مطرٌ … |
يلحُّ على الطريقِ إلى المطرْ |
لنهارنا قيثارةُ البلدِ الموزَّعِ |
في الطريقِ إلى المطرْ |
جلدي يفتّحُ برتقالْ |
كم أشتهي … |
هذا النزولَ إلى المخيّمْ |
هذا الصعودَ إلى المخيّمْ |
كانتْ تحبُّ |
وكنتُ أفشي سرَّ قلبي |
خبّئي تفاحةً في خصرِ حيفا .. |
سجّلي نبضَ الأصابعِ وزعيها |
عندَ حيفا .. |
سميتُ وجهكِ والشوارعَ |
والنهارَ .. طلوعَ جلدي |
كنّا نحبُّ الياسمينْ |
طفلٌ على أطراف غيمهْ |
بلدٌ على أطراف نجمهْ |
ودخلتُ في أفياء خيمهْ |
كم أشتهي |
كم أشتهي |
كم أشتهي … |
* * * |
أرخيتُ ظلي |
صحراء ما بينَ الأصابعِ والأصابعِ |
كان ظلي |
أنا لا أحبُّ الياسمينْ |
هيَ جثتي |
وظلالُ حيفا |
لا تأخذي هذا الرغيفَ ولا تنامي |
هي جثتي |
لا تدخلي |
كلّ الشوارعِ جثتي |
أنا لا أحبّ الياسمينْ |
لا أشتهي .. |
لا أشتهي .. |
لا أشتهي .. |
* * * |
مطرٌ .. |
وخاصرتُ الخليلْ |
صليتُ عند غمامةٍ |
جلدي يفتح والجليلْ .. |
كان المطرْ … |
في ساعةِ الميلادِ وانتفضَ الولدْ .. |
سالتْ يداهُ على البلدْ |
وأنا أحبّكِ حين يافا .. |
تستردُّ الآنَ خاصرةَ الشوارعِ والمنازلْ |
صعدتْ وراحت تمطر الدنيا مشاعلْ |
ـ يترجَّلُ الولدُ المعبّأ بالشهادهْ |
ـ تسقي عجوزٌ كرمة الدار العتيقهْ |
الآن أمّي |
وأبي يعبّئ بندقيَّهْ |
يمضي وخلف الظهرِ خيمهْ |
يمضي وعند جبينه أطراف غيمهْ |
الآن أمّي |
وأخي يعبِّئ صخرة في الناصرهْ |
كم أشتهي .. |
كم أشتهي .. |
كم أشتهي .. |
* * * |
أنا لا أحبّ الداخلينَ الطالعين من المرايا |
كانوا عَرايا |
ورأيتُ عنترةَ المكبَّلَ بالسلاسلِ |
كان يجلدْ |
ورأيت عبلة في المرايا |
كانت تضاجع جلدَ أفعى |
وتصيح من وجع الشظايا .. |
يا وجه عنترة المغيَّبَ لا تلمني |
الآنَ في هذا العراءْ .. |
الخيلُ ترقص عند أقدام الإماءْ |
وتثور نشوتها وتغلي |
إن قبلتْ طرفَ الحذاءْ |
يا وجه عنترةَ المغيبَ لا تلمني |
صحراء جبهتنا .. وفي قاماتنا صحراءْ |
وعروقنا .. دمنا .. |
فواصلُ حبنا .. صحراءْ .. |
ظمأ وصرختنا .. الصدى |
صحراءْ .. |
أنا لا أحبّ النازلين إلى جهنمْ .. |
والطالعينَ إلى جهنمْ .. |
يا نفطنا .. |
آنَ الأوان .. ألا .. تكلمْ |
أنا لا أحبّ القادمينَ |
وكلُّ خطوتهم .. وراءْ |
يتقدمون .. وظلهمْ |
في الأرض مكسور اللواءْ |
يتقدمونَ .. وخلفهم .. |
وأمامهم .. |
داسوا صراخ الكبرياءْ .. |
ورأيت في قاماتهم .. |
خيطاً ضعيفاً .. واهياً .. |
كان اسمه يوماً دماءْ .. |
يا وجه عنترة المغيب لا تلمني .. |
لا أشتهي .. |
لا أشتهي .. |
لا أشتهي .. |
* * * |
مطرٌ على جدراننا |
مطرٌ على خطواتنا |
مطر على أوراقنا |
مطرٌ على هذا المطرْ |
سجلتُ قلبي غيمةً |
ودخلتُ في عرس الشجرْ |
لا تخرجي |
قبلتُ عند الكرملِ المشتاق جدّي |
كان المخيم طالعاً من غيمةٍ |
كان المخيم نازلاً في غيمةٍ |
قبلتُ جدّي |
كانت يداه على جذوع السنديانْ |
مطرٌ على أشجارنا |
مطر على الجذع القديمْ |
هو راسخ |
هو راسخ |
هو راسخ |
* * * |
مطرٌ وكنّا ساعة الميلاد في هذا المطرْ |
مطرٌ وكنا ندخلُ الأشجارَ |
في قاماتنا .. |
كان الشجرْ .. |
عصفورةٌ رفتْ وكانت خيمةً |
عصفورةٌ رفتْ وصارت غيمةً |
عصفورة راحت توزّع ياسمينْ |
مال الصغير فأدخلته أمه في صدرها |
راحت توزع جسمه عند البلادْ |
حيفا هنا .. |
يافا هنا .. |
وهنا الخليلْ |
حمل الصغير بلاده |
وانداح في كلّ البلادْ |
جلست على يده صفدْ .. |
زرعت فراشةَ حلمها في حلمهِ |
كبرَ الولدْ .. |
واشتدَّ في حبِّ البلدْ .. |
كم أشتهي .. |
كم أشتهي .. |
كم أشتهي .. |
* * * |
غربتُ .. أو شرقتُ .. لا .. |
شرقت .. أو غربتُ .. لا .. |
إني أحبك فامسحي عن جبهتي هذا الضبابْ |
وتمدّدي .. وتمددي .. |
خصب طلوعك من مواويل العذابْ . |
أنا لست أحمل غير وجهك في ضلوعي .. |
فتمددي .. وتمددي .. |
كلّ الشبابيك التي ما بيننا |
حملت مع الزيتون أحلام الإيابْ |
كلّ المفاتيح التي ما بيننا .. |
شدّت على هذا الطريقْ .. |
لأصابعي وقع السنابل والرصاصْ |
يتلفتُ الآتون من جسمي إلى بصماتهم |
يتوزّعونْ .. |
يأتون من شطآنهمْ .. |
يتشبثونْ |
* * * |
غربتَ أو شرقتَ .. لا .. |
شرقت أو غربت .. لا .. |
لنهارنا هذا .. المطرْ .. |
لطريقنا هذا .. الشجرْ .. |
والعائدونَ .. العائدونَ .. |
العائدونْ .. |
طلعَ النهار .. على النهارْ |
خطواتهمْ .. |
حيفا تطلّ الآن من مينائها .. |
يافا تمدّ يدينِ من أشواقها .. |
هي أرضنا .. |
هي طرحة العرسِ .. الدماءْ .. |
هي جذرنا .. |
مطرٌ .. مطرْ .. |
شهداؤنا .. |
مطرٌ .. مطرْ .. |
والعائدون .. العائدونَ .. |
العائدونْ .. |
لنهارنا .. |
يتدفقونْ .. |
يتدفقونْ .. |
يتدفقونْ .. |