أَلاَ لاَ تَلُمْهُ اليَوْمَ أَنْ يَتَلَبَّدَا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أَلاَ لاَ تَلُمْهُ اليَوْمَ أَنْ يَتَلَبَّدَا | فَقَدْ غُلِبَ المَحْزُونُ أنْ يَتَجَلَّدَا |
بطيتُ الصِّبا جهدي فمنْ شاءَ لامني | وَمَنْ شَاءَ آسَى فِي البُكَاءِ وأَسْعَدَا |
وَإِنِّي وَإِنْ فُنِّدْتُ في طَلَبِ الصِّبَا | لأعلمُ أنِّي لستُ في الحبِّ أوحدا |
إذَا أَنْتَ لَمْ تَعْشَقْ وَلَمْ تَدْرِ مَا الهَوَى | فَكُنْ حَجَراً مِنْ يَابِسِ الصَّخْرِ جَلْمَدَا |
فَمَا العَيْشُ إلاَّ أَنْ تَلَذَّ وَتَشْتَهِي | وَإِنْ لاَمَ فِيهِ ذُو الشَّنَانِ وَفَنَّدَا |
وَعَهْدِي بِهَا صَفْرَاءَ رُوداً كأَنَّما | نَضَا عَرَقٌ مِنْهَا عَلَى اللَّوْنِ عَسْجَدَا |
مُهَفْهَفَة ُ الأَعْلَى وَأَسْفَلُ خَلْقِهَا | جرى لحمهُ منْ دونِ أنْ يتخدَّدا |
مِنَ المُدْمَجَاتِ اللَّحْمِ جَدْلاً كَأَنَّهَا | عنانُ صناعٍ مدمجُ الفتلِ محصدا |
كأنَّ ذكيَّ المسكِ منها وقدْ بدتْ | وَرِيحَ الخُزَامَى عَرْفُهُ يَنْفَحُ النَّدَى |
وإنِّي لأهواها وأهوى لقاءها | كما يشتهي الصَّدي الشَّرابَ المبردا |
فَقُلْتُ أَلاَ يَا لَيْتَ أَسْمَاءَ أَصْقَبَتْ | وَهَلْ قَوْلُ لَيْتٍ جَامِعٌ مَا تَبَدَّدَا |
عَلاَقَة ُ حُبٍّ لَجَّ فِي زَمَنِ الصِّبَا | فَأَبْلَى وَمَا يَزْدَادُ إِلاَّ تَجَدُّدَا |
سُهُوبٌ وَأَعْلاَمٌ تَخَالُ سَرَابَهَا | إِذَا اسْتَنَّ فِي القَيْظِ المُلاَءَ المُعَضَّدَا |
فأوفيتُ في نشزٍ منَ الأرضِ يافعٍ | وقدْ تسعفُ الأيفاعُ منْ كانَ مقصدا |
كريمُ قريشِ حينَ ينسبُ والَّذي | أَقَرَّتْ لَهُ بِالمُلْكِ كَهْلاً وَأَمْرَدَا |
وليسَ عطاءٌ كانَ منهُ بمانعٍ | وَإِنْ جَلَّ عَنْ أَضْعَافِ أَضْعَافِهِ غَدَا |
لَعَمْرِي لَقَدْ لاَقَيْتُ يَوْمَ مُوَقَّرٍ | أَبَا خَالِدٍ فِي الحَيِّ يَحْمِلُ أَسْعَدَا |
وأوقدتُ ناري باليفاعِ فلمْ تدعْ | لِنِيرَانِ أَعْدَائِي بِنُعْمَاكَ مَوْقِدَا |
وَمَا كَانَ مَالِي طَارِفاً عَنْ تِجَارَة ٍ | وَمَا كَانَ مِيراثاً مِنَ المَالِ مُتْلَدَا |
ولكنْ عطاءٌ منْ إمامٍ مباركٍ | مَلاَ الأَرْضَ مَعْرُوفاً وَعَدْلاً وَسُؤْدُدَا |
شَكَوْتُ إِلَيْهِ ثِقْلَ غُرْمٍ لَوَ انَّهُ | وَمَا أَشْتَكِي مِنْهُ عَلَى الفِيلِ بَلَّدَا |
فَلَمّا حَمِدْنَاهُ بِمَا كَانَ أَهْلَهُ | وَكَانَ حَقِيقاً أَنْ يُسَنَّى وَيُحْمَدَا |
وإنْ تذكرِ النعمى الَّتي سلفتْ لهُ | فاكرمْ بها، عندي، إذا ذكرتْ، يدا |
أهانَ تلادَ المالِ في الحمدِ إنَّهُ | إمامُ هدى ً يجري على ما تعوَّدا |
فكمْ لكَ عندي منْ عطاءٍ ونعمة ٍ | تسوءُ عدوًّا غائبينَ وشَّهدا |
تردَّى بمجدٍ منْ أبيهِ وجدِّهِ | وقد أورثا بنيانَ مجدٍ مشيَّدا |
وَلِي مِنْكَ مَوْعُودٌ طَلَبْتُ نَجَاحَهُ | وأنتَ امرؤٌ لا تخلفُ الدَّهرَ موعدا |
وعوَّدتني أنْ لا تزالَ تظلُّني | يدٌ منكَ قدْ قدَّمتَ منْ قبلها يدا |
وَلوْ كَانَ بَذْلُ المَالِ والجُودِ مُخْلِداً | منَ النّاسِ إنساناً لكنتَ المخَّلدا |
فأقسمُ لا أنفكُّ ما عشتُ شاكراً | لِنُعْمَاكَ مَا طَارَ الحَمَامُ وَغَرَّدَا |