تذكَّر بالخفيفِ عهداً قديما
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
تذكَّر بالخفيفِ عهداً قديما | وشاهدَ في الرَّبع تلك الرُّسوما |
فظلّ يكفكفُ دَمعاً كريماً | وبات يعالج وجداً لئيما |
سقى الله دار اللوى بالحيا | فرامة فالمنحنى فالغميما |
وحيّى منازلنا بالعقيق | وألقى عليهنّ غيثاً عميما |
وقفنا عليها ضحى ً والهوى | يذيب القلوب ويفني الجسوما |
وكم وقفة لي بتلك الديار | أُداري بهنَّ الأسى والهموما |
تنمُّ عليَّ دموع العيون | ولم أَرَ كالدمع شيئاً نموما |
تقضّى عليَّ لنا زمنٌ بالحمى | ولنْ قضى الله أنْ لا يدوما |
وجارتْ علينا صروف الزمان | وكان الزمان ظلوماً غشوما |
وكانوا بجمع وكان الكئيب | فحلُّوا الغوير وحلَّ الحطيما |
ومرَّتْ نسائم عيش المحب | وعادت عليه برغمٍ سموما |
لياليَ مرّت مرور الخيال | وكانت نعيماً فصارت جحيما |
ولا نشَّقتني الصبا بعدهم | أريجاً ذكياً ومسكاً شميما |
ومما شجاني ورقُ الغوير | تُرَدّدُ في الدَّوح صَوتاً وخيما |
على أنّني إنْ بدا بارق | نثرتُ من الدمع درّاً نظيما |
تفضحني عَبرتي في الهوى | ولم تر صبّاً لسرٍّ كتوما |
وإنَّ غريمي غزال اللوى | فجوزيت بالخير ذاك الغريما |
رماني بعينيه ظبي الصريم | فأمسى فؤاد المعنّى صريماً |
رماني ولم يخشَ إثماً فرحتُ | قتيلاً وراح بقتلي أثيما |
وأنتِ مهاة َ قطيع المها | أَبيتُ لأجلِك أرعى النجوما |
وكنتُ ألوم بك العاشقين | فأَصبَحْتُ يا ميُّ فيك الملوما |
وأثْقَلَني حِملُ هذا الغرام | وحمَّلني الوجدُ عبثاً عظيما |
وها أَنا أشكو فؤاداً عليلاً | وجسماً كطرف أميمٍ سقيما |
ولله قلبٌ بها المستهام | وما منع القلب أن لا يهيما |
ومن بعد تلك الثنايا العذاب | إلى كم أعاني العذاب الأليما |
وأسلمني للمنون المنى | كأنّي أبيت الدياجي سليما |
ولولا رجائي بمفتي العراق | لأصبح حالي قبيحاً ذميما |
قطعت العلائق عن غيره | كما قطع المشرفيُّ الأديما |
كريمٌ أُؤَمّل منه الجميل | وقد خاب من لا يرجّى الكريما |
ويولي بنائله الطالبين | فيغني الفقير ويثري العديما |
ويهدي المضلَّ ويعطي المقلَّ | ويرفع في البأس خطيباً جسيما |
أحاديثُه مثل زهر الرياض | فهل كان إذ ذاك روضاً جميعا |
لطيفٌ رقيق حواشي الطباع | فلو جسّمتْ لاستحالت نسيما |
فسبحانَ من جَعَلَ الفضلَ في | عُلاك إلى أنْ عَلَوْتَ النجوما |
فأوضحتَ بالحقّ للعالمين | صراطاً إلى ربها مستقيما |
وأصبحَ معوجّ أمر الأنام | بأحكام حكمك عدلاً قويما |
وتغضبُ لله لا للحظوظ | وما زلتَ في غير ذاك الحليما |
وأَحْيَيْتَ رِمَّة َ عِلْم النّبيّ | وقبلك كانتْ عظماً رميما |
كَشَفْتَ بعلمك إشكالها | فحيَّرتَ فيما كشفتَ الفهوما |
وصَيَّرتَ رُشدَك صبحاً منيراً | يشقُّ من الغيّ ليلاً بهيما |
لقد نلتَ ما أعجز الأولين | وأصْبَحْتَ في كلّ علم عليما |
فَطَوْراً هُماماً وطوراً إماماً | وطوراً عليماً وطوراً حكيما |
وأنت أجلُّ الورى رتبة ً | وأعظمُ قدراً وأشرفُ خيما |
وقد نتجتْ بكَ أمُّ العلى | ومن بعد ذلك أضحتْ عقيما |
فيا مَن به أقلَعُ النائبات | كما تقلع المرسلاتُ الغيوما |
ترحَّم على عبدك المستهام | فإنّي عهدتك برّاً رحيما |
ولإنّي لأجلب فيك السرور | وإنّي لأكشف فيك الغموما |
فلا تشمتنَّ بي الحاسدين | فتطمع فيَّ العدوَّ المشوما |
ولا تتركنّي لقى ً للهموم | فتتركني في الزوايا هشيما |
وألسنة الخصم مثل الصوارم | تسقى الدماء وتفري اللحوما |
فنل سيّدي أنسَ عيدٍ جديد | وحزْ في صيامك أجراً عظيما |