كيفَ الضلالُ وصبحُ وجهكَ مشرقُ،
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
كيفَ الضلالُ وصبحُ وجهكَ مشرقُ، | وشَذاكَ في الأكوانِ مِسكٌ يَعبَقُ |
يا مَن إذا سَفَرتْ مَحاسنُ وجهِه، | ظلتْ به حدقُ الخلائقِ تحدقُ |
أوضحتَ عذري في هواكَ بواضحٍ | ماءُ الحيا بأديمهِ يترقرقُ |
فإذا العذولُ رأى جمالكَ قال لي: | عَجَباً لقَلبِكَ كيفَ لا يَتمَزّقُ |
أغنَيتَني بالفِكرِ فيكَ عنِ الكَرَى ، | يا آسري، فأنا الغنيُّ المملِقُ |
يا آسراً قلبَ المحبّ، فدمعُهُ، | والنّومُ منهُ مُطلَقٌ ومُطَلَّقُ |
لولاكَ ما نافَقتُ أهلَ مَوَدّتي، | وظللتُ فيك نفيس عُمري أنفقُ |
وصَحِبتُ قَوماً لَستُ من نظرائِهِمْ، | فكأنني في الطرسِ سطرٌ ملحقُ |
قولا لمن حملَ السلاحَ، وخصرُه | من قدّ ذابلهِ أدقُّ وأرشقُ |
لا تُوهِ جِسمَكَ بالسّلاحِ وثِقلِه، | إنّي عليكَ من الغلالة ِ أشفقُ |
حسَدَتْ أُهَيلُ ديارِ بَكرٍ مَنطِقي | نارٌ يَخُرُّ لها الكَليمُ ويُصعَقُ |
تلقاهُ، وهوَ مزردٌ ومدرَّعٌ، | وتراهُ، وهوَ مقرطٌ ومقرطقُ |
لم تتركِ الأتراكُ بعدَ جمالِها | حُسناً لمَخلوقٍ سِواها يُخلَقُ |
إنْ نوزلوا كانوا أسودَ عريكة ٍ، | أو غوزلوا كانوا بدوراً تشرقُ |
قومٌ، إذا ركبوا الجيادَ ظننتهمْ | أسداً بألحاظِ الجآذِرِ ترمقُ |
قد خلقتْ بدمِ لقلوب خدودهم، | ودروعُهمْ بدَم الكُماة ِ تُخَلَّق |
جذبوا القسيّ إلى قسيّ حواجبٍ، | مِن تَحتِها نَبلُ اللّواحِظِ تَرشُقُ |
نشروا الشعورَ، فكلُّ قدٍّ منهمُ | لدنٌ، عليه من الذوائبِ سنجقُ |
لي منهمث رشأٌ، إذا غازلتُهُ | كادَتْ لَواحظُهُ بسِحرٍ تَنطِقُ |
إنْ شاءَ يَلقاني بخُلقٍ واسِعٍ، | عندَ السلامِ، نهاهُ طرفٌ ضيقُ |
لم أنسَ ليلة َ زارني ورقيبهُ | يُبدي الرّضا، وهوَ المَغيظُ المُحنَقُ |
وافَى ، وقد أبدى الحياءُ بوجههِ | ماءً، لهُ في القَلبِ نارٌ تُحرِقُ |
أمسى يعاطيني المدامَ، وبيننا | عتبٌ ألذُّ منَ المدامِ وأروقُ |
حتى إذا عبثَ الكرى بجفونِه | كانَ الوِسادَة َ ساعِدي والمِرفَقُ |
عانقتُهُ، وضممتُهُ، فكأنّهُ | منْ ساعديَّ مطوقٌ وممنطقُ |
حتى بَدا فَلَقُ الصّباحِ، فَراعَهُ؛ | إنّ الصباحض هوَ العدوُّ الأزرقُ |
فهُناكَ أومَا للوَداعِ مُقَبِّلاً | كفّيّ، وهيَ بذَيلِهِ تَتَعَلّقُ |
يا مَنْ يُقَبّلُ للوَداعِ أنامِلي! | إنّي إلى تَقبيلِ ثَغرِكَ أشوَقُ |
للعاشقينَ غرابُ بينٍ ينعقُ | |
وغَفَرْتُ ذَنبَ الدّهرِ حينَ بدَتْ به | من طلعة ِ السلطانِ شمسٌ تشرقُ |
المالكُ المنصورُ، والملكُ الذي | من خوفِهِ طرفُ النوائبِ مطرقُ |
نجمٌ لهُ فلكُ السعادة ِ مطلعٌ، | بَدرٌ لهُ أُفقُ المَعالي مَشرِقُ |
من معشرٍ حازوا الفخارَ بسعيهمْ، | وبَنَى لهُمْ فَلَكَ المَعالي أُرتُقُ |
قومٌ همُ الدهرُ العبوسُ، إذا سطوا، | وإذا سخوا، فهمُ السحابُ المغدِقُ |
وإذا استَغاثَ المُستَغيثُ تَسَرَعوا؛ | وإذا استَجارَ المُستَجيرُ تَرَفّقُوا |
ملكٌ تحفُّ بهِ الملوكُ، كأنّهُ | بَدرٌ بهِ زُهْرُ الكَواكِبِ تُحدِقُ |
قَد، ظَلّلتَهُ سَحابَة ٌ من خَيرِهِ، | تَسري، وآيتُهُ السّماحُ المُطلَقُ |
والقبة ُ العلياءُ، والطيرُ الذي | منْ حولهِ راياتُ نصرٍ تخفقُ |
يُفلَى ، بهِ فَودُ الفَلا والمَفرِقُ | |
فلوحشها أجنادُهُ وجيادُهُ، | ولطَيرِها بازِيهِ والزُّرَّقُ |
مَلِكٌ يَجِلُّ عن العِيانِ، فنَغتدي | بقلوبنا، لا بالنواظرِ، نرمقُ |
فإذا تَطَلّعَ قلتَ لَيثٌ ناظِرٌ؛ | وإذا تفكرَ قلُ صلٌّ مطرقُ |
كالشمسِ، إلاّ، أنّه لا يختفي، | والبَدرِ، إلاّ أنّهُ لا يُمحَقُ |
والغَيثِ، إلاّ أنّهُ لا يَنتهي، | |
والسيّفِ، إلاّ أنّهُ لا يَنثَني، | |
والدّهرِ، إلاّ أنّهُ لا يَعتَدي، | والبَحرِ، إلاّ أنّهُ لا يَزهَقُ |
ترجَى فوائدهُ، ويخشى بأسُهُ، | كالنّارِ تَمنَحُكَ الضّياءَ وتُحرِقُ |
بالبِيضِ في يومِ الكريهَة ِ ألبَقُ | |
كفُّ لما حفظَ اليراعُ مضيعة ٌ، | ولِما تُجَمّعُهُ الصِّفاحُ تُفَرِّقُ |
لا يحتوي الأموالَ، إلاّ مثلما | يحوي بأطرافِ البنانِ الزيبقُ |
جرتِ الملوكُ لسبقِ غاياتِ العُلى ، | فمشمرٌ في جريهِ ومحلقُ |
حتى إذا نكصَ المكافحُ جاءَها | متهادياً في خطوهِ يترفقُ |
يا مَنْ بهِ شرُفَتْ مَعاقِدُ تاجِهِ، | وبها يُشَرَّفُ مِن سِواهُ المَفرِقُ |
أنِسَتْ بمَقدَمكَ العِراقُ وأهلُها، | واستَوحشتْ لك حَرزَمٌ والجَوسَقُ |
أرضٌ تحلُّ بربعِها فلباسُنا | من سندسٍ وفراشُنا الإستبرقُ |
فالنّاسُ تَستَسقي الغَمامَ ومَن بها | يدعو الإلهَ بأنّهُ لا يغرقُ |
يا مَن يُقايسُ ماردينَ بجِلّقٍ | بعدَ القياسِ وأينَ منهُ جلقُ |
لم يذكرِ الشهباءُ في سبقِ العُلى ، | إلاّ كبتْ شقراؤها والأبلقُ |
كم مارِدينَ لماردينَ تَواثَبُوا، | ومن المحالِ طلابُ ما لا يلحقُ |
سورٌ لها، ودمُ الفوارسِ خندقُ | |
وتجمعوا حتى مددتَ لهم يداً، | في كلّ خافِقَة ٍ لِواءٌ يَخفُقُ |
ما أنتَ يومَ السلمِ غلاّ واحدٌ | فردٌ، وفي يومِ الكريهة ِ فيلقُ |
أغلَقتَ بابَ العُذرِ مَع تَصحيفِهِ، | |
مَولايَ سَمعاً مِن وَلِيّكَ مَدحة ً | عن صِدقِ وُدّي في عُلاكم تَنطِقُ |
أنا عَبدُ أنعُمِكَ القديمُ وَدادُه، | وسوايَ في أقوالِهِ يتملقُ |
عَبدٌ مُقيمٌ بالعِراقِ ومَدحُهُ | فيكُمْ يُغَرِّبُ تارَة ً ويُشَرِّقُ |
فلقد وقفتُ على علاكَ بدائعاً | يعيا بأيسرها النصيحُ المفلقُ |
من كلّ هَيفاءِ الكَلامِ رَشيقَة ٍ | في طَيّها مَعنًى أدَقُّ وأرشَقُ |
فيها، كما حسدَ الهزارَ اللقلقُ | |
أعيَتْ أكابرَهم أصاغرُ لَفظِها، | ولربّما أعيا الرخاخَ البيدقُ |
جاؤوكَ باللّفظِ المُعادِ لأنّني | غَرّبتُ في طَلَبِ الغَريبِ وشرّقُوا |
لَهُمُ بذاكَ جِبِلّة ٌ جَبَلِيّة ٌ، | ولنا عراقٌ والفصاحة ُ معرقُ |
ما كنتُ أرضَى بالقَريضِ فضيلَة ً، | لكنْ رأيتُ الفضلَ عندكَ ينفقُ |
قالوا: خلقتَ موفقاً لمديحهِ، | فأجَبتُهُمْ: إنّ السّعيدَ مُوَفَّقُ |
إني ليقنعني القبولُ إجازة ً، | إنّ التّصَدّقَ بالوَدادِ تَصَدُّقُ |
لا زالَ أمرُك بالسعادة ِ نافذاً | في الأرضِ تَمنَعُ مَن تَشاءُ وتَرزُقُ |