أمَّا الرُّسُومُ فقد أذكَرْنَ ما سَلَفَا
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أمَّا الرُّسُومُ فقد أذكَرْنَ ما سَلَفَا | فَلا تَكُفَّنَّ عَنْ شَأْنَيْكَ أَوْ يَكِفَا |
لا عذرَ للصبِّ أنْ يقنى الحياءَ ولا | للدمعِ بعدَ مضيِّ الحيِّ أنْ يقفا |
حَتَّى يَظَلَّ بماءٍ سافِحٍ ودمٍ | في الربعِ يحسبُ منْ عينيهِ قد رعفا |
وفي الخدورِ مهاً لو أنها شعرتْ | إذاً ظغتْ فرحاً أو أبلستْ أسفا |
لآلىء ُ كالنجومِ الزهرِ قد لبستْ | أَبشَارُها صَدَفَ الإحسان لا الصَّدفَا |
منْ كلِّ خودٍ دعاها البينُ فابتكرتْ | بكراً ولكنْ غدا هجرانها نصفا |
لا أَظْلِمُ النَّأْيَ قَدْ كانَتْ خلاَئِقُها | منْ، قبل وشكِ النوى عندي نوى ً قذفا |
غَيْدَاءُ جَادَ وَلِيُّ الحُسْنِ سُنَّتَها | فصَاغَها بِيَدَيْهِ رَوْضَة ً أُنُفَا |
مصقولة ٌ سترتْ عنا ترائبها | قَلْباً بَرئياً يُنَاغِي ناظِراً نَطِفَا |
يُضْحِي العَذُولُ على تَأنِيِبه كَلِفاً | بعُذْرِ مَنْ كانَ مَشْغُوفاً بها كَلِفا |
ودعْ فؤادكَ توديعَ الفراقِ فما | أَراهُ مِنْ سَفَرِ التَّوْدِيعِ مُنْصَرفا |
يُجَاهِدُ الشَّوْقَ طَوْراً ثُمَّ يَجْذِبُه | جِهَادُه للقَوافِي في أَبِي دُلفَا |
بِجُودِهِ انصاتَتِ الأَيَّامُ لابِسَة ً | شَرْخَ الشبابِ وكانت جِلَّة ً شُرُفا |
حتَّى لوَ انَّ اللَّيالي صُورَتْ لَغَدَتْ | أَفْعالُه الغُرُّ في آذَانِها شُنُفَا |
إِذَا عَلاَ طَوْدَ مَجْدٍ ظَلَّ في نَصَبٍ | أو يَعْتَلي مِنْ سِواه ذِروة ً شَعَفا |
فلَوْ تَكَلَّمَ خَلْقٌ لا لِسَانَ لَهُ | لَقَدْ دعَتْهُ المعَالي مِلَّة ً طُرُفا |
جَمُّ التَّواضُعِ والدُّنْيا بِسُؤْدَدِه | تَكَادُ تَهْتَزُّ مِنْ أَطْرَافِها صَلَفَا |
قصدُ الخلائقِ إلا في وغى ً وندى ً | كِلاهُما سُبَّة ٌ ما لَمْ يَكُنْ سَرَفَا |
تُدْعَى عَطَايَاهُ وَفْراً وَهْيَ إنْ شُهِرَتْ | كانتْ فخاراً لمنْ يعفوه مؤتنفا |
ما زلتُ منتظراً أعجوبة ً عنناً | حتى رأيتُ شؤالاً يجتنى شرفا |
يقولُ قولَ الذي ليسَ الوفاءُ له | عَزْماً ويُنْجزُ إنجازَ الذي حَلَفا |
رأَى الِحِمَامَ شَقِيقَ الْخُلْفِ فاتَّفَقَا | في ناظريهِ وإنْ كانا قدِ اختلفا |
كِلاَهُما رَائِحٌ غَادٍ يَذُلُّ على | معروفهِ وعلى حوبائهِ ائتلفا |
ولو يقالُ اقرِ حدَّ السيفِ شرهما | ما شام حديهِ حتى يقتل الخلفا |
إِنَّ الخلِيفَة َ والأفشِينَ قد عَلِما | من اشتفى لهما منْ بابكٍ وشفى |
في يومِ أرشقَ والهيجاءُ قدْ رشقتْ | مِنَ المنيَّة ِ رِشْقاً وابِلاً قَصِفَا |
فكانَ شَخْصُكَ في أَغْفَالِها عَلَماً | وكانَ رَأْيُكَ في ظَلْمائِها سَدَفا |
نضوتهُ دلفياً منْ كنانتهِ | فأصبحتْ فوزة ُ العقبى لهُ هدفا |
بهِ بَسَطْتَ الخُطَا فاسْحَنْفَرتْ رَتَكاً | إلى الجلادِ وكانتْ قبلهُ قطفا |
خطواً ترى الصارمَ الهنديَّ منتصراً | بهِ منَ المَارِنِ الخَطي مُنْتَصِفَا |
ذمرتَ جمعَ الهدى فانقضَ منصلتاً | وكانَ في حلقاتِ الرعبِ قد رسفا |
ومرّ بابكُ مرَّ العيشش منجذماً | مُحلَوْلياً دَمُهُ المَعْسُولُ لو رُشِفا |
حَيرَانَ يَحسَبُ سَجْفَ النَّقْعِ مِنْ دَهَشٍ | طوداً يحاذرُ أنْ ينقضَّ أو جرفا |
ظَلَّ القَنَا يَسْتَقي مِنْ صَفهِ مُهَجاً | إمَّا ثِماداً وإمَّا ثَرَّة ً خُسُفَا |
منْ مشرقٍ دمهُ في وجههِ، بطلٍ، | وَوَاهلٍ دَمُهُ للرُّعْبِ قد نُزِفَا |
فذاكَ قد سقيتْ منه القنا جرعاً | وذَاكَ قد سُقِيتْ مِنْه القَنَا نُطُفَا |
مثقفاتٍ سلبنَ الرومَ زرقتها | والعُرْبَ سُمْرَتَها والعاشِقَ القَضَفا |
ما إن رأيتُ سواماً قبلها هملاً | يرعى فيهدي إليه رعيهُ عجفا! |
ورُبَّ يَوْمٍ كأيَّامٍ تَرَكْتَ بهِ | مَتْنَ القَناة ِ ومَتْنَ القِرْنِ مُنْقَصِفا |
أزرتَ آبرشتويماً والقنا قصدٌ | غيابة َ الموتِ والمقورة َ الشسفا |
لَمَّا رَأَوْكَ وإيَّاها مُلَمْلَمَة ً | يظلُّ منها جبينُ الدهر منكسفا |
ولوا وأغشيتهمْ شماً غطارفة ً | لِغْمرَة ِ الموتِ كَشَّافِينَ لا كُشُفَا |
قد نَبَذُوا الْحَجَفَ المحُبوكَ مِنْ زُؤُدٍ | وصيروا هامهمْ بل صيرتْ حجفا |
أغشيتَ بارقة َ الأغمادِ أرؤسهمْ | ضَرْباً طِلَخْفاً يُنَسي الجانِفَ الجَنَفَا |
بَرْقٌ إذا بَرْقُ غَيْثٍ بَاتَ مُخْتطِفاً | لِلطَّرْف أصبَحَ للأعناقِ مُخْتطِفَا |
بالبيضِ قد أنفَتْ إنَّ الحُسَامَ إذا | هجيرة ٌ حرضته ساعة ً أنفا |
كَتَبْتَ أَوْجُهَهُمْ مشقاً ونَمْنمَة ً | ضَرْباً وطَعْناً يُقَات الهَامَ والصُّلُفَا |
كتابة ً لا تني مقروءة ً أبداً | وما خططتَ بها لاماً ولا ألفا |
فإنْ ألظوا بإنكارٍ فقدْ تركتْ | وُجُوهُهُمْ بالّذي أولَيْتَها صُحُفَا |
وغيضة َ الموتِ أعني البذَّ قدتَ لها | عَرَمْرَماً لِحُزُونِ الأَرْضِ مُعْتَسِفَا |
كانَتْ هيَ الوسَطَ الممنوعَ فاستَلبتْ | ما حَوْلَها الخيلُ حتى أصبحَتْ طَرَفَا |
وظَلَّ بالظَّفَرِ الأَفشِينُ مُرْتَدِياً | وباتَ بابكها بالذلِّ ملتحفا |
أعطى بكلتا يديهِ حينَ قيلَ له | هذا أبو دلفَ العجليُّ قدْ دلفا |
تركتَ أجفانه مغضوضة ً أبداً | ذلاً تمكنَ منْ عينيهِ، لا وطفا |
يا ربَّ مكرمة ٍ تجفى ، إذا نزلتْ | قدْ عرفتْ في ذراكَ البرَّ واللطفا |
لَوْ لَمْ تَفُتَّ مُسِنَّ المَجْدِ مُذْ زَمَنٍ | بالجُودِ والبأْسِ كانَ المجدُ قد خَرِفَا |
نامتْ هموميَ عني حينَ قلتُ لها | حسبي أبو دلفٍ، حسبي بهِ وكفى |