عجبتُ لها تمسي العقولُ لها نهبا،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
عجبتُ لها تمسي العقولُ لها نهبا، | وتَسبي النّدامَى وهيَ ما بَينَهم تُسبى |
وأعجبُ من ذا أنها كلّما طغتْ | على العقلِ زادَ الشاربونَ لها حبّا |
سلافٌ تميتُ العقلَ في حالِ شربِها، | وينعشُ منها الروحَ والجسمَ والقلبَا |
معتقة ٌ أفنَى الجديدَ عتيقها، | وأبقى صميماً من حشاشتِها لبّا |
محجبة ٌ وسطَ الدنانِ، ونورُها | يخرقُ من لألاءِ غرتِها الحجبَا |
كُمَيتٌ إذا شاهدتَها في إنائِها، | ولكن لصافي لونها دعيتْ صهبَا |
إذا مسها وقعُ المزاجِ تألمتْ، | وأزبَدَ منها الثّغرُ، وامتلأتْ رُعبَا |
وأعجبُ من بكرِ لها الماءُ والدٌ، | وترجعُ أنّي رامَ تقبيلها غضبَى |
عَجوزٌ إذا ما أُبرِزَتْ من حِجابِها، | تريكَ نشاطاً كالعلانِ إذا شبّا |
هي الشمسُ إلاّ أنها في شروقها، | إذا مزجتْ في كأسِها أطلعتْ شهبَا |
إذا جُليَتْ في كأسِها وتَبرّجَتْ، | وزادَتْ نفوسَ الوامقِينَ بها عُجبَا |
يعضّ عليها التّائبونَ بَنانَهم، | ويَندُبُ كلٌّ منهُمُ عقلَهُ نَدبَا |
إذا ما حَسَوناها أقرّوا بأنّهم | قد ارتكَبوا في تَركِها مَركَباً صَعبَى |
ولم أرَ حِبراً تابَ عن نَفعِ نَفسِهِ، | فللهِ ما أعمَى الجهولَ، وما أغبَا |
فهُبّا بنا نحوَ الصَّبوحِ وبَردِهِ، | فإني ليرضيني النديمُ، إذا هبّا |
وعُوجا بنا نَستَمطِرُ الدّنّ غُدوَة ً، | إذا عاجتِ الأغمارُ تَستَمطرُ السُّحبَا |
وواصل صَبوحي بالغَبوقِ وعُلّني | بها كلّ يومٍ لا تذر شربها غبّا |
فإنّ قتيلَ الراحِ يوشكُ بعثهُ، | إذا أنتَ أترعتَ الكؤوسَ له سكبَا |
إذا نفحتْ من روحها فيهِ نفحة ً، | تمثلَ حياً بعدَ أن قضَى نحبَا |
فكم ليلة ٍ أحييتها بمسرة ٍ، | وقَضّيتَ فيها العَيشَ أنهَبُهُ نَهبَا |
وبتنا نوفّي الحاشرية َ حقّها، | ونُثبِتُ من بَعدِ الغَبوقِ لها نَصبَا |
نُلَبّي مُنادي الاصطِباحِ إذا دَعا، | وندعو سميعَ الاغتباقِ إذا لبّى |
بليلة ِ سعدٍ نصطلي الندّ ريها، | ونوقدُ في آنائِها المندلَ الرطبَا |
براحٍ لها طَبعٌ لعَكسِ حرُوفِها، | يصيرُ ضيقَ الصدرِ من جرّه رحبَا |
وكادتُ تكونُ الروحَ لا الراحَ كملتْ | قوى طبعها لو كان يابسُها رطبا |
شممنا شذاها في الكؤوسِ فأسكرتْ، | فأنّى لها رشدٌ، إذا استعملتْ شربا |
فلو لمعتْ في الليلِ غرة ُ وجهها، | لشاهدتَ دهمَ الليلِ من نورها شهبَا |
ولو قطرتْ منها على الصخرِ قطرة ٌ، | رأيتَ صفاة َ الصخرِ قد أنبتتْ عشبَا |
َما هيَ إلاَّ أصلُ كلّ مَسرّة ٍ، | فكم روحتْ هماً وكم فرحتْ كربَا |
إذا ما رَحَى الأفراحِ دارَتْ، فلا يَرَى | لَبيبٌ سوى كأسِ المُدامِ لها قُطَبَا |