تَراءَتْ لَنا، بينَ الأكِلّة ِ والحُجبِ،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
تَراءَتْ لَنا، بينَ الأكِلّة ِ والحُجبِ، | فَتاة بها طَرفي، وهامَ بها قَلبي |
وأعجبُ شيءٍ أنّها مذ تبرجتْ، | رأتْ حسنها عيني، ولم يرها صحبي |
تلقيتُها بالرحبِ منّي كرامة ً، | ومنها تعلمنا التلقيَ بالرحبِ |
عَجبتُ لمَسراها، وأعجبُ باللّقا، | فيَا عَجَبي ممّا رأيتُ، ويا عُجبي |
غزالة ُ سربٍ كنتُ أخشَى نفارَها، | فأصبَحتُ مع فَوزي بها آمِنَ السّربِ |
خفضتُ جناحَ الذلّ رفعاً لقدرها، | فأوجبَ ذاك الخفضُ رَفعي عن النّصبِ |
وناجَيتُها فيما أُحبّ سَماعَهُ، | مشافهة ً، لا بالترسلِ والكتبِ |
لقَد أصبَحَتنا من مُدامِ خِطابِها، | وما قلتُ إلحاحاً علَيهِ: ألاَ هُبِّي |
حملت الظمأ شوقاً إليها ، فساقني | إلى عين تنسيمٍ أدمتُ بها شربي |
علمَتُ بها ما كنتُ أجهَلُ عِلمَه، | وكنتُ بها أُنبا فصِرتُ بها أُنبي |
كستني من العزّ المقيمِ ملابساً | حِساناً ولم تَقصِد بذاكَ سوى سَلبي |
وأصبَحَ مَوتي كالحَياة ِ بوَصلِها، | فإن غِبتُ كان البعدُ في غاية ِ القُربِ |
وكم جَعَلَتْ منّي عليّ طَليعَة ً، | فعَيني لها في ذاكَ عَينٌ على قَلبي |
فكلٌّ يرَى شَمساً من الشّرقِ أشرَقتْ، | وتشرقُ شمسُ العارفينَ من الغربِ |
فيا حضرة َ القدسِ التي مذ شهدتها | تيقنَ قلبي بالوصولِ إلى ربّي |
حنانَيكِ قد أشهَدتِني كلّ واجبٍ | عليّ، فلي من ذاكَ شُغلٌ عن النّدبِ |
فأنتِ لنا قطبٌ عليهِ مدارنا، | وأيّ رَحًى أضحَتْ تدورُ بلا قُطبِ |