نَعَقَ الغُرَابُ بِبَيْنِ ذاتِ الدُّمْلُجِ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
نَعَقَ الغُرَابُ بِبَيْنِ ذاتِ الدُّمْلُجِ | ليتَ الغرابَ ببينها لم يزعجِ |
نَعَقَ الغُرَابُ وَدَقّ عَظْمَ جَنَاحِهِ | وَذَرَتْ بِهِ الأَرْياحُ بَحْرَ السَّمْهَجِ! |
ما زلتُ أتبعهم لأسمعَ حدوهمْ، | حَتَّى دَخَلْتُ عَلى رَبِيبَة ِ هَوْدَجِ |
نَظَرَتْ إلَيَّ بِعَيْنِ رِئْمٍ أَكْحَلٍ | عمداً، وردتْ عنك دعوة َ عوهج |
فبهتْ بدرّ حليها، ووشاحها، | وَبَرِيمِهَا وَسِوَارِها فَالدُّمْلُجِ |
فَظَلِلْتُ في أَمْرِ الهَوَى مُتَحَيِّراً | من حرِّ نارٍ بالحشا متوهج |
مَنْ ذا يَلُمْني إنْ بَكَيْتُ صَبَابَة ً | أَوْ نُحْتُ صَبَّاً بِالفُؤادِ المُنْضَجِ؟ |
قَالُوا اصْطَبِرْ عَنْ حُبِّها مُتَعَمِّداً | ولا تهلكنّ صبابة ً، أو تحرج |
كَيفَ اِصطِباري عَن فَتاةٍ طَفلَةٍ | بَيضاءَ في لَونٍ لَها ذي زِبرِجِ |
نافتْ على العذقِ الرطيبِ بريقها، | وَعَلَى الهِلاَلِ المُسْتَبين الأَبْلَجِ |
لما تعاظمَ أمرُ وجدي في الهوى ، | وَكَلِفْتُ شَوْقاً بِالغَزَال الأَدْعَجِ |
فسريتُ في ديجوِ ليلٍ حندسٍ، | مُتَنَجِّداً بِنِجَادِ سَيْفٍ أَعْوَجِ |
فقعدتُ مرتقباً ألمُّ ببيتها، | حَتَّى وَلَجْتُ بِهِ خَفِيَّ المَوْلَجِ |
حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى الفَتَاة ِ وَإنَّها | لَتَغُطُّ نَوْماً مِثْلَ نَوْمِ المُبْهِجِ |
وإذا أبوها نائمٌ، وَعَبِيدُهُ | مِن حَوْلِها مِثْلُ الجِمَالِ الهُرَّجِ |
فَوَضَعْتُ كَفِّي عِنْدَ مَقْطَعِ خَصْرِها | فَتَنَفَّسَتْ نَفَساً فَلَمْ تَتَهَلَّجِ |
فَلَزِمْتُها فَلَثِمْتُها فَتَفَزَّعَتْ | مني، وقالتْ: منْ؟ فلمْ أتلجلج |
قَالَتْ: وَعَيْشِ أَبي وَحْرْمَة ِ إخْوَتي | لأُنَبِّهَنَّ الحَيَّ إنْ لَمْ تَخْرُجِ |
فَخَرَجْتُ خَوْف يَمينِها فَتَبَسَّمَتْ | فَعَلِمْتُ أَنَّ يَمِينِها لَمْ تَحْرُجِ |
فتناولتْ رأسي، لتعلمَ مسهُ، | بِمُخَضَّبِ الأَطْرَافِ غَيْرِ مُشَنَّجِ |
فَلَثمْتُ فاها، آخِذاً بِقُرُونِها | شُرْبَ النَّزِيفِ بِبَرْدِ ماءِ الحَشْرَجِ |