دعاك أميرُ المؤمنين وإنّما
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
دعاك أميرُ المؤمنين وإنّما | دعا مسرعاً فيما يروم مسابقاً |
فلبيته لمّا دعاك ولم نجد | عن السَّير في تلك الإجابة عائقا |
وقدمت للترحال عزمتك التي | تحثّ إلى المجد الجياد السوابقا |
على ثقة منه بما أنتَ أهله | وما كان إلاّ في جنابك واثقا |
فكان إذا ما اعتلَّ أمرٌ بملكه | رآك طبيباً للممالك حاذقا |
برأي إذا هزَّ الأسنة واخز | وعزم إذا استل الظبا كان فالقا |
نظرت بنور الله في كل غامض | بعيد المدى حتى عرفت الحقائقا |
وفيك مع الإقدام واليأس في الوغى | خلائق ما زالت تَسُرُّ الخلائقا |
صلابة دين ترغم الشرك أنفه | وتخذل أعلاجاً له وبطارقا |
يسرّ بها من كان بالله مؤمناً | ويكبت فيها ملحداً ومنافقا |
ولا غرو من كان الفتوح بوجهه | إذا استتتفتح الإسلام فيه المغالقا |
إذا التقع وأمسى عارضاً متركماً | وأرسلتِ الشهبُ المنايا صواعقا |
تحبل نهار الحرب أسود حالكاً | وسوسن أوراق الحديد شقائقا |
فكم ناطق بالكفر أصبح أخرسا | وكم أخرسٍ بالشعر أصبح ناطقاً |
جزيت جزاء الخير عن أهل بلدة ٍ | ببأسك تكفيها الخطوب الطوارقا |
غَرَسْت من الإحسان فينا أيادياً | فأنْبَتْنَ بالذكر الجميل حدائقا |
أجدتَ نظام الملك حتّى كأنَّه | من الحسن أضحى لؤلؤاً متناسقاً |
وفارقتنا بالكرة منا ولم تزل | حميد السجايا مقبلاً ومفارقاً |
فحقَّ لبغداد البكاء وكيف لا | وقد فارقت فخر الوزارة نامقا |
وكنت بنا بَرّاً رؤوفاً ووالياً | عطوفاً وبحراً بالمكارم دافقاً |
وعوّدنا منك الجميل عوايداً | إذا عدتْ العادات كن خوارقا |
فدبَّرت منا رقعة ما تدبرت | وكم فرزنت أيديك فينا بيادقا |
وفيما أراك الله إصلاح شأنها | سددتَ على أهل الفساد الطرائقا |
تروق وتصفو إنْ كدرت سريرة | فلو كنت ماءً كنت إذ ذاك رائقا |
فسرْ في أمانِ الله من كلّ طارق | مهمٍ فلا تخشى مع الأمن طارقا |
إلى ملك تخطى لديه بحظوة | بنيت بها فوق النجوم سرادقا |
تكون بمرآى من علاه ومسمع | فتتخذ البشرى رفيقاً موافقا |
إذا كنت كنت من سلطاننا بمكانة | فقد أمِنَ السلطان فيك البوائقا |
عليك ولا ريب بذاك اعتماده | كما اعتمد المرءُ الجبال الشواهقا |
عزمت إليه بالرحيل وطالما | قطعت إلى الأمر المهم العوائقا |
شة قك منه حضرة ملكية | وما كنتما إلاّ مشوقاً وشائقا |
ستُرزق من ثمَّ السعادة كلَّها | فَتَحْمَد رزاقاً وتشكر خالقا |
وفيك مع الإقدام والبأس سطوة | تعيدُ فؤادَ الدهر بالرعب خافقا |
فما وجدا السلطان مثلك ناصحاً | ولا وجد السلطان مثلك صادقا |