خُذْ من الدّهرِ لي نَصيبْ،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
خُذْ من الدّهرِ لي نَصيبْ، | واغتَنِمْ غَفلَة َ القَدَرْ |
ليسَ طولُ المَدَى نَصيبْ | صفوِ عيشٍ بلا كدرْ |
فاجلُ لي كاعباً عروسْ، | لم تَرُعها يدُ المِزاجْ |
نشرها عطرَ الكؤوسْ، | وكَسا نُورُها الزّجاجْ |
في الضّحى تشبهُ الشموسْ | وهيَ تحتَ الدّجى سِراجْ |
فارشفِ الراحَ، يا حبيبْ، | إنّ في ذاكَ معتبرْ |
لترَى الشمسَ، إذ يغيبْ | نورُها في فمِ القمرْ |
في رِياضٍ بها الشّقيقْ، | قد جلا بهجة َ التمامْ |
وزها زهرُها الأنيق، | إذْ بَكَتْ أعيُنُ الغَمامْ |
وانثَنى غُصنُها الوَريقْ، | فشَدَتْ فَوقَهُ الحَمامْ |
قامَ شُحرُورُها خَطيبْ، | راقياً منبرَ الشجرْ |
كُلّما ناحَ عَندَليبْ | نَقّطَ الدّوحَ بالزَّهَرْ |
قمْ، فإني أرى الزمانْ، | مُحسِناً بَعدَما أسَا |
قد أضا ليلهُ، وكانْ | صحبهُ يشبهُ المسَا |
تاهَ مِن عُجبِهِ، فَلانْ | صعبهُ بعدما قسَا |
قد بَدا عِزُّهُ المَهيبْ، | وبمَنصورِهِ انتَصَرْ |
ورأى فتحهُ القريبْ | مِن أبي الفَتحِ يُنتَظَرْ |
ملكٌ أضحكَ السيوفْ، | فبكتْ أعينُ العدَى |
جدعتْ بيضهُ الأنوفْ، | ورَوَتْ كَفُّهُ الصّدَى |
صارِمٌ يُمطِرُ الحُتوفْ، | ويدٌ تمطرُ النَّدَى |
لو دعا عزمهُ النجيبْ | لقضا اللهِ والقدرْ |
جاءهُ طائعاً مجيبْ، | سامعاً ما بهِ أمرْ |
قد حمَى رَبعُهُ الحُصونْ، | فَهوَ للنّاسِ مُلتَجَا |
وإذا خابتِ الظنونْ، | عندهُ يصدقُ الرَّجَا |
المنَى فيهِ والمنونْ، | فهوَ يخشَى ويرتجَى |
حبّذا رَبعُهُ الخَصيبْ | فيهِ يستبشرُ البشرْ |
فاقَ في جُودِهِ الخَصيبْ، | وسَمَتْ أرضُهُ مُضَرْ |
قد عَلا مَجدُه، فكادْ | هامة َ المجدِ يرتقي |
ولهُ أضحَتِ العِبادْ | بينَ راجٍ ومُتّقِي |
باسطُ العدلِ في البلادْ، | |
ملكٌ صدرهُ رحيبْ، | منهُ يستمطرُ المطرْ |
قلبُهُ بالنُّهَى قَليبْ، | وهوَ يومَ الوغَى حَجَرْ |
لو رأينا يا ابنَ الكِرامْ | مثلَ عَلياكَ في الدّوَلْ |
لنَظَمنا مِنَ الكَلامْ | ضعفَ ما نظمَ الأولْ |
درُّ لفظ من النظامْ | مُخجِلٌ سَبعُها الطُّوَلْ |
فاعتبرْ، أيها اللبيبْ، | هذه السبعة َ القصرْ |
فيكُمُ لَفظُها يَطيبْ، | لا بمعنى بها ظَهَرْ |