قفْ بالديارِ عفا من اهلها الأثرُ،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
قفْ بالديارِ عفا من اهلها الأثرُ، | عفى معالمها الأرواحُ والمطرُ |
بالعرصتينِ فمجرى السيلِ بينهما | إلى القرينِ، إلى ما دونهُ البسر |
تَبْدُو لِعَيْنَيْكَ مِنْهَا كُلَّما نَظَرْتْ | معاهدَ الحيِّ، دوداة ٌ، ومحتضر |
وركدٌ حولَ كابٍ قد عكفنَ به | وَزَيْنَة ٌ ماثِلٌ مِنْهُ وَمُنْعَفِرُ |
منازلُ الحيِّ أقوتْ بعد ساكنها، | أمستْ ترودُ بها الغزلانُ والبقر |
تَبَدَّلوا بَعْدَهَا داراً وَغَيَّرَها | صَرْفُ الزَّمَانِ وَفي تَكْرَارِهِ غِيَرُ |
وَقَفْتُ فيها طَويلاً كَيْ أُسَائِلَها | والدارُ ليس لها علمٌ، ولاحبر |
دارُ التي قادني حينٌ لرؤيتها، | وَقَدْ يَقُودُ إلى الحَيْنِ الفَتَى القَدَرُ |
خودٌ تضيءُ ظلاَ البيتِ صورتها، | كما يضيءُ ظلامَ الحندسِ القمر |
مَجْدُولَة ُ الخَلْقِ لَمْ تُوضَعْ مَنَاكِبُها | ملءُ العناقِ ألوفٌ جيبها عطر |
ممكورة ُ الساقِ، مقصومٌ خلاخلها، | فمشبعٌ نشبٌ، منها، ومنكسر |
هَيْفاءُ لَفّاءُ مَصْقولٌ عَوَارِضُها | تكادُ، من ثقلِ الأردافِ، تنبتر |
تفترُّ عن واضحِ الانيابِ، متسقٍ، | عذبِ المقبلِ، مصقولٍ له أشر |
كالمسكِ شيبَ بذوبِ النحلِ يخلطه | ثَلْجٌ بِصهْبَاءَ مِمّا عَتَّقَتْ جَدَرُ |
تِلْكَ الَّتي سَلَبَتْني العَقْلَ وکمْتَنَعَتْ | والغانياتُ، وإن واصلتنا، غدر |
قَدْ كُنْتُ في مَعْزِلٍ عَنْهَا فَقَيَّضَني | للحينِ، حينَ دعاني للشقا النظر |
إني، ومنْ أعملَ الحجاجُ خيفته | خوصَ المطايا وما حجوا وما اعتمروا |
لا أَصْرِفُ الدَّهْرَ وُدّي عَنْكِ أَمْنَحُهُ | أخرى أواصلها، ما أورقَ الشجر! |
أَنْتِ کلمُنَى وَحَديثُ النَّفْسِ خَالِيَة ً | وَفي الجَمِيعِ وأَنْتِ السَّمْعُ وکلبَصَرُ |
يا ليتَ من لامنا في الحبِّ مرُ به، | مما نلاقي، وإنْ لم نحصهِ، العشر |
حتى يذوقَ كما ذقنا، فيمنعهُ، | مِمّا يَلَذُّ حَدِيثُ النَّفْسِ والسَّهَرُ |
دَسَّتْ إلَيَّ رَسُولاً لا تَكُنْ فَرِقاً | وکحْذَرْ وُقَيْتَ وأَمْرُ الحَازِمِ الحَذَرُ |
إنِّي سَمِعْتُ رِجالاً مِنْ ذَوِي رَحِمِي | هُمُ العَدُوُّ بِظَهْرِ الغَيْبِ قَدْ نَذَروا |
أن يقتلوكَ، وقاكَ القتلَ قادرهُ، | واللهُ جاركَ مما أجمعَ النفر |
السرُّ يكتمهُ الإثنانِ بينهما، | وَكُلُّ سِرٍّ عَدَا الإثْنَيْنِ مُنْتَشِرُ |
والمرءُ، إن هو لم يرقبْ بصبوتهِ | لَمْحَ العُيُونِ بِسُوءِ الظَّنِّ يَشْتَهِرُ |