أفي أثرِ الأظعانِ عينكَ تلمحُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أفي أثرِ الأظعانِ عينكَ تلمحُ | نَعَمْ لاَتَ هَنَّا إنَّ قَلْبَكَ مِتْيَحُ |
ظَعَائِنُ مِئْنَافٍ إذَا مَلَّ بَلْدَة ً | أقَامَ الرِّكَابَ بَاكِرٌ مُتَرَوِّحُ |
منَ المتبعينَ الطّرفَ في كلِّ شتوة ٍ | سنا البرقِ يدعوهُ الرّبيعُ المطّرحُ |
يسامي الغمامَ الغرَّ ثمَّ مقيلهُ | مِنَ الشَّرَفِ الأعْلَى حِسَاءٌ وَأبْطَحُ |
رعينَ قرارَ المزنِ حيثُ تجاوبتْ | مَذَاكٍ وأبْكَارٌ مِنَ الْمُزْنِ دُلَّحُ |
بِلاَدٌ يَبُزُّ الْفَقْعُ فِيهَا قِنَاعَهُ | كَمَا کبْيَضَّ شَيْخٌ مِنْ رِفَاعَة َ أجْلَحُ |
فَلَمَّا انْتَهَى نَيُّ الْمَرابِيعِ أَزْمَعَتْ | خُفُوفاً وَأوْلاَدُ الْمصَايِيفِ رُشَّحُ |
رماهَ السّفا واعتزّها الصّيفُ بعدما | طَبَاهُنَّ رَوْضٌ مِنْ زُبَالَة َ أفْيَحُ |
وَحَارَبَتِ الْهَيْفُ الشِّمَالَ وآذَنَتْ | مَذَانِبُ مِنْهَا اللَّدْنُ والْمُتَصَوِّحُ |
تَحَمَّلْنَ مِنْ ذَاتِ التَّنَانِيرِ بَعْدَمَا | مضى بينَ أيديها سوامٌ مسرّحُ |
وعالينَ رقماً فوقَ رقمٍ كسونهُ | قنا عرعرٍ فيهِ أوانسُ وضّحُ |
عَلى كُلِّ عَجْعَاجٍ إذَا عَجَّ أقْبَلَتْ | لهاة ٌ تلاقيها مخالبُ كلّحُ |
تبصرتهمْ حتّى إذا حالَ دونهمْ | رُكَامٌ وَحادٍ ذُو غَذَامِيرَ صَيْدَحُ |
وقلنَ لهُ حثَّ الجمالَ وغنّها | بِصَوْتِكَ والْحَادِي أحَثُّ وأَنْجَحُ |
بإِحْدَى قَيَاقِ الْحَزْنِ في يَوْمِ قُتْمَة ٍ | وضاحي السّرابِ بيننا يتضحضحُ |
تواضعُ أطرافُ المخارمِ دونهُ | وتبدو إذا ما غمرة ُ الآلِ تنزحُ |
فَلمَّا دَعَا دَاعِي الصَّبَاحِ تَفَاضَلَتْ | بركبانها صهبُ العثانينِ قرّحُ |
تدافعهُ عنّا الأكفُّ وتحتهُ | مِنَ الْحَيِّ أشْبَاحٌ تَجُولُ وَتَمْصَحُ |
فَلَمَّا لَحِقْنَا وازْدَهَتْنَا بَشَاشَة ٌ | لإتيانِ منْ كنّا نودُّ ونمدحُ |
أتَتْنَا خُزَامَى ذَاتُ نَشْرٍ وَحَنْوَة ٌ | وراحٌ وخطّامٌ منَ المسكِ ينفحُ |
فنلنا غراراً منْ حديثٍ نقودهُ | كما اغبرَّ بالنّصِّ القضيبُ المسمّحُ |
نُقَارِبُ أفْنَانَ الصِّبَى وَيَرُدُّنَا | حياءٌ إذا كدنا نلمُّ فنجمحُ |
حَرَائِرُ لاَ يَدْرِينَ مَا سُوءُ شِيمَة ٍ | وَيَتْرُكْنَ مَا يُلْحَى عَلَيْهِ فَيُفْصِحُ |
فأعجلنا قربُ المحلِّ وأعينٌ | إلينا فخفناها شواخصُ طمّحُ |
فَكَائِنْ تَرَى في الْقَوْمِ مِنْ مُتَقَنِّع | على عبرة ٍ كادتْ بها العينُ تسفحُ |
لَهُ نَظْرَتانِ نَحْوَهُنَّ وَنَظْرَة ٌ | إلينا فللّهِ المشوقُ المترّحُ |
كَحَرَّانَ مَنْتُوفِ الذِّرَاعَيْنِ صَدَّهُ | عَنِ الْمَاءِ فُرَّاطٌ وَوِرْدٌ مُصَبَّحُ |
فقامَ قليلاً ثمَّ باحَ بحاجة ٍ | مُصَرَّدُ أشْرَابٍ مُرَمًّى مُنَشَّحُ |
إلى المصطفى بشرِ بنِ مروانَ ساورتْ | بِنَا اللَّيْلَ حُولٌ كالْقِدَاحِ وَلُقَّحُ |
نَقَانِقُ أشْبَاهٌ بَرَى قَمَعَاتِهَا | بُكُورٌ وَإسْآدٌ وَمَيْسٌ مُشَيَّحُ |
فلمْ يبقَ إلاَّ آلُ كلِّ نجيبة ٍ | لها كاهلٌ جأبٌ وصلبٌ مكدّحُ |
ضُبَارِمَة ٌ شُدْقٌ كأنَّ عُيُونَهَا | بَقَايَا جِفارٍ مِنْ هَرَامِيتَ نُزَّحُ |
فَلَوْ كُنَّ طَيْراً قَدْ تَقَطَّعْنَ دُونَكُمْ | بغبرِ الصّوى فيهنَّ للعينِ مطرحُ |
ولكنّها العيسُ العتاقُ يقودها | همومٌ بنا منتابها متزحزحُ |
بناتُ نحيضِ الزّورِ يبرقُ خدّهُ | عِظَامُ مِلاطَيْهِ مَوَائِرُ جُنَّحُ |
لَهُ عُنُقٌ عَاري الْمَحَالِ وَحَاركٌ | كلوحِ المحاني ذو سناسنَ أفطحُ |
وَرِجْلٌ كَرِجْلِ الأَخْدَرِيِّ يَشُلُّهَا | وَظِيفٌ على خُفِّ النَّعَامَة ِ أرْوَحُ |
يقلّبُ عينيْ فرقدٍ بخميلة ٍ | كساها نصيُّ الخلفة ِ المتروّحُ |
تروّحنَ منْ حزمِ الجفولِ فأصبحتْ | هضابُ شرورى دونها والمضيّحُ |
وما كانتِ الدّهنا لها غيرَ ساعة ٍ | وجوَّ قساً جاوزنَ والبومُ يضبحُ |
سمامٌ بموماة ٍ كأنَّ ظلالها | جَنَائِبُ تَدْنُو تَارَة ً وتَزَحْزَحُ |
ولمّا رأتْ بعدَ المياهِ وضمّها | جَنَاحَانِ مِنْ لَيْلٍ وَبَيْدَاءُ صَرْدَحُ |
وأغْسَتْ عَلَيْهَا طِرْمِسَاءُ وعُلِّقَتْ | بهجرٍ أداوى ركبها وهيَ نزّحُ |
حذاها بنا روحٌ زواحلُ وانتحتْ | بِأجْوَازِهَا أيْدٍ تَمُدُّ وتَنْزَحُ |
فَأضْحَتْ بِمَجْهُولِ الْفَلاَة ِ كَأنَّهَا | قَرَاقِيرُ في آذِيِّ دِجْلَة َ تَسْبَحُ |
لهاميمُ في الخرقِ البعيدِ نياطهُ | وراءَ الّذي قالَ الأدلاّءُ تصبحُ |
فما أنا إنْ كانتْ أعاصيرُ فتنة ٍ | قُلُوبُ رِجَالٍ بَيْنَهُنَّ تَطَوَّحُ |
كَمَنْ بَاعَ بالإْثْمِ التُقَى وتَفَرَّقَتْ | بهِ طرقُ الدّنيا ونيلٌ مترّحُ |
رَجَوْتُ بُحُوراً مِنْ أُمَيَّة َ دُونَهَا | عدوٌّ وأركانٌ منَ الحربِ ترمحُ |
وما الفقرُ منْ أرضِ العشيرة ِ ساقنا | إلَيْكَ وَلكِنَّا بِقُرْبِكَ نَبْجَحُ |
وَقَدْ عَلِمَ الأَقْوَامُ أنَّكَ تَشْتَري | جميلَ الثّنا والحمدُ أبقى وأربحُ |
وأنتَ امرؤٌ تروي السّجالَ وينتحي | لأبعدَ منّا سيبكَ المتمنّحُ |
وإنّكَ وهّابٌ أغرُّ وتارة ً | هزبرٌ عليهِ نقبة ُ الموتِ أصبحُ |
أبُوكَ الَّذي نَجَّى بِيَثْرِبَ قَوْمَهُ | وَأنْتَ الْمُفَدَّى مِنْ بَنِيهِ الْمُمَدَّحُ |
إذا ما قريشُ الملكِ يوماً تفاضلوا | بدا سابقٌ منْ آلِ مروانَ أقرحُ |
فإنْ تنءَ دارٌ يا ابنَ مروانَ غربة ٌ | بحاجة ِ ذي قربى بزندكَ يقدحُ |
فَيَا رُبَّ مَنْ يُدْني وَيَحْسِبُ أنَّهُ | يودّكَ والنّائي أودُّ وأنصحُ |
هَجَوْتُ زُهَيْراً ثُمَّ إنِّي مَدَحْتُهُ | وما زالتِ الأشرافُ تهجى وتمدحُ |
فَلَمْ أدْرِ يُمْنَاهُ إذَا مَا مَدَحْتُهُ | أَبِالْمَالِ أمْ بالْمَشْرَفِيَّة ِ أنْفَحُ |
وَذِي كُلْفَة ٍ أَغْرَاهُ بي غَيْرُ ناصِحٍ | فقلتُ لهُ وجهُ المحرّشِ أقبحُ |
وَإنِّي وَإنْ كُنْتُ الْمُسِيءَ فَإنَّنِي | عَلَى كُلِّ حَالاَتِي لَهُ مِنْهُ أنْصَحُ |
دأبتُ إلى أنْ ينبتَ الظلُّ بعدما | تقاصرَ حتّى كادَ في الآلِ يمصحُ |
وجيفَ المطايا ثمَّ قلتُ لصحبتي | وَلَمْ يَنْزِلُوا أبْرَدْتُمُ فَتَرَوَّحُوا |