خذْ فرصة َ اللذاتِ قبلَ فواتِها،
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
خذْ فرصة َ اللذاتِ قبلَ فواتِها، | وإذا دعتكَ إلى المدامِ، فواتهَا |
وإذا ذكَرتَ التّائبينَ عنِ الطِّلا | لا تَنسَ حَسرَتَهم على أوقاتِها |
يَرنُونَ بالألحاظِ شَزراً كُلّما | صبغتْ أشعتُها أكفَّ سقاتِها |
كأسٌ كَساها النّورُ لمّا أن بدا | مِصباحُ جِرمِ الرّاحِ في مِشكاتِها |
صفْها إذا جليتْ بأحسنِ وصفِها | كيْ نُشرِكَ الأسماعَ في لَذّاتِها |
لولا التذاذُ السامعينَ بذكرِها | لَغَنيتَ عن أسمائِها بسِماتِها |
وإذا سَمِعتَ بأنَّ، قِدماً، مُظهِراً | عنها النِّفارَ، فتلكَ من آياتِها |
ذَنبٌ، إذا عُدّ الذّنوبُ رأيتَهُ | من حُسنِهِ كالخالِ في وَجَناتِها |
راحٌ حكَتْ ثَغَر الحَبيبِ وخَدَّه | بحَبابِها، وصَفائِها، وصِفاتِها |
فكأنّما في الكاسِ قابَلَ صفوُها | ثغرَ الحبيبِ، ولاحَ في مرآتِها |
ولئن نهَى عنها المشيبُ، فطالما | نشأتْ ليَ الأفراحُ من نشواتها |
والقُضبُ دانيَة ٌ عليّ ظِلالُها، | والزهرُ تاجاتٌ على هاماتِها |
والماءُ يخفي في التدفقِ صوتهُ، | والورقُ تسجعُ باختلافِ لغاتِها |
ولقد ترَكتُ وِصالَها عن قُدرَة ٍ، | وزجرتُ داعي النّفس عن شُبُهاتِها |
لم أشكُ جَورَ الحادِثاتِ، ولم أقلْ: | حالتْ بيَ الأيامُ عن حالاتِها |
ما لي أعدُّ لها مساوىء َ جمّة ً، | والصالحُ السلطانُ من حسناتِها |
رَبُّ العَفافِ المَحضِ والنّفسِ التي | غَلبتْ مروءتُهَا على شَهَواتِها |
مَلَكيّة ٌ فلَكيّة ٌ يَسمُو بهَا | كَرَمٌ ترَنّحَ كُنهُهُ في ذاتِها |
تحتالُ في العُذرِ الجَميلِ لوَفدِها | كرَماً، ولكن بعدَ بَذلِ هِباتِها |
سبقتْ مواهبهُ السؤالَ، فما له | عدة ٌ مؤجلة ٌ إلى ميقاتِها |
مَلِكٌ تُقِرُّ لهُ المُلوكُ بأنّهُ | إنسانُ أعيُنِها وعينُ حيَاتِها |
لو لم يَنُطْ بالبِشرِ هَيبَة َ وجهِهِ | ذهلتْ بنور الآمالِ عن حاجاتِها |
يعطي الألوفَ لوافديهِ براحة ٍ | تَثني يَدَ الأيّامِ عن سطَواتِها |
فكأنّما قتلَ الحَوادثَ دونَها | وغدا يؤدّي للعفاة ِ دياتِها |
من فتية ٍ راضَ الوقارُ نفوسَها، | فبدا سكونُ الحلمِ في حركاتِها |
لو أَمَّها يومَ القِيامة ِ طالِبٌ | نقَلَتْ إلى ميزانِهِ حَسنَاتِها |
في كفّهِ القلمُ الذي خضعتْ له | بيضُ الصفاحِ وفلّ حدُّ شباتَها |
وسطا على الأرماحِ، وهوَ ربيبُها | وأليفُها في الغابِ عندَ نباتِها |
قلمٌ فرَى كبدَ الأسودِ، وما رَعى | حقَّ الجِوارِ لهنّ في أجّماتِها |
ما شاهدَ الأملاكُ مجة َ ريقهِ، | إلاّ وجفّ الريقُ في لهواتِها |
يا أيّها الملكُ الذي سطواتُهُ | حَلَمَتْ بها الأعداءُ في يَقظاتِها |
إن كنتَ من بعضِ الأنامِ فإنّما | غررُ الجيادِ تعدُّ بعضُ شياتِها |
شهِدَتْ لراحتِكَ السّحائبُ أنّها | ريُّ البسيطة ِ، وهيَ من ضراتِها |
فالنّاسُ تَدعوها مَفاتحَ رزِقها، | وتعدُّها الأموالُ من آفاتِها |
شتتَّ شملَ المالِ بعدَ وفورهِ، | وجمعتَ شملَ الناسِ بعدَ شتاتِها |
فظهرتَ بالعدلِ الذي أمسَى بهِ | في البيدِ يخشَى ذيبُها من شاتِها |
تُبدي ابتِساماً للعُداة ِ، وراءَهُ | رأيٌ ينكسُ في الوغى راياتها |
كالسُّمرِ تُبدي للنّواظرِ مَنظَراً | متألقاً، والموتُ في شفراتِها |
وكتيبَة ٍ تَختالُ في أجَمِ القَنا | كالأُسدِ تَسري، وهيَ في غاباتِها |
سِيّانِ ما تحوي السّروجُ وما حوَتْ | أيدي الفَوارسِ من سَرِ يحيّاتِها |
أرسلتَ فيها للرماحِ أراقِماً | لسَبَتْ قلوبَ حُماتِها بحُماتِها |
جشّمتَها جُرداً، إذا رُمتَ العُلى | أرسلتَها، فجرَتْ إلى غاياتِها |
ما بينَ عَينَيها الأسِنّة ُ طُلّعٌ، | فكأنّها غررٌ على جبهاتِها |
سدتْ حوافرُها الفضاءَ بعثيرٍ، | غنيتْ بهِ العقبانُ عن وكناتِها |
صافَحتَ هاماتِ العِدى بصَفائحٍ | دَبّتْ نِمالُ المَوتِ في صَفَحاتِها |
حتى أعَدتَ بها الجيادَ وشُهبُها | حمرٌ لوخزِ السمرِ في لباتِها |
وجعلتَ أشلاءَ الكماة ِ كأنّما | ذخرَتْ لقُوتِ الوحشِ في فلَواتِها |
ضمنتْ بها قوتَ الوحوشِ فأصبحتْ | عند العريكة ِ، وهيَ من أقواتِها |
يا حاملَ الأثقالِ، وهيَ شَدائِدٌ، | والخائضَ الأهوالِ من غمَراتِها |
ومفرجَ الكربِ التي لو صافحتْ | شُمَّ الجِبالِ لزَلزَلَتْ هَضباتِها |
قد كادَ يُغرِقُ بحرُ نائلكَ الوَرى ، | فجعَلتَ سرّ الجُودِ سُفنَ نَجاتِها |
فاسعَدْ بعيدٍ أنتُمُ عيدٌ لهُ، | ومواسمٍ بكمُ هنا ميقاتِها |
فِطرٌ فطَرْتَ بيُمنِهِ كَبِدَ العِدى ، | فشغلتَ أنفُسَها بها عن ذاتِها |
ووصلتَ فيه العاكفينِ على التّقى ، | فشَرِكتَها في صَومِها وصَلاتِها |
فاستَجلِها من حُورِ حِلّة ِ بابِلٍ، | فلذاكَ تبدي السحرَ من نفثاتِها |
ظَمآنَة ٌ للقاكَ، وهيَ رويَّة ٌ، | ببَدائعٍ تَروي غليلَ رُواتِها |
من قربش حضرتكم على عادتِها | |
تَستَنجزُ الوعدَ الشّريفَ لرَيّها | لتروعَ قلبَ عداتِها بعداتِها |
هذي كنوزُ الشكرِ وافرة ٌ لكُم، | فاجعلْ نجازَ الوعدِ بعضَ زكاتِها |