أقَشِيبَ رَبْعِهِمِ أَرَاكَ دَرِيسَا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أقَشِيبَ رَبْعِهِمِ أَرَاكَ دَرِيسَا | وقرى ضيوفكَ لوعة ً ورسيسا |
ولئِنْ حُبِسْتَ على البِلى لَقَدْ اغتَدَى | دمعي عليكَ إلى المماتِ حبيسا |
فكأنَّ طَسماً قَبْلُ كانُوا جيرَة ً | بِكَ والعَماليقَ الأُلى وجَدِيسَا |
وأرى ربعكَ موحشاتٌ بعدها | قَدْ كنتَ مأْلوفَ المَحَل أنِيسَا |
وبلاقعاً حتّ كأنَّ قطينها | حَلَفوا يَمِيناً أَخْلَقَتْكَ غَمُوسَا |
أَتُرَى الفِراقَ يَظُنُّ أني غافِلٌ | عَنْه وقد لمَستْ يَدَاه لِميسَا |
رودٌ أصابتها النوى في خردٍ | كانتْ بدورِ دجنة ِ وشموسا |
بيضٌ تَدُورُ عُيُونُهُنَّ إلى الصبَا | فكأنهنَّ بها يدرنَ كووسا |
وكأنما أهدى شقائقهُ إلى | وجَنَاتِهِنَّ بها أبو قَابُوسَا |
قدْ أوتيتَ منْ كلِ شيءٍ بهجة ٍ | ودداً وحسناً في الصبا مغموسا |
لولا حداثتها وأني لا أرى | عَرْشاً لها لَظَنَنْتُهَا بِلْقيسَا |
إيهاً دِمشْقُ فقَدْ حَوَيْتِ مَكارِماً | بأبي المغيثِ وسؤدداً قدموسا |
وأَرَى الزَّمانَ غَدا عليِكِ بِوجْهِهِ | جذلانَ بساماً وكانَ عبوسا |
قدْ بوركتْ تلكَ البطونُ وقدستْ | تِلْكَ الظُّهُورُ بِقُرْبِهِ تَقْدِيسَا |
فَصَنِيعَة ٌ تُسْدَى وخَطْبٌ يُعْتلى | وعظيمة ٌ تكفى وجرحٌ يوسى |
الآن أمستْ للنفاقِ وأصبحتْ | عُوراً عُيونٌ كنَّ قَبْلَكَ شُوسَا |
وتركتَ تلكَ الأرضَ ظلاً سجسجاً | مِنْ بَعْدِ ماكادَتْ تَكونُ وَطِيسَا |
لم يَشْعُروا حتى طَلَعْتَ عليْهِمِ | بَدْراً يَشُقُّ الظُّلْمَة الْحِنْديسَا |
ما في النجومِ سوى تعلة ً باطلٍ | قَدُمَتْ وأُسسَ إفْكُهَا تَأْسِيسَا |
إنَّ الملوكَ همُ كواكبنا التي | تخفى وتطلعُ أسعداً ونحوسا |
فَتنٌ جَلَوْتَ ظَلامَها مِنْ بَعْد ما | مَدُّوا عُيوناً نَحْوها وَرُؤُوسا |
حَرْبٌ يَكونُ الجَيْشُ فَضْلَ صَبُوحِها | ويكونُ فضلُ عبوقها الكردوسا |
غرمُ امرىء ٍ منْ روحهِ فيها إذا | ذُو السلْمِ أُغْرِمَ مَطْعماً ولَبُوسَا |
كم بينَ قومٍ إنما نفقاتهم | مَالٌ وقَوْمٍ يُنفِقَونَ نفُوسَا! |
سارَ ابنُ إبراهيم موسى سيرة ٌ | سكنَ الزمانُ لها وكانَ شموسا |
فأقرَ واسطة َ الشآمِ وأنشرتْ | كفاهُ جوراً لم يزلْ مرموسا |
كانتْ مَدِينَة ُ عَسْقَلانَ عَرُوسَها | فغَدَتْ بِسيرته دِمشْقُ عَرُوسَا |
مِنْ بَعْد ما صَارت هُنَيْدة ُ صِرْمَة ً | والبَدْرَة ُ النَّجلاءُ صَارَتْ كِيسَا |
فكأنهم بالعجلِ ضلوا حقبة ً | وكأنَّ موسى إذْ أتاهمُ موسى |
وستشكرُ النعمى التي صنعتْ ولا | نِعَمٌ كنُعْمَى أنقذَتْ مِنْ بُوسَى |
ألْوَى يُذِلُّ الصَّعْبَ إنْ هو سَاسَهُ | ويُلينُ جانِبَهُ إذا ما سيسَا |
ولِذَاكَ كانُوا لا يُرأَّسُ منهُمُ | منْ لم يجربْ حزمهُ مرؤوسا |
مَنْ لم يَقُدْ فَيطِيرَ في خَيْشُومِهِ | رهجٌ الخميسِ فلنْ يقودَ خميسا |
أعطِ الرياسة َ منْ يديكَ فلم تزلْ | مِنْ قبْلِ أنْ تُدْعَى الرئيسَ رئيسَا |
ماذا عسَيْتَ ومِنْ أمَامِكَ حَيَّة ٌ | تَقِصُ الأُسُودَ ومِنْ وَرائِكَ عِيسَى |
أسدانِ شدا منْ دمشقَ وذللاً | مِنْ حِمْصَ أَمْنَعَ بَلْدَة ٍ عِريسَا |
تخذَ القنا خيساً فإن طاغٍ طغى | نَقَلا إلى مَغْناهُ ذَاكَ الْخِيسَا |
أَسْقِ الرَّعيَّة َ مِنْ بَشَاشَتِكَ التي | لو أنها ماءٌ لكانَ مسوسا |
إنَّ الطلاقة َ والندى خيرٌ لهمْ | مِنْ عِفَّة ٍ جَمَسَتْ عَلَيْكَ جُمُوسَا |
لو أنَّ أَسْبَابَ العَفافِ بلا تُقى ً | نَفعَتْ لقد نَفَعتْ إذاً إبْليسَا |
هذي القوافي قدْ أتينكَ نزعاً | تَتجسَّمُ التَّهْجيرَ والتَّغليسَا |
مِنْ كُل شَارِدَة ٍ تُغادِرُ بَعْدها | حظَّ الرجالِ منَ القصيدِ خسيسا |
وجَدِيدَة المَعْنَى إذا مَعْنَى التَّي | تَشْقَى بها الأسْماعُ كان لَبِيسَا |
تلهو بعاجلِ حسنها وتعدها | عِلْقاً لأعجازِ الزَّمانِ نَفِيسَا |
مِنْ دَوحة ِ الكَلمِ التي لم تَنْفَكِكْ | يمسي عليكَ رصينها محبوسا |
كالنَّجْمِ إنْ سَافرْتَ كان مُوَاكِبا | وإذا حططتْ الرحلَ كانَ جليسا |
إنَّا بَعَثْنَا الشعْرَ نَحْوَكَ مُفْردَاً | وإذا أَذِنْتَ لنا بَعْثنا العِيسَا |
تَبْغي ذُراكَ إذا آسِنَّة ُ قَعْضَبٍ | أردينَ عريفَ الوغى المريسا |