خليليّ، مرا بي على رسمِ منزلِ،
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
خليليّ، مرا بي على رسمِ منزلِ، | وربعٍ لشنباءَ ابنة ِ الخيرِ، محولِ |
أَتَى دونَهُ عَصْرٌ، فَأَخْنَى بِرَسْمِهِ | خلوجان من ريحٍ جنوبٍ وشمالِ |
سرا جلَّ ضاحي جلده ملتقاهما، | وَمَرَّ صَباً بِکلْمَوْرِ هَوْجاءُ مَحْمَلِ |
وبدلَ بعدَ الحيِّ عيناً سواكناً، | وَخَيْطَ نَعامٍ بِکلأَمْاعزِ هُمَّلِ |
بما قد أرى شنباءَ حيناً تحلهُ، | وَأَتْرَابَهَا، في نَاضِرِ النَّبْتِ مُبْقِلِ |
أَعَالِيَ تُصْطَادُ الفُؤادَ نِسَاؤهُمْ | بِعَيْنَيْ خَذولٍ مُؤنِقِ الجَمِّ مُطْفِلِ |
وَوَحْفٍ يُثَنَّى في العِقَاصِ كَأَنَّهُ | دَواني قُطُوفٍ، أَو أَنَابِيبُ عُنْصُلِ |
تَضِلُ مَدَارِيها، خِلاَلَ فُروعِها، | إذا أَرْسَلَتْها، أَوْ كَذَا غَيْرَ مُرْسَل |
وتنكلُّ عن غرٍّ، شتيتٍ نباته، | عِذابٍ ثَناياهُ، لَذِيذِ المُقَبَّلِ |
كَمِثْلِ أَقاحي الرَّمْلِ، يَجْلو مُتُونَهُ | سُقُوطُ نَدًى مِنْ آخِرِ کللَّيْلِ مُخْضِلِ |
إذا ابتسمت، قلتَ انكلالُ غمامة ٍ، | خَفَا بَرْقُها في عَارِضٍ مُتَهَلِّلِ |
كَأَنَّ سَحِيقَ المِسْكِ خَالطَ طَعْمَهُ | وَرِيحَ الخُزَامَى في جَدِيدِ القَرَنْفُلِ |
بِصَهْبَاء، دِرْيَاقِ المُدامِ، كَأَنَّهَا | إذا ما صفا راووقها، ماءُ مفصل |
وَتَمْشي عَلَى بَرْدِيَّتَيْنِ غَذاهُمَا | يَهَامِيمُ أَنْهَارٍ بِأَبْطَحَ مُسْهَلِ |
مِنَ الحَورِ، مِخْمَاصٌ، كَأَنَّ وِشَاحَهَا | بِعُسْلُوجِ غَابٍ، بَيْنَ غِيلٍ وَجَدْوَلِ |
قَلِيلَة ُ إزْعاجِ الحَدِيثِ يَرُوعُها | تَعَالي الضُّحَى لَمْ تَنْتَطقْ عَنْ تَفَضُّلِ |
نؤوم الضحى ، ممكورة ُ الخلق، غادة ٌ، | هَضِيمُ الحَشا حُسّانَة ُ المُتَجَمَّلِ |
فَأَمْسَتْ أَحَادِيثَ الفُؤادِ وَهَمَّهُ، | وإنْ كَانَ مِنْهَا قَدْ غَدا لَمْ يُنَوَّلِ |
وقد هاجني منها على النأي دمنة ٌ | لها بقديدٍ، دون نعفِ المشلل |
أرادت، فلم تسطع كلاماً فأومأت | إلينا، ونصتْ جيدَ أحورَ مغزل |
فقلتُ لأصحابي: اربعوا بعضَ ساعة ٍ | عَلَيَّ، وَعوجُوا مِنْ سَواهِم ذُبَّلِ |
قليلاً، فقالوا: إنّ أمركَ طاعة ٌ، | لما تشتهي فاقضِ الهوى ، وتأمل |
لَكَ اليَوْمُ حَتَّى اللَّيْلِ، إنْ شِئْتَ، فَأْتِهِمْ | وصدرُ غدٍ أو كله غيرَ معجل |
فَإنَّا عَلَى أَنْ نُسْعِفَ النَّفْسَ بِکلهَوَى | حراصٌ، فما حاولتَ من ذاكَ فافعل |
وَنَصُّ المَطَايا في رِضَاكَ وَحَبْسُها | لَكَ، اليَوْمَ، مَبْذُولٌ، وَلَكِنْ تَجَمَّلِ |
فلما رأيتُ الحبسَ في رسمش منزلٍ | سفاهاً وجهلاً بالفؤاد الموكل |
فَقُلْتُ لَهُمْ: سِيرُوا فَإنَّ لِقَاءَها | توافي الحجيج، بعدَ حولٍ مكمل |
فَمَا ذِكْرُهُ شَنْبَاء، وَکلدَّارُ غَرْبَة ٌ، | عنوجٌ، وإن يجمعْ يضرَّ وينحل |
وإنْ تنأَ، تحدثْ للفؤادِ زمانة ٌ، | وإنْ تَقْتَرِبْ تَعْدُ العَوادي وَتَشْغَلِ |
وإن يحضرِ الواشي تطعهُ، وإن يقل | بها كاشحٌ عندي يجبْ ثم يعزل |
وإنْ تعدُ لا تَحْفِلْ، وإنْ تَدْنُ لا تَصِلْ، | وإن تنأَ لا نصبرْ، وغن تدنُ أجذل |
وإن تلتمسْ منا المودة َ، نعطها، | |
فقد طالَ، لو تبكي إلى متجودٍ، | بكاكَ إلى شنباءَ، يا قلبُ، فاحتل |
أَفقْ إنَّما تَبكي إلى مُتَمَنِّعٍ، | من البخلِ، مألوسِ الخليقة ِ، حول |
فقد كاد يسلو القلبُ عنها، ومن يطل | عليه التنائي والتباعدُ، يذهل |
عَلَى أَنَّهُ، إنْ يَلْقَها بَعْدَ غَيْبَة ٍ، | يعدُ لكَ داءٌ عائدٌ، غيرُ مرسل |
فَإنَّكِ لو تَدْرِينَ أَنْ رُبَّ فِتْيَة ٍ | عجالى ، ولولا انتِ، لم اتعجل |
منعتهمُ التعريسَ، حتى بدا لهم | قَوَارِبُ مُعْروفٍ مِنَ الصُّبْحِ مُنْجَلِ |
يَنُصّونَ بِکلمَوْماة ِ خوصاً كَأَنَّها | شرائحُ ينعٍ، أو سراءُ معطل |
دِقاقاً بَراها السَّيْرُ، مِنْها مُنَعَّلُ السّـ | السريحِ، وواقٍ من حفى ً لم ينعل |
وأضحوا جميعاً تعرفُ العينُ فيهمُ | كَرَى النَّوْمِ، مُسْتَرْخي العَمَائِمِ، مُيَّلِ |
عَلَى هَدَم جَعْدِ الثَّرَى ذي مَسَافَة ٍ | مخوفِ الردى ، عاري البنائق، مهمل |
تَرَى جِيَفَ الحِيتَانِ فيهِ كَأَنَّها | خِيامٌ عَلَى ماءٍ حَديثٍ مُنَهَّل |
إرادَة َ أَنْ أَلْقَاكِ، يا أَثْلَ، وَکلْهَوَى | كذلك حمالُ الفتى كلَّ محمل |
فبعضَ البعادِ، يا أثيلَ، فإنني | تَرُوكُ الهَوَى ، عَنِ الهَوَانِ بِمَعْزَلِ |
أبى ليَ عرضي أن أضامَ، وصارمٌ | حُسامٌ، وَعِزَّ مِنْ حَدِيثٍ وَأَوَّلِ |
مقيمٌ، بإذنِ اللهِ، ليس ببارحٍ، | مَكَانَ الثُّرَيّا قَاهِرٌ كُلَّ مَنْزِلِ |
أَقَرَّتْ مَعَدٌّ أَنَّنا خَيْرُها جَدًى | لِطَالِبِ عُرْفٍ، أَوْ لِضَيْفٍ مُحَمَّلِ |
مقاويلُ بالمعروفِ، خرسٌ عن الخنى ، | قُضاة ٌ بِفَصْلِ الحَقِّ في كُلِّ مَحْفِلِ |
أخوهمْ إلى حصنٍ منيعٍ، وجارهمْ | بِعَلْيَاء عِزٍّ، لَيْسَ بِکلْمُتَذَلِّلِ |
وفينا إذا ما حادثُ الدهرِ أجحفتْ | نوائبه، والدهرُ جمُّ التنقل، |
لذي الغرمِ أعوانٌ، وبالحقّ قائلٌ، | وَلِلْحَقِّ تَبّاعٌ، وَلِلْحَرْبِ مُصْطَلِ |
وللخيرِ كسابٌ، وللمجدِ رافعٌ، | وللحمدِ أعوانٌ، وللخيلِ معتل |
نبيحُ حصونَ من نعادي، وحصننا | أَشَمُّ مَنيعٌ، حَزْنُهُ لَمْ يُسَهَّلِ |
نقودُ ذليلاً من نعادي، وقرمنا | أبيُّ القيادِ، مصعبٌ لم يذلل |
نفللُ أنيابَ العدوّ، ونابنا | حَديدٌ شَديدٌ رَوْقُهُ لَمْ يُفَلَّلِ |
أَولئِكَ آبائِي، وَعِزِّي، وَمَعْقِلي | إلَيْهِمْ، أُثَيْلَ، فَکسْأَلي أَيَّ مَعْقِلِ! |