خذ بالمسرة واغنم لذَّة َ الطَّرب
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
خذ بالمسرة واغنم لذَّة َ الطَّرب | وزوِّج ابن سماءٍ بابنة ِ العنب |
واشرب على نغم الأوتار صافية | مذابة في لجين الكأس من ذهب |
ولا تضع فرصة ً جاد الزمان بها | ساعات أنسك بين المجد واللعب |
أما ترى الروض قد حاكت مطارفه | أيدي الربيع وجادتها يد السحب |
والورد قد ظهرت بالحف شوكته | وخضبت وجنتاه من دم كذب |
وزان ما راق دمع الطل حين بدا | تبسّم الأقحوان الغض عن شنب |
والراح منعشة الأرواح إن مزجت | صاغ المزاج لها تاجاً من الحبب |
وإن بدت وظلام الليل معتكر | رمت شياطين هم المرء بالشهب |
داو بها كلَّ ما تشكوه من وصب | ففي المدامة ما يشفي من الوصب |
ودُر بحيث ترى الأقداح دائرة | فإنها لمدار الأنس كالقطب |
يعود ما فات من عهد الشباب بها | يشبّ فيها معاطيها ولم يشب |
يمجُّ منها فمّ الإبريق رائقة | تخالها إنها صيغت من اللهب |
في جنة راق للأبصار رونقها | وأدمع المزن ما تنفك في صببو |
الورق تملي من الأوراق ماخطبت | على منابر غصن الدوح من خطب |
وما برحت لأيام مضت طرباً | داعي المسرة والأفراح يهتف بي |
حتى إذا العيد وافانا بغرَّته | أقَرَّ شوال عيني في أبي رجب |
بالسيد العلويّ الهاشميّ لنا | فوز يؤمَّل من قَصْدٍ ومن أرب |
أحيت مكارمه ما كنت أعْرِفُها | من الأوائل في الماضي من الحقب |
الله ألهمه فهماً ومعرفة | وحسن خلقٍ وحلماً غير مكتسب |
إني أباهي به الأشراف أجمعها | بذلك النسب العالي الذي حسب |
فداؤه كل ممقوت بشانئه | فلا إلى حسب يعزى ولا نسب |
هو السعيد الذي يشقى العدو به | من ذا يعاديه في الدنيا ولم يخب |
لما دعاه وليّ الأمر منتدباً | أجابه وأراه خير منتدب |
دعاه مستنصراً في عسكر لجب | وقد ينوب مناب العسكر اللجب |
فسار مستصحب التوفيق يومئذٍ | فسار أكرمَ مصحوبٍ ومصطحب |
وصار تدبيره يغني عساكره | عن الكتائب بالأقلام والمتب |
كم كربة نفّست للجيش همته | فحقّه أنْ يسمى كاشف الكرب |
دعا إلى طاعة السلطان فاجتمعت | له القبائل من بعد ومن قرب |
لقد أجابته وانقادت لطاعته | ولو دعاها سوى علياه لم تجب |
أراعه ما أرهم من مكارمه | وجاء من بره المعروف بالعجب |
تلك المزايا لأجدادٍ له سلفت | فأعقب الله ما للمجد من عقب |
من سادة شرّف الله الوجود بهم | قد أورثوها علاءً من أبٍ فأب |
فلم تجد من لسان غير منطلق | ولا فؤاداً إليهم غير منجذب |
فلا تقسهم بقوم دونهم شرفاً | يوماً وكيف يقاس الرأس بالذنب |
لقد كفى العسكر المنصور نائبة | تجثو لها نوب الدنيا على الركب |
وقوّمت كل معوَجٍّ صوارمه | وسكنت منذ وافى كلّ مضطرب |
وأسعد الله مولانا الفريق به | فكان ثابت سعد غير منقلب |
وكان أعظم أسباب الفتوح له | فيا له سبب تاهيك من سبب |
أما وربك لولاه لما خمدت | نار لها غير فعل النار بالحطب |
دهياء تفغر فاهاً لا سبيل إلى | لا يسأمون من الإقدام في الطلب |
وكان خيراً لهم لو أنهم رجعوا | عن غيّهم بعد ذاك الجهد والنصب |
بَغوا لما نزغ الشيطان بينهم | والبغي يسلم أهليه إلى العطب |
حتى إذا دبّروا للحرب أمرهم | وهم عن الرأي والتدبير في حجب |
فأقبلت برجال لا عداد لها | وحيّر الترك ما لقت من العرب |
لله درك ماذا أنت فاعله | بذلت نفسك فوق المال والنشب |
والحرب قائمة والنار مُوْقدة | يقول منها جبانُ القوم واحربي |
يساقط الموت من أبطالها جثثاً | كما يساقط جذع النخل بالرطب |
برزت فيهم بروز السيف منصلتاً | من غمده وأخذت القوم بالرعب |
كففت أيديهم عن ما تمد له | فما استفادوا سوى الخذلان في الغلب |
وشتت الله ممن قد طغى وبغى | جمع الخوارج بين القتل والهرب |
ودمّر الله في أقدامهم فئة | فكان أعدى إلى أخرى من الجرب |
تعبتم فأحتم بعدها أمماً | كم راحة يجتنيها المرء من تعب |
وعم فضلك ذاك القطر أجمعه | يا حسن ما أصبحت في مربع خصب |
رأس الأكابر والأشراف من مضر | صدر الرئاسة فخر السادة النجب |
ليهنك النصر والفتح المبين وما | بلغت من جانب السلطان من أرب |
لئن حباك بنيشان تُسرُّ به | بطالع لقران السعد لم يغب |
هذا المشير أعزّ الله دولته | أبان فضلك إعلاناً لكلّ غبي |
وخذ إليك بقيت الدهر قافية | تلوح منك عليها بهجة الأدب |