كَفَى البَدرَ حُسناً أن يُقالَ نَظيرُها،
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
كَفَى البَدرَ حُسناً أن يُقالَ نَظيرُها، | فيزهَى ، ولكنّا بذاكَ نضيرُها |
وحَسْبُ غُصونِ البانِ أنّ قَوامَها | يُقاسُ بهِ مَيّادُها ونَضِيرُها |
أسيرَة ُ حِجلٍ مُطلَقاتٌ لِحاظُها، | قضَى حسنُها أن لا يفكّ أسيرُها |
تهيمُ بها العشاقُ خلفَ حجابِها، | فكَيفَ إذا ما آنَ منها سُفُورُها |
وليسَ عجيباً أنْ غررتَ بنظرة ٍ | إليَها، فمِن شأنِ البُدورِ غُرورُها |
وكمْ نظرة ٍ قادتْ إلى القلبِ حسرة ً، | يقطعُ أنفاسَ الحياة ِ زفيرُها |
فواعجَبا كم نسلُبُ الأسدَ في الوَغى ، | وتسلبنا من أعينِ الحورِ حورُها |
فتورُ الظبَى عندَ القراعِ يشبُنا، | وما يُرهِفُ الأجفانَ إلاّ فُتُورُها |
وجذوة ُ حسنٍ، في الخدودِ لهيبُها | يشبُّ، ولكنْ في القلوبِ سعيرُها |
إذا آنَسَتها مُقلَتي خَرّ صاعِقاً | جناني، وقال القلبُ: لادكّ طورُها |
وسربِ ظباءٍ مشرقات شموسُهُ | على جَنّة ٍ عَدُّ النّجومِ بُدُورُها |
تُمانِعُ عَمّا في الكِناسِ أُسُودُها، | وتحرسُ ما تحوي القصورُ صقورُها |
تغارُ من الطيفِ الملمّ حماتُها | ويغضبُ من مرّ النسيمِ غيورُها |
إذا ما رأى في النومِ طيفاً يزورُها، | تَوَهّمَهُ في اليَومِ ضَيفاً يَزورُها |
نظرنا، فاعدتنا السقامَ عيونُها، | ولُذنا، فأولَتنا النّحولَ خُصُورُها |
وزرْنا فأسدُ الحيِّ تذكي لحاظَها، | ويسمعُ في غابِ الرماحِ زئيرُها |
فيَا ساعدَ اللَّهُ المحبَّ لأنّهُ | يرَى غمراتِ الموتِ ثمّ يزورُها |
ولمّا ألَمّتْ للزّيارَة ِ خِلسَة ً، | وسجفُ الدياجي مسبلاتٌ ستورُها |
سعَتْ بنا الواشونَ حتى حُجولُها، | ونمتْ بنا الأعداءُ حتى عبيرُها |
وهمتْ بنا لولا غدائرُ شعرِها، | خُطَى الصّبحِ لكِنْ قيّدَته ظُفورُها |
لياليَ يعديني زاني على العِدى ، | وإنْ ملئَتْ حقداً عليّ صدورُها |
ويُسعِدُني شَرخُ الشّبيبَة ِ والغِنى ، | إذا شانَها إقتارُها وقَتيرُها |
ومُذْ قلَبَ الدّهرُ المِجَنَّ أصابَني | صبوراً على حالٍ قليلٍ صبورُها |
فلَو تَحمِلُ الأيّامُ ما أنا حامِلٌ، | لما كادَ يمحو صبغة َ الليلِ نورُها |
سأصبِرُ إمّا أنْ تَدورَ صُرُوفُها | عليّ، وإمّا تَستَقيمُ أُمُورُها |
فإنْ تكنِ الخنساءُ، إنّي صخرُها، | وإنْ تَكُنِ الزّباءُ، إنّي قَصِيرُها |
وقد أرتَدي ثَوبَ الظّلامِ بجَسرَة ٍ، | عليها من الشُّوسِ الحُماة ِ جَسورُها |
كأنّي بأحشاءِ السبّاسِبِ خاطِرٌ، | فَما وُجِدَتْ إلاّ وشَخصي ضَميرُها |
وصاديَة ِ الأحشاءِ غضي بآلِها | يعزُّ على الشُّعرى العبورِ عبورُها |
ينوحُ بها الخريتُ ندباً لنفسِهِ، | إذا اختَلَفتْ حَصباؤها وصُخورُها |
إذا وطئتها الشمسُ سالَ لعابُها، | وإن سَلَكتَها الرّيحُ طالَ هَديرُها |
وإنْ قامتِ الحربا تُوَسِّدُ شَعَرَها | أصيلاً، أذابَ الطرفَ منها هجيرُها |
تجنبُ عنها للحذارِ جنوبُها، | وتُدبِرُ عَنها في الهُبوبِ دَبُورُها |
خَبَرْتُ مَرامي أرضِها فقَتَلتُها، | وما يقتلُ الأرضينَ إلاّ خبيرُها |
بخطوة ِ مرقالٍ أمونٍ عثارُها، | كَثيرٍ على وَفقِ الصّوابِ عُثُورُها |
ألذُّ منَ الأنغامِ رجعُ بغامِها، | وأطيبُ من سجعِ الهديلِ هديرُها |
نُساهِمُ شطرَ العيشِ عِيساً سَواهماً | لفَرْطِ السُّرَى لم يَبقَ إلاّ شُطورُها |
حروفاً كنوناتِ الصحائفِ أصبحتْ | تخطُّ على طرسِ الفيافي سطورُها |
إذا نظمتْ نظمَ القلائدِ في البُرَى | تقلدُها خضرُ الرُّبَى ونحورُها |
طَواها طَواها، فاغتدتْ وبطونُها | تجولُ عليها كالوشاحِ ظفورُها |
يعبرُ عن فرطِ الحنينِ أنينُها، | ويعربُ عمذا في الضميرِ ضمورُها |
تَسيرُ بها نَحوَ الحِجازِ وقَصدُها | ملاعبُ شعبيْ بابلٍ وقصورُها |
فلمّا ترامتْ عن زرودَ ورملِها، | ولاحتْ لها أعلامُ نَجدٍ وقُورُها |
وصدّتْ يميناً عن شميط وجاوزتْ | رُبَى قطنٍ والشهبُ قد شفّ نورُها |
وعاجَ بها عن رملِ عاجٍ دليلُها، | فقامتْ لعرفانِ المرادِ صدورُها |
غَدَتْ تَتَقاضانا المَسيرَ لأنّها | إلى نَحوِ خَيرِ المُرسَلينَ مَسيرُها |
تَرُضُّ الحصَى شوقاً لمن سَبّحَ الحصَى | لديهِ، وحيّا بالسلامِ بعيرُها |
إلى خَيرِ مَبعوثٍ إلى خَيرِ أُمّة ٍ، | إلى خَيرِ مَعبُودٍ دَعاها بَشيرُها |
ومَن أُخمِدَتْ مع وَضعِهِ نارُ فارِسٍ، | وزُلزِلَ منها عَرشُها وسَريرُها |
ومَن نَطقتْ تَوراة ُ موسَى بفَضلِهِ، | وجاءَ بهِ إنجيلُها وزَبُورُها |
ومَنْ بَشّرَ اللَّهُ الأنامَ بأنّهُ | مبشرُها عن إذنِهِ، ونذيرُها |
مُحَمّدُ خَيرُ المُرسَلينَ بأسرِها، | وأوّلُها في الفَضلِ، وهوَ أخيرُها |
أيا آية َ اللهِ التي مذْ تبلجتْ | على خلقِهِ أخفَى الضلالَ ظهورُها |
علَيكَ سلامُ الله ياخيرَ مُرسلٍ | إلى أمة ٍ لولاهُ دامُ غرورُها |
عَليكَ سلامُ اللَّهِ يا خَيرَ شافِعٍ، | إذا النّارُ ضَمّ الكافرِينَ حَصِيرُها |
علَيكَ سَلامُ اللَّهِ يا مَنْ تَشرّفَتْ | بهِ الإنسُ طُرّاً واستَتَم سُرورُها |
علَيكَ سَلامُ اللَّهِ يا مَن تَعَبّدتْ | لهُ الجِنُّ، وانقادَتْ إلَيهِ أُمُورُها |
تشرفتِ الأقدامُ لمّا تتابعتْ | إليكَ خطاها، واستمرّ مريرُها |
وفاخرتِ الأفواهُ نورَ عيونِنا | بتربكَ، لمّا قبلتهُ ثغورُها |
فضائلُ رامتها الرؤوسُ، فقصرَت، | ألَمْ تَرَ للتّقصِيرِ جُزّتْ شُعورُها |
ولو فتِ الوفادُ قدركَ حقَّهُ | لَكانَ على الأحداقِ منها مَسيرُها |
لأنكَ سرُّ اللهِ الأيدِ التي | تجلتْ، فجلّى ظلمة َ الشك نورُها |
مدينة ُ علمٍ وابنُ عمكَ بابُها، | فمِنْ غيرِ ذاكَ البابِ لم يُؤتَ سُورُها |
شموسٌ لكم في الغربِ ردّتْ شموسُها؛ | بدورٌ لكم في الشرقِ شقتْ بدورُها |
جبالٌ، إذا ما الهضبُ دكتْ جبالُها؛ | بحارٌ، إذا ما الأرضُ غارتْ بحورُها |
فآلُكَ خَيرُ الآلِ والعِتْرَة ُ التي | مَحَبّتُها نُعمَى قليلٌ شَكورُها |
إذا جُولِسَتْ للبَذلِ ذُلّ نِظارُها؛ | وإنْ سُوجِلَتْ في الفَضلِ عزّ نظيرُها |
وصَحبُكَ خيرُ الصّحبِ والغُرَرُ التي | بها أمِنَتْ من كلّ أرضٍ ثُغورُها |
كماة ٌ، حماة ٌ في القراعِ وفي القرَى ، | إذا شطّ قاريها وطاشَ وقورُها |
أيا صادقَ الوعدِ الأمين وعدتني | ببشرَى ، فلا أخشى ، وأنتَ بشيرُها |
بعثتُ الأماني عاطِلاتٍ لتَبتَغي | نداكَ، فجاءتْ حالياتٍ نحورُها |
وأرسلتُ آمالاً خِماصاً بُطونُها | إليكَ، فَعادَتْ مُثقَلاتٍ ظُهورُها |
إليكَ، رسولَ اللهِ، أشكو جرائماً | يُوازي الجِبالَ الرّاسياتِ صغيرُها |
كَبائرُ لو تُبلى الجبالُ بحَملِها، | لدُكّتْ، ونادى بالثُّبورِ ثَبيرُها |
وغالِبُ ظَنّي بل يَقيني أنّها | ستمحى ، وإن جلتْ، وأنتَ سفيرُها |
لأنّي رأيتُ العربَ تخفُر بالعصَا، | وتحمي، إذا ما أمَّها مستجيرُها |
وبينَ يدي نجوايَ قدمتُ مدحة ً، | قضَى خاطري ألا نجيبَ خطيرَها |
يروي غليلَ السامعينَ قطارُها، | ويَجلُو عُيُونَ النّاظرِينَ قَطُورُها |
هيَ الرّاحُ لكنْ بالمَسامعِ رَشفُها، | على أنّهُ تفنى ويبقى سرورُها |
وأحسنُ شيءٍ أنني قد جلوتُها | عليكَ، وأملاكُ السّماءِ حُضورُها |
تَرومُ بها نَفسي الجزاءَ، فكُنْ لها | مُجيزاً بأنْ تُمسي وأنتَ مُجيرُها |
فلابنِ زُهَيرٍ قد أجَزْتَ ببُردَة ٍ | علَيكَ، فأثرَى من ذويهِ فَقيرُها |
أجِرْني، أجِزْني، واجزِني أجرَ مَدحتي، | ببردٍ، إذا ما النارُ شبّ سعيرُها |
فَقابِلْ ثَناها بالقَبولِ، فإنّها | عَرائسُ فِكرٍ، والقَبولُ مُهورُها |
وإنْ زانضها تطويلُها واطرادُها، | فقد شانَها تَقصيرُها وقُصورُها |
إذا ما القَوافي لم تُحِطْ بِصفاتِكمْ، | فسِيّانِ منها جَمُّها ويَسيرُها |
بمدحِكَ تمّتْ حِجّتي، وهيَ حُجّتي | على عُصبَة ٍ يَطغَى عليّ فُجورُها |
أقُصُّ بِشَعري إثرَ فَضلِكَ واصِفاً | عُلاكَ إذا ما النّاسُ قُصّتْ شعُورُها |
وأسهَرِ في نَظمِ القَوافي، ولم أقُلْ: | خليليّ هل من رقدة ٍ أستعيرُها |