انهضْ فهذا النجمُ في الغربِ سقطْ،
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
انهضْ فهذا النجمُ في الغربِ سقطْ، | والشيبُ في فودِ الظلام قد وخطْ |
والصّبحُ قد مَدّ إلى نحرِ الدّجَى | يداً بها دُرَّ النّجوم تلتقطْ |
وألهبَ الإصباحُ أذيالَ الدّجَى ، | بشمعة ٍ من الشعاعِ لم تقطْ |
وضَجّتِ الأوراقُ في أوراقِها، | لمّا رأتْ سَيفَ الصّباحِ مُخترَطْ |
وقامَ من فوقِ الجدارِ هاتفٌ | متوجُ الهامة ِ ذو فرعٍ قططْ |
يُخَبّر الرّاقدَ أنّ نَومَهُ | عندَ انتباهِ جدهِ من الغلطْ |
والبدرُ قد صارَ هلالاً ناحلاً، | في آخرِ الشهرِ، وبالصبحِ اختلطْ |
كأنّهُ قَوسُ لُجَينٍ مُوتَر، | والليلُ زنجيُّ عليهِ قد ضبطْ |
وفي يدَيهِ للثّرَيّا نَدَبٌ | يزيدُ فرداً واحداً عن النمطْ |
فأيُّ عذرٍ للرماة ِ، والدّجَى | قد عدّ في سلكِ الرّماة ِ وانخرطْ |
أما تَرَى الغَيمَ الجَديدَ مُقبِلاً، | قد مَدّ في الأُفقِ رِداهُ، فانبَسَطْ |
كأنّ أيدي الزّنجِ في تَلفيقهِ | قد لبّدَتْ قُطناً على ثوبٍ شَمَطْ |
يلمعُ ضوءُ البرقِ في حافاتِه، | كأنّ في الجوّ صفاحاً تخترطْ |
وأظهَرَ الخَريفُ من أزهارِهِ | أضعافَ ما أخفَى الرّبيعُ إذ شَحَط |
ولانّ عطفُ الريحِ في هبوبِها، | والطلُّ من بعدِ الهجيرِ قد سقطْ |
والشمسُ في الميزانِ موزونٌ بها | قِسطُ النّهارِ بعدَما كانَ قَسَطْ |
وأرسلَتْ جِبالُ دَرْبندَ لنا | رُسلاً صَبَا القَلبُ إليها وانبَسَطْ |
من الكراكي الخزريّاتِ التي | تقدمُ، والبعضُ ببعضٍ مرتبطْ |
كأنها، إذا تابعتْ صفوفَها، | ركائِبٌ عَنها الرّحالُ لم تُحَطْ |
إذا قفاها سمعُ ذي صبابة ٍ، | مثلي، تقاضاهُ الغرامُ ونشطْ |
فقُم بنا نَرفُلُ في ثوبِ الصّبَى ، | إنّ الرضَى بتركهِ عينُ السخطْ |
والقتطِ اللذة َ حيثُ أمكنتْ، | فإنّما اللذّاتُ في الدهرِ لقطْ |
إنْ الشّبابَ زائرٌ مُوَدِّعٌ، | لا يستطاعُ ردُّهُ، إذا فرطْ |
أما تَرى الكَركيّ في الجو، وقد | نغمَ في أُفقِ السماءِ ولغطْ |
أنساهُ حبُّ دِجلَة ٍ وطيبُها | مواطناً، قد زقَّ فيها ولقطْ |
فجاءَ يُهدي نَفسَه، وما درَى | أنّ الردى قرينهُ حيثُ سقطْ |
فابرزْ قسياً من كمندِ أتاتِها، | إنّ الجيادَ للحروبِ ترتبطْ |
من كلّ سبَطٍ من هَدايا واسطٍ | جَعدِ البَلاغِ منه في الكعبِ نُقَطْ |
أصلحهُ صالحٌ باجتهادِه، | فكلُّ ذي لبّ لهُ فيه غبطْ |
وما أضاعَ الحزمَ عندَ عزمِها، | بل جاوزَ القيظَ وللفصلِ ضبطْ |
حتى إذا حَرُّ حَزيرانَ خَبَا، | وتمّ تموزٌ وآبٌ وشحطْ |
وجاءَ أيلولٌ بحَرٍّ فاتِرٍ، | في نضجِ تعديلِ الثمارِ ما فرطْ |
أبرزَ ما أ؛رزَ من آلاتهِ، | وحلّ من ذاكَ المتاعِ ما ربطْ |
ومدّ للصنعة ِ كفاً أوحداً، | مُنَزَّهاً عنِ الفَسادِ والغَلَطْ |
وظلّ يستقري بلاغَ عودِها، | فنَبّرَ الأطرافَ واختارَ الوَسَطْ |
وجَوّدَ التّدفيقَ في لحامِها، | فأسقَطَ الكِرشاتِ منها والسَّقَطْ |
ولم يزلْ يبلغُها مراتباً، | تلزمُ في صنعتهِ وتشترطْ |
فعندما أفضتْ إلى تطهيرها | صحّحَ داراتِ البُيوتِ والنّقَطْ |
حتى إذا قمصها بدهنِها، | جاءتْ من الصّحّة ِ في أحلى نَمَطْ |
كأنّها النوناتُ في تعريقها، | يعرُجُ منها بُندُقٌ مثلُ النّقَطْ |
مثلَ السّيورِ في يَدِ الرّامي، فلو | شاءَ طواها وحواها في سفطْ |
لو يقذفُ اليومّ بها مالكُها | ما انتقضَ العودُ، ولا الزورُ انكشطْ |
كأنما بندقها تنازلا، | أو من يدِ الرامي إلى الطيرِ خططْ |
من كلّ مَحنيّ البُيوتِ مُدمَجٍ، | ما أخطأ الباري بهِ ولا فرَطْ |
كأنّهُ لامٌ عليهِ ألِفٌ، | وقالَ قومٌ: إنّها اللاّمُ فقَطْ |
فاجلِ قذى عيوننا ببرزة ٍ | تَنفي عن القلبِ الهمومَ والقَنَطْ |
فما رأتْ من بعدِ هُورِ بابلٍ | ومائِهِ التّيّار عيشاً مُغتَبِطْ |
ونحنُ في مروجهِ في نشوة ٍ | عند التّحَرّي في الوُقوفِ للخِطَطْ |
من كلّ مقبولِ المقالِ صادقٍ، | قد قَبَضَ القَوسَ وللنّفسِ بسَطْ |
يقدُمنا فيها قديمٌ حاذِقٌ، | لا كسلٌ يشينهُ ولا قنطْ |
يحكُمُ فينا حُكمَ داودَ، فلا | يَنظُرُ منّا خارجاً عمّا شَرطْ |
إذا رأى الشرّ تعلّى ، وإذا | لاحَ لهُ الخَيرُ تَدَلّى وانَحبَطْ |
ما نَغَمَ المِزهَرُ والدُّفُّ، إذا | فصلَ أدوارَ الضروبِ وضبطْ |
أطيبُ من تدفدفِ التمّ، إذا | دقّ على القَبضِ الجَناحَ وخَبَطْ |
والطّيرُ شتّى في نَواحيِهِ، فذا | فاكتسى الريشَ وهذا قد شمطْ |
وذاكَ يرعَى في شواطيهِ، وذا | على الروابي قد تحصّى ولقطْ |
فمن جليلٍ واجبٍ تعدادهُ، | ومن مراعٍ عدها لا يشترطْ |
يعرُجُ منّا نحوَها بَنادِقٌ، | لم يَنجُ منها مَن تَعَلّى واختَبَطْ |
فمن كسيرٍ في العبابِ عائمٍ، | ومن ذَبيحٍ بالدّماءِ يَغتَبِطْ |