ألا ليتَ ريعانَ الشبابِ جديدُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ألا ليتَ ريعانَ الشبابِ جديدُ | ودهراً تولى ، يا بثينَ، يعودُ |
فنبقى كما كنّا نكونُ، وأنتمُ | قريبٌ وإذ ما تبذلينَ زهيدُ |
وما أنسَ، مِ الأشياء، لا أنسَ قولها | وقد قُرّبتْ نُضْوِي: أمصرَ تريدُ؟ |
ولا قولَها: لولا العيونُ التي ترى ، | لزُرتُكَ، فاعذُرْني، فدَتكَ جُدودُ |
خليلي، ما ألقى من الوجدِ باطنٌ | ودمعي بما أخفيَ، الغداة َ، شهيدُ |
ألا قد أرى ، واللهِ أنْ ربّ عبرة ٍ | إذا الدار شطّتْ بيننا، ستَزيد |
إذا قلتُ: ما بي يا بثينة ُ قاتِلي، | من الحبّ، قالت: ثابتٌ، ويزيدُ |
وإن قلتُ: رديّ بعضَ عقلي أعشْ بهِ | تولّتْ وقالتْ: ذاكَ منكَ بعيد! |
فلا أنا مردودٌ بما جئتُ طالباً، | ولا حبها فيما يبيدُ يبيدُ |
جزتكَ الجواري، يا بثينَ، سلامة ً | إذا ما خليلٌ بانَ وهو حميد |
وقلتُ لها، بيني وبينكِ، فاعلمي | من الله ميثاقٌ له وعُهود |
وقد كان حُبّيكُمْ طريفاً وتالداً، | وما الحبُّ إلاّ طارفٌ وتليدُ |
وإنّ عَرُوضَ الوصلِ بيني وبينها، | وإنْ سَهّلَتْهُ بالمنى ، لكؤود |
وأفنيتُ عُمري بانتظاريَ وَعدها، | وأبليتُ فيها الدهرَ وهو جديد |
فليتَ وشاة َ الناسِ، بيني وبينها | يدوفُ لهم سُمّاً طماطمُ سُود |
وليتهمُ، في كلّ مُمسًى وشارقٍ، | تُضاعَفُ أكبالٌ لهم وقيود |
ويحسَب نِسوانٌ من الجهلِ أنّني | إذا جئتُ، إياهنَّ كنتُ أريدُ |
فأقسمُ طرفي بينهنّ فيستوي | وفي الصّدْرِ بَوْنٌ بينهنّ بعيدُ |
ألا ليتَ شعري، هلَ أبيتنّ ليلة ً | بوادي القُرى ؟ إني إذَنْ لَسعيد! |
وهل أهبِطَنْ أرضاً تظَلُّ رياحُها | لها بالثنايا القاوياتِ وئِيدُ؟ |
وهل ألقينْ سعدى من الدهرِ مرة ً | وما رثّ من حَبلِ الصّفاءِ جديدُ؟ |
وقد تلتقي الأشتاتُ بعدَ تفرقٍ | وقد تُدرَكُ الحاجاتُ وهي بعِيد |
وهل أزجرنْ حرفاً علاة ً شملة ً | بخرقٍ تباريها سواهمُ قودُ |
على ظهرِ مرهوبٍ، كأنّ نشوزَهُ، | إذا جاز هُلاّكُ الطريق، رُقُود |
سبتني بعيني جؤذرٍ وسطَ ربربٍ | وصدرٌ كفاثورِ اللجينَ جيدُ |
تزيفُ كما زافتْ إلى سلفاتها | مُباهِية ٌ، طيَّ الوشاحِ، مَيود |
إذا جئتُها، يوماً من الدهرِ، زائراً، | تعرّضَ منفوضُ اليدينِ، صَدود |
يصُدّ ويُغضي عن هواي، ويجتني | ذنوباً عليها، إنّه لعَنود! |
فأصرِمُها خَوفاً، كأني مُجانِبٌ، | ويغفلُ عن مرة ً فنعودُ |
ومن يُعطَ في الدنيا قريناً كمِثلِها، | فذلكَ في عيشِ الحياة ِ رشيدُ |
يموتُ الْهوى مني إذا ما لقِيتُها، | ويحيا، إذا فرقتها، فيعودُ |
يقولون: جاهِدْ يا جميلُ، بغَزوة ٍ، | وأيّ جهادٍ، غيرهنّ، أريدُ |
لكلّ حديثِ بينهنّ بشاشة ُ | وكلُّ قتيلٍ عندهنّ شهيدُ |
وأحسنُ أيامي، وأبهجُ عِيشَتي، | إذا هِيجَ بي يوماً وهُنّ قُعود |
تذكرتُ ليلى ، فالفؤادُ عميدُ، | وشطتْ نواها، فالمزارُ بعيدُ |
علقتُ الهوى منها وليداً، فلم يزلْ | إلى اليومِ ينمي حبه ويزيدُ |
فما ذُكِرَ الخُلاّنُ إلاّ ذكرتُها، | ولا البُخلُ إلاّ قلتُ سوف تجود |
إذا فكرتْ قالت: قد أدركتُ ودهُ | وما ضرّني بُخلي، فكيف أجود! |
فلو تُكشَفُ الأحشاءُ صودِف تحتها، | لبثنة َ حبُ طارفٌ وتليدُ |
ألمْ تعلمي يا أمُ ذي الودعِ أنني | أُضاحكُ ذِكراكُمْ، وأنتِ صَلود؟ |
فهلْ ألقينْ فرداً بثينة َ ليلة ً | تجودُ لنا من وُدّها ونجود؟ |
ومن كان في حبي بُثينة َ يَمتري، | فبرقاءُ ذي ضالٍ عليّ شهيدُ |