سلُوا، بعدَ تسآلِ الوَرى عنكمُ، عنْي،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
سلُوا، بعدَ تسآلِ الوَرى عنكمُ، عنْي، | فقد شاهدوا ما لم يرَوا منكمُ منّي |
رأوْني أُراعي منكُمُ العَهدَ لي بكُم، | وأحسنَ ظَنّاً منكمُ بي بكُمْ ظَنّي |
وقد كنتُ جمّ الخوفِ من جَور بُعدكم | فقد نِلتُ لمّا نالَني جَوركُم أمني |
خطَبتُ بغالي النّفسِ والمالِ وُدَّكم، | فقد عزّ حتى باتَ في القلبِ والذّهنِ |
ولمّا رأيتُ العِزّ قد عزّ عندَكم، | ولا صبرَ لي بينَ المنيّة ِ والمنّ |
ثَنيتُ عِناني مَع ثَنائي علَيكُمُ، | فأصبَحتُ والثّاني العنانِ هُوَ المُثني |
وليسَ أنيسي في الدُّجَى غيرُ صارِمٍ | رَقيقِ شِفارِ الحَدّ مُعتَدِلِ المَتنِ |
وطِرْفٍ كأنّ المَوجَ لاعَبَ صَدرَهُ | فيُسرعُ طَوراً في المِراحِ ويَستأني |
أميلُ بهِ بالسهلِ مرتفعاً بهِ، | فيُحزِنُهُ إلاّ التّوَقّلَ في الحَزْنِ |
وما زالَ عِلمي يَقتفيني إلى العُلَى ، | فيَسبُقُ حتى جاهَدَ الأكلَ بالأذْنِ |
وزرتُ ملوكاً كنتُ أسمعُ وصفهم، | فيُنهِضُني شَوقي ويُقعِدُني أمني |
فلمّا تلاقينا، وقد برحَ الجفا، | رأتْ مُقلَتي أضعافَ ما سمعتْ أُذني |
خطبتُ بوُدّي عندَهمْ لاهبَاتِهِمْ، | فأصبحتُ بالعزِّ الممنَّعِ في حِصنِ |
إذا ما رأوني هكذا قيل: هكا ذا! | ولو شاهَدوني راغباً رَغبوا عَنّي |
إذا ما أقمتُ الوزنَ في نظمِ وصفهم، | تَجودُ يَداهمْ بالنُّضارِ بِلا وَزنِ |
تُعَيّرُني الأعداءُ بالبَينِ عَنهُمُ، | وما كان حكمُ الدّهرِ بالبينِ عن إذني |
وتزعمُ أنّ الشِّعرَ أحنى فضائلي، | وتُنكِرُ أفعالي، وقد علِمَتْ أنّي |
وقد شاهدتْ نثري ونظميَ في الوَغى ، | لهامِ العِدى والنّحرِ بالضّرْبِ والطّعنِ |
وإن كان لَفظي يخرُقُ الحُجبَ وقعهُ | ويدخُلُ أُذنَ السامعينَ بلا إذنِ |
ورُبّ جَسيمٍ منهُمُ، فإذا أتَى | بنُطقٍ حمدتُ الصّمتَ من منطق اللُّكن |
ومستقبحٍ حتّى خبرتُ خِلالَهُ، | فأيقنَ قلبي أنّهُ يوسفُ الحُسنِ |
فإن حَسدوا فَضلي وعابوا مَحاسِني، | وذلكَ للتقصيرِ عنَها وللضِّغْنِ |
وتلكَ لعَمري كالنّجومِ زَواهرٌ، | تقرُّ بها الحُسادُ رغماً على غَبنِ |
مَحاسِنُ لي من إرثِ آلِ مَحاسنٍ، | وهَلْ ثَمَرٌ إلاّ على قَدَرِ الغُصن |
أظَلُّ وأُمسي راقدَ الجارِ ساهراً، | سواميَ في خوفٍ وجاريَ في أمْنِ |
كأنّ كرَى عينيّ سيفُ ابنِ حمزة ٍ، | إذا استُلّ يَوماً لا يَعُودُ إلى الجَفن |
فتًى لم تزَلْ أقلامُه وبنانُهُ، | غذا نابَ جدبٌ، نائباتٍ عن المُزنِ |
ولوْ خَطّ صَرْفُ الدّهرِ طِرْساً لقصدِه | لخطّ على العُنوانِ من عبدِهِ القِنِّ |
فتًى جلّ يوماً أن يُعَدّ بظالِمٍ | لغَيرِ العِدى والمالِ والخَيلِ والبُدن |
ولاعُدّ يوماً في الأنام بغاصبٍ | |
أعادَ الأعادي في الحُروبِ تَجارِباً، | جبالاً غدتْ من عاصفِ الموتِ كالعِهنِ |
فإنْ فلّتِ الأيّامُ في الحَربِ حدَّهُ، | فما زالَتِ الأيَامُ في أهلِها تجني |
وإنْ أكسبتني بالخطوبِ تجارباً، | فقد وهبتْ أضعافَ ما أخذتْ منّي |