قلْ للمليحة ِ: قد أبلتنيَ الذكرُ،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
قلْ للمليحة ِ: قد أبلتنيَ الذكرُ، | فَکلدَّمْعُ كُلَّ صَبَاحٍ فِيكِ يَبْتَدِرُ |
فَلَيْتَ قَلْبي وَفِيهِ مِنْ تَعَلُّقِكُمْ | ما لَيْسَ عِنْدي لَهُ عِدْلٌ وَلاَ خَطَرُ |
أفاقَ، إذ بخلت هندٌ، وما بذلتْ | مَا كُنْتُ آمُلُهُ مِنْها وأَنْتَظِرُ |
وَقَدْ حَذِرْتُ النَّوَى في قُرْبِ دَارِهِمُ | فَعِيلَ صَبْري وَلَمْ يَنْفَعْنيَ الحَذَرُ |
قد قلتُ، إذ لم تكن للقلبِ ناهية ٌ | عَنْها تُسَلِّي وَلاَ لِلْقَلْبِ مُزْدَجِرُ |
يَا لَيْتَني مِتُّ إذْ لَمْ أَلْقَ مِنْ كَلَفي | مفرحاً، وشآني نحوها النظر |
وشاقني موقفٌ بالمروتينِ لها، | والشَّوْقُ يُحْدِثُهُ لِلعاشِقِ الفِكَرُ |
وقولها لفتاة ٍ غيرِ فاحشة ٍ: | أَرَائِحٌ مُمْسِياً أَمْ بَاكِرٌ عُمَرُ |
اللَّه جَارُ لهُ إمَّا أَقَامَ بنا | وفي الرحيلِ، إذا ما ضمهُ السفر |
فَجِئْتُ أَمْشي وَلَمْ يُغْفِ الأُلى سَمَرُوا | وصاحبي هندوانيٌّ به أثر |
فلم يرعها، وقد نضتْ مجاسدها، | إلا سوادٌ، وراءَ البيت، يستتر |
فلطمتْ وجهها، واستنبهتْ معها | بَيْضَاءُ آنِسَة ٌ مِنْ شَأْنِها الخَفَرُ |
ما باله حين يأتي، أختِ، منزلنا، | وقد رأى كثرة َ الأعداءِ، إذ حضروا |
لَشِقْوَة ٌ مِنْ شَقَائي أُخْتِ غَفْلَتُنا | وشؤمُ جدي، وحينٌ ساقه القدر |
قَالَتْ: أَرَدْتَ بِذا عَمْداً فَضيحَتَنا | وصرمَ حبلي، وتحقيقَ الذي ذكروا |
هَلاَّ دَسَسْتَ رَسولاً مِنْكَ يُعْلِمُني | ولم تعجلْ إلى أنْ يسقطَ القمر |
فقلتُ: داعٍ دعا قلبي، فأرقهُ، | ولا يتابعني فيكم، فينزجر |
فبتُّ أسقى عتيقَ الخمرِ خالطهُ | شَهْدٌ مَشَارٌ وَمِسْكٌ خَالِصٌ ذَفِرُ |
وَعَنْبَرَ الهِنْدِ والكَافُورَ خَالَطَهُ | قرنفلٌ، فوقَ رقراقٍ لهُ أشر |
فبتُّ ألثمها طوراً، ويمتعني، | إذا تمايلُ عنهُ، البردُ والخصر |
حتى إذا الليلُ ولى ، قالتا زمراً: | قُوما بِعَيْشِكُما قَدْ نَوَّر السَّحَرُ |
فَقُمْتُ أَمْشي وَقَامَتْ وَهْيَ فَاتِرَة ٌ | كَشَارِبِ الخَمْرِ بَطَّى مَشْيَهُ السَّكَرُ |
يَسْحَبْنَ خَلْفي ذُيُولَ الخَزِّ آوِنَة ً | وناعمَ العصبِ كيلا يعرفَ الأثر |