسوق وبالفجورِ |
علامَ صددتَ عن كأس الحميّا | لقَد ضيَّعتَ أوقاتَ السرور |
أبعدَ الشيب ويحك تبتَ عنها | وما لك في متابك من عذير |
وكيف عدّلتَ عن حالات سوءٍ | تَصيرُ بها إلى بئسَ المصير |
لبستُ بها وإيّاك المخازي | فأسْحَبُ ذيلَ مختالٍ فخور |
أتنسى كيف قضَّينا زماناً | به الأيام باسمة الثغور |
وكنّا كلّما بتنا سكارى | ورحنا بالمدام بلا شعور |
وقُمنا بعد ذلك واصطبحنا | فما نَدري المساءَ من البكور |
وأنتَ مع العَواهر والزواني | تطاعِنُهن بالرُّمحِ القصير |
وكنتَ تقولُ لي إشرَب هنياً | وخذها بالكبير وبالصغير |
وكنتَ إذا نظرت ولو عجوزاً | سللتَ سلول غرمولِ الحمير |
فإنَّ الله يعفو عن كثير | وميَّزتَ الإناث على الذكور |
تركتَ طريقتي وفررتَ عني | فِرارَ الكلب من أسَدٍ هصور |
وتوبتك التي كانتْ نفاقاً | غرورٌ وانغماسك في الغرور |
كصبغ الشيب ينصلُ بعد يومٍ | ولمَ يَبْعُدْ مداه عن الظهور |
وماكتبتْ لتخطر لي ببال | ولا اختلجت وشيبك في الضمير |
لئِنْ أخذوا عليك بها عهوداً | بما كتَبَتْ يداك من السطور |
فعد عنها إلى ما كنت فيه | كمن شمَّ الفسا بعد العبير |
وأكثرْ مااستطعت من المعاصي | فإنَّ يعفو عن كثير |
وننعمُ بالملاح بخفض عيش | مدى الأوقات من بمٍّ وزير |
فإن حضر الفساد وغبتَ عنه | ولم تكُ من يُعَدّ من الحضور |
لسَوَّدْتُ الصحائفَ فيك هجواً | وإتّي اليوم أهجى من جرير |
تطيعُ مشورَتي وترى برأيي | وحَقَّ المستشير على المشير |
لنقضي العمر في طربٍ ولهوٍ | فمرجعنا إلى ربٍّ غفور |
وأنفِق ما ملكتَ ولا تبالِ | فناصرنا ثراءٌ للفقير |
فنحن بفضله وندى يديه | كمَن آوى إلى روض نضير |
ولا زلنا بشرعته وروداً | ورودَ الهيم من عذبٍ نمير |