جوى ً ساورَ الأحشاءَ والقلبَ واغلهْ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
جوى ً ساورَ الأحشاءَ والقلبَ واغلهْ | ودمعٌ يضيمُ العينَ والجفنَ هاملُهْ |
وفاجعٌ موتٍ لا عدواً يخافهُ | فيبقي ولا يبقي صديقاً يجاملهْ |
وأيُّ أخي عزاءَ أو جبرية ٍ | يُنَابذُه أَوْ رَامٍ يُنَاضِلُهْ |
إذا ما جرى مجرى دمِ المرءِ حكمُهُ | وبُثَّتْ على طُرْقِ النُّفُوسِ حَبَائِلُهْ |
فَلَوْ شَاءَ هذا الدَّهْرُ أقصَرَ شَرُّهُ | كَما قَصُرَتْ عنَّا لُهَاهُ ونَائِلُهْ |
سنشكوهِ إعلاناً وسراً ونية ً | شَكِيَّة مَنْ لا يَسْتطِيعُ يُقَاتِلُهْ |
فمنْ مبلغٌ عني ربيعة َ أنَّه | تقشَّعَ طَلُّ الجُودِ مِنْها ووَابِلُهْ |
وأنَّ الحجى منها استطارتْ صدوعُه | وأنَّ الندى منها أصيبتْ مقاتلُهْ ؟ |
مَضَى لِلزيَالِ القَاسِمُ الوَاهِبُ اللُّهَى | ولَوْ لمْ يُزَايِلْنا لَكُنَّا نُزَايِلُهْ |
ولم يَعلَمُوا أَنَّ الزَّمانَ يُرِيدُه | بفجعٍ ولا أنَّ المنايا تراسلُهْ |
فتى سيطَ حبُّ المكرماتِ بلحمهِ | وخامرَه حقُّ السماح وباطلهْ |
فتى لمْ يذقْ سكرَ الشبابِ ولم تكنْ | تَهُبُّ شَمالاً لِلصَّديقِ شَمائِلُهْ |
فَتًى جَاءَهُ مِقدَارُهُ واثنَتا العُلا | يداهُ وعشرُ المكرماتِ أنامِلُهْ |
فَتًى يَنْفَجُ الأقوامُ مِن طيبِ ذِكرِهِ | ثناءً كأنّ العنبر الوردَ شاملهْ |
لقد فجعتْ عتابُهُ وزهيرهُ | وتغلبهُ أخرى الليالي ووائلهْ |
وكانَ لهمْ غَيْثاً وعِلْماً فمُعْدِمٍ | فيسأله أوْ باحثٍ فيسائلهُ |
ومُبْتَدرُ المَعْرُوفِ تَسْرِي هِبَاتُه | إليهمْ ولاتَسري إليهم غَوائِلُهْ |
فتى لم تكنْ تغلي الحقودُ بصدرِهِ | وتغلي لأضيافِ الشتاء مراجلُهْ |
مَلِيكٌ لأِمْلاَكٍ تُضيفُ ضُيُوفُه | ويُرْجَى مُرَجيه ويُسْأَلُ سَائِلُهْ |
طَوَاهُ الرَّدَى طَيَّ الكِتابِ وغُيبَتْ | فضائلهُ عن قومِه وفواضلُهْ |
طوَى شِيَماً كانَتْ تَرُوحُ وتَغتدِي | وسَائلَ مَنْ أعيَتْ عليهِ وسَائِلُهْ |
فيا عارضاً للعرفِ أقلعَ مزنُه | ويا وادياً للجودِ جفَّتْ مسائلُهْ |
أَلَمْ تَرَني أنزَفْتُ عَيْني على أبي | مُحَمّدٍ النَّجمِ المُشَرقِ آفِلُهْ |
وأخْضَلْتُها فيهِ كما لَوْ أتَيْتُه | طريدَ الليالي أخضلتني نوافلهْ ! |
ولكنَّني أُطْري الحُسَامَ إِذَا مَضَى | وإِنْ كانَ يومَ الرَّوْعِ غيريَ حامِلُهْ! |
وآسَى على جَيْحانَ إِذْ غاضَ مَاؤُه | وإنْ كانَ ذوداً غير ذودي ناهِلهْ |
عليكَ أَبَا كُلْثُومٍ الصَّبْرَ إِنَّني | أرى الصبرَ أخراهُ تقى وأوائلهً |
تَعَادَلَ وَزْناً كلُّ شيءٍ ولا أرى | سِوَى صِحَّة ِ التًّوْحِيدِ شيئاً يُعَادِلُهْ |
فأنتَ سَنَامٌ للفخارِ وغارِبٌ | وصِنْوَاكَ مِنْهُ مِنْكَبَاهُ وكاهِلُهْ |
وليستْ أثافي القدرِ إلا ثلاثُها | ولا الرَّمْحُ إلاّ لَهْذَمَاهُ وعامِلُهْ |