أرشيف الشعر العربي

كانَ الزمانُ بلقياكم يمنينا،

كانَ الزمانُ بلقياكم يمنينا،

مدة قراءة القصيدة : 5 دقائق .
كانَ الزمانُ بلقياكم يمنينا، وحادِثُ الدّهرِ بالتّفريقِ يَثنينا
فعندما صدقتْ فيكم أمانينا، أضحَى التّنائي بَديلاً مِن تَدانينا

ونابَ عن طيبِ لقيانا تجافينا

خِلنا الزّمانَ بلُقياكم يُسامِحُنا لكيْ تزانَ بذكراكم مدائحُنا
فعندما سمحتْ فيكم قرائحُنا بِنتُم وبِنّا فَما ابتَلّتْ جَوانحُنا

شَوقاً إليكُم ولا جَفّتْ مآقينا

لم يُرضِنا أن دَعا بالبَينِ طائرُنا، شَقُّ الجُيوبِ، وما شُقّتْ مرائرُنا
يا غائبينَ ومأواهم سرائرُنا، تَكادُ حينَ تُناجيكُم ضَمائرُنا

يقضي علينا الأسَى لولا تأسينا

حمدتُ أيّام أُنسٍ لي بكم سَعِدتْ، وأسعَدتْ إذ وَفتْ فيكم بما وَعدتْ
فاليومَ إذ غِبتمُ، والدّارُ قد بعُدتْ، حالتْ لفقدكمُ أيامُنا فغدتْ

سوداً، وكانتْ بكم بيضاً ليالينا

فزنا بنيلِ الأماني من تشرفِنا، بقربكم، إذا برينا من تكلفنا
حتى كأنّ اللّيالي في تصَرفنا، إذا جانبُ العيشِ طلقٌ من تألفِنا

ومَورِدُ اللّهوِ صافٍ من تَصافينا

كم قد وردنا مياهُ العزّ صافية ً، وكم عَللَنا بها الأرواحَ ثانيَة ً
إذْ عينُها لم تكن بالمنّ آنية ً، وإذ هصرنا غصونَ الأنسِ دانية ً

قطوفها، فجنينا منهُ ماشينا

يا سادة ً كانَ مغناهم لنا حرما، وكانَ رَبعُ حَماة ٍ للنّزيلِ حِمَى
كم قد سَقيتم مياهَ الجودِ ربّ ظمَا ليسقِ عهدكمُ عهدُ الغمامِ فما

كنتم لأرواحِنا إلاّ رياحينا

هل يعلمُ المسكرونا من سماحهمُ برشفِ راحِ النّدى من كأسِ راحهمْ
أنا لبِسنا الضّنا بعدَ التماحهمُ، من مبلغُ الملبسينا بانتزاحهمُ

ثوباً من الحزنِ لا يبلي ويبلينا

إذا ذكرنا زَمانا كان يُدرِكُنا، بالقُربِ منكم، وفي اللّذاتِ يُشرِكُنا
لا نَملِكُ الدّمعَ والأحزانُ تملكُنا؛ إنّ الزمانَ الذي قد كان يضحكُنا

آناً بقربكُم قد صارَ يبكينا

نعى المؤيد قومٌ لودروا ووعوا، أيَّ الملوكِ إلى أيّ الكِرام نعَوا
أظنّهُ، إذ سقانا الودَّ حينَ سعَوا، غِيظَ العِدى من تَساقينا الهوى فدعَوا

بأن نغصّ، فقالَ الدهرُ آمينا

لمّا رأوا ما قَضينا من مَجالِسِنا، وسِبطَ أنسٍ رأينا من مَجالِسِنا
دعوا لنفجعَ في الدّنيا بأنفسِنا، فانحلّ ما كانَ معقوداً بأنفسِنا

وانبَتَّ ما كانَ مَوصولاً بأيدينا

أينَ الذينَ عَهِدْنا الجودَ يُوثِقُنا في رَبعِهم، ولهم بالشّكرِ يُنطِقُنا
وكان فيهم بهم منهم تأنقنا، وقد نكونُ وما يُخشَى تَفَرّقُنا

فاليومَ نحنُ، وما يرجَى تلاقينا

يا غائبين، ولا تخلو خواطرنا من شَخصِهم وإن اشتاقتْ نواظرُنا
واللَّهِ لا يَنقَضي فيكم تَفكّرُنا، لا تحسبوا نأيكم عنّا يغيرُنا

إنْ طالَ مَا غَيّرَ النّأيُ المُحّبينا

إنّا، وإن زادَنا تَفريقُنا غُلَلاً، إلى اللّقا، وكسانا بعدكم عِلَلاً
لم نَدعُ غَيرَكمُ سُؤلاً، ولا أملاً، واللهِ ما طلبتْ أرواحُنا بدلاً

منكم، ولا انصرفتْ عنكم أمانينا

إذا ذكرتُ حِمَى العاصي ومَلعَبِهِ، والقَصرَ والقُبّة َ العُليا بمَرقَبِهِ
أقولُ، والبرقُ سارٍ في تلهبهِ: يا ساريَ البرق غادي القصرَ فاسقِ بهِ

من كان صَرفَ الهَوى والوُدّ يَسقينا

يا غاديَ المزنِ إن وافيتَ حلتَنا على حَماة َ، فجُد فيها محَلّتَنا
واقرَ السلامَ بها عنّا احبتنا، ويا نسيمض الصَّبا بلغْ تحيتنا

مَن لو على البُعدِ مُتنا كانَ يُحيينا

سلطانُ عصرٍ إلهُ العرشِ بوأهُ من المعالي، وللخيراتِ هيأهُ
براهُ زيناً، وممّا شانَ برأهُ، ربيبُ مُلكٍ كأنّ اللَّهَ أنشَأهُ

مِسكاً، وقَدّرَ إنشاءَ الوَرى طينا

نحنُ الفداءُ لمن أبقَى لنا خلفاً، من ذكرهِ، وإن ازددنا به أسفاً
وإن نكن دونَ أن يُفدى بنا أنفاً، ما ضرّ إن لم نكن أكفاءهُ شرفاً

وفي المَوَدّة ِ كافٍ من تَكافينا

يا مَن يَرى مَغنَمَ الأموالِ مَغرَمة ً إن لم يُفِدْ طالبي جَدواهُ مَكرُمة ً
إنّا، وإن حُزتَ ألقاباً مكَرَّمة ً، لَسنا نُسَمّيكَ إجلالاً وتَكرِمة ً

وقدرُكَ المُعتَلي عن ذاكَ يُغنينا

كم قد وصفتَ بأوصافٍ مشرفة ٍ، في خطّ ذي قلمٍ أو نطقِ ذي شفة ٍ
فقَد عَرفناكَ منها أيَّ مَعرِفَة ٍ، إذا انفَرَدتَ وما شُورِكتَ في صِفة ٍ

فحسبنا الوصفُ إيضاحاً وتبيينا

خلّفتَ بعدَكَ للدّنيا وآمِلِها نجلاً يسرّ البرايا في تأملِها
فلم تقل عنك نفسٌ في تململها: يا جنة َ الخلدِ أبدلنا بسلسلِها

والكوثرِ العذبِ زقوماً وغسلينا

كم خلوة ٍ هزنا للبحثِ باعثُنا، فليسَ يؤنسنا إلاذ مباحثنا
فاليَومَ أُخرِسَ بالتّفريقِ نافثُنا، كأنّنا لم نبتْ، والوصلُ ثالثُنا

والدهرُ قد غضّ من أجفانِ واشينا

ولَيلَة ٍ قد حَلا فيها تَنادُمُنا، والعزُّ يكنفنا، والسعدُ يقدمنا
ونحنُ في خَلوَة ٍ، والدّهرُ يَخدُمُنا، سرينِ في خاطرِ الظلماءِ يكتمنا

حتى يكادُ لسانُ الصبحِ يفشينا

للَّهِ كم قد قضَينا منكمُ وطراً، قد كان عيناً فأمسَى بعدكم خبرا
لا تَعجَبوا إن جعلنا ذكرَكم سمراً، إنّا قَرأنا الأسَى يومَ النّوى سُوَراً

متلوة ً، واتخذنا الصبرَ تلقينا

كم من حَبيبٍ عَدَلنا مع تَرحّلِهِ، إلى سِواهُ، فأغنى عن تأمّلِه
وصعبِ وردٍ عدلناهُ بأسهلِهِ، أما هواكَ، فلم يعدَل بمنهلِهِ

شُرْباً وإن كانَ يَروينا، فيُظمينا

تشكو إلى اللهِ نفسٌ بعَ ما لقيتْ غبّ النعيمِ الذي من بعدِه شقيتْ
فَيا سَحاباً بهِ كلُّ الوَرى سُقِيتْ: عليكَ منّى سَلامُ اللَّهِ ما بقيَتْ

صَبابَة ٌ منكَ تُخفيها وتُخفينا

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (صفي الدين الحلي) .

ثبْ إلى اللذات، فالعمرُ قصيرُ،

انصَحْ صَديقَكَ مَرّتَينِ،

لو بعثتم في طيّ نشرِ النسيمِ

أشجتكَ بالتغريبِ في تغريدِها،

قم صاحِ نلتقطِ اللذاتِ إن ذهلتْ


ساهم - قرآن ٣