رَاحَ صَحبي وَلَمْ أُحَيِّ النَّوارا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
رَاحَ صَحبي وَلَمْ أُحَيِّ النَّوارا | وَقَلِيلٌ لَوْ عَرَّجوا أَنْ تُزَارا |
ثُمَّ إمّا يَسْرُونَ مِنْ آخِرِ اللَّيْـ | ـلِ وإمّا يُعَجِّلُونَ کبْتِكَارا |
وَلَقَدْ قُلْتُ ليلة َ البَيْنِ إذْ جَدَّ | رَحِيلٌ وَخِفْتُ أَنْ أُسْتَطَارا |
لخليلٍ يهوى هوانا مؤاتٍ، | كَانَ لي عِنْدَ مِثْلِها نَظَّارا |
يا خَلِيلُ ارْبَعَنْ عَلَيَّ وَعَيْنا | من الحزنِ تهملانِ ابتدارا |
هَهُنا فکحْبِسِ البَعِيرَيْنِ وکحْذَرْ | زَائِدَاتٍ العُيونِ أَنْ تُسْتَنارا |
إنني زائرٌ قريبة َ قد يع | ـلَمُ رَبّي أَنْ لا أُطيقُ کصْطِبَارَا |
قَالَ: فکفْعَلْ لا يَمْنَعَنْكَ مَكاني | من حديثٍ تقضي به الاوطارا |
والتمس ناصحاً قريباً من الوردِ، | دِ يُحِسُّ الحَدِيثَ والأَخْبارا |
فَبَعَثْنا مُجَرَّباً سَاكِنَ الرّيـ | خفيفاً، معاوداً، بيطارا |
فَأَتَاها فَقَالَ: مَيْعَادُكِ السَّرْ | ـحُ إذا اللَّيْلُ سَدَّلَ الأَسْتَارَا |
فَكَمَنّا حَتَّى إذا فُقِدَ الصَّوْ | تُ دُجى المُظْلِمِ البَهِيمِ فَحارَا |
قلتُ، لما بدتْ لصحبيَ: إني | أرتجي عندها لديني يسارا |
ثُمَّ أَقْبَلْتُ رَافِعَ الذَّيْلِ أُخْفي کلْـ | الوطءَ، أخشى العيونَ والنظارا |
فکلْتَقَيْنا فَرَحَّبَتْ حِينَ سَلَّمْـ | ـتُ وَكَفَّتْ دَمْعاً مِنَ العَيْنِ مارا |
ثمّ قالتْ عند العتابِ: رأينا | منكَ عنا تجلداً وازورارا |
قُلْتُ: كَلاَّ لاهِ کبْنُ عَمِّكِ بَلْ خِفْـ | ـنا أُموراً كُنّا بِهَا أَغْمَارا |
فَجَعَلْنا الصُّدودَ لَمّا رَأيْنَا | قَالَة َ الناسِ بَيْنَنَا أَسْتارا |
وركبنا حالاً، لنكذبَ عنا | قَوْلَ مَنْ كَانَ بِالبَنَانِ أَشارا |
وَکقْتَصَرْتُ الحَدِيثَ دُونَ الَّذي قَدْ | كانَ من قبلُ يعلمُ الأسرارا |
ليسَ كالعهدِ إذْ عهدتِ، ولكن | أَوْقَدَ النَّاسُ بِالأَحاديث نارا |
فلذاكَ الإعراضُ عنكِ، وما | آثرَ قلبي عليكِ أخرى اختيارا |
ما أبالي، إذا النوى قربتكمْ | فدنوتمْ، من حلّ، أو كان سارا |
وَکللَّيَالي إذا نَأَيْتِ طِوالٌ | وأَرَاها إذا دَنَوْتِ قِصارا |
فعرفتُ القبولَ منها لعذري، | إذْ رَأَتْني مِنْها أُريدُ کعْتِذارا |
ثمّ لانتْ، وسامحتْ بعدَ منعٍ، | وأرتني كفاً تزينُ السوارا |
فتناولتها، فمالتْ كغصنٍ، | حَرَّكَتْهُ رِيحٌ عَلَيْهِ فَحارا |
وَأَذَاقَتْ بَعْدَ العِلاَجِ لذيذاً | كجنى النحلِ شابَ صرفاً عقارا |
ثُم كَانَتْ دُونَ اللّحافِ لِمَشْغو | فٍ مُعَنًّى بهَا مَشوقٍ شِعَارا |
واشتكتْ شدة َ الإزارِ من ال | بهرِ وألقتْ عنها لديّ الخمارا |
حَبَّذا رَجْعُها إلَيْها يَدَيْها | في يديْ درعها تحلُّ الإزارا |
ثمّ قالتْ، وبان ضوءٌ، منَ الصب | ـحِ مُنيرٌ لِلنَّاظِرينَ أَنارا |
يا ابنَ عمي، فدتكَ نفسيَ، إني | أتقي كاشحاً، إذا قال، جارا |