صَدَقَتْ مُعَيَّة َ نَفْسُهُ فَتَرَحَّلاَ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
صَدَقَتْ مُعَيَّة َ نَفْسُهُ فَتَرَحَّلاَ | وَرَأى الْيَقِينَ وَلَمْ يَجِدْ مُتَعَلَّلاَ |
وقضى لبانتهُ معيّة َ منكمُ | وَرَأَى عَزِيمَة َ أَمْرِهِ أَنْ يَفْعَلاَ |
وَرَأَى أَبَا حَسَّانَ دُونَ عَطَائِهِ | فتبيّنتهُ العينُ أسمرَ مقفلا |
فَشَرَى حَرِيبَتَهُ بِكُلِّ طُوَالَة ٍ | دهماءَ سابغة ٍ توفّي المكيلا |
وغدا منَ الأرضِ الّتي لمْ يرضها | وَاخْتَارَ وَرْثَاناً عَلَيْهَا مَنْزِلاَ |
فَطَوَى الْجِبَالَ عَلَى رِحَالَة ِ بَازِلٍ | لاَ يَشْتَكِي أَبَداً بِخُفٍّ جَنْدَلاَ |
تغتالُ كلَّ تنوفة ٍ عرضتْ لها | بِتَقَاذُفٍ يَدَعُ الْجَدِيلَ مُوَصَّلاَ |
بجنوبِ لينة َ ما تزالُ براكبٍ | تذري مناسمها بهنَّ الحنظلا |
تدعُ الفراخَ الزّغبَ في آثارها | منْ بينِ مكسورِ الجناحِ وأقزلا |
نحُّ الحناجرِ ما يكادُ يقيمها | تدعُ القعودَ منَ التّصرّفِ أجزلا |
آلَى إذَا بَلَغَتْ مَدَافِعَ تَلْعَة ٍ | وَعَلاَ لَيُبْلِغْهَا الْمَكَانَ الأَطْوَلاَ |
وَكَأَنَّهُنَّ أَشَاءُ يَثْرِبَ حَوْلَهَا | جرفٌ أضرَّ بهنَّ نهيٌ بهّلا |
وكأنَّ جزية َ تاجرٍ وهبتْ لهُ | يَوْماً إِذَا اسْتَقَبْلَنَ غَيْثاً مُبَقِلاَ |
وترى أوابيها بكلِّ قرارة ٍ | يَكْرُفْنَ شِقْشِقَة ً وَنَاباً أَعْصَلاَ |
وَإذَا سَمِعْنَ هَدِيرَ أَكْلَفَ مُحْنِقٍ | عدلتْ سوالفها إذا ما جلجلا |
فَالْعَبْدُ قَدْ أَعْنَتْنَ أَسْفَلَ سَاقِهِ | وَعَدَلْنَ رُكْبَتَهُ سِوَاهَا مَعْدِلاَ |
فتركنهُ حلقَ الأديمِ مكسّرًا | كالمسحِ ألقيَ ما يحرّكُ مفصلا |
دَسِمَ الثِّيَابِ كَأَنَّ فَرْوَة َ رَأْسِهِ | زرعتْ فأنبتَ جانبها فلفلا |
لاَ يَسْمَعُ الْحَبَشِيُّ وَسْطَ عِرَاكِهَا | صَوْتاً إِذَا مَا الْعَبْدُ أَوْرَدَ مَنْهَلاَ |
إِلاَّ تَجَاوَبَهُنَّ حَوْلَ سَوَادِهِ | بحناجرٍ نحٍّ وشدقٍ أهدلا |
وَلَقَدْ تَرَى الْحَبَشِيَّ وَهْوَ يَصُكُّهَا | أَشِراً إِذَا مَا نَالَ يَوْماً مَأْكَلاَ |
يَرْمَدُّ مِنْ حَذَرِ الْخِلاَطِ كَمَا ازْدَهَتْ | ريحٌ يمانيّة ٌ ظليمًا مجفلا |
لا خيرَ في طولِ الإقامة ِ للفتى | إلاّ إذا ما لمْ يجدْ متحوّلا |