أصب بحميا كأسها مقتلَ العذلِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أصب بحميا كأسها مقتلَ العذلِ | تكن عوضاً إن عنفوك من النبلِ |
وكأسٍ كمَعْسولِ الأَماني شَرِبْتُها | و لكنها اجلت وقد شربت عقلي |
إذا عُوتِبَتْ بالماءِ كانَ اعِتذَارُها | لَهيباً كَوَقِعِ النَّارِ في الحَطَبِ الجَزْلِ |
اذا هيت دبت في القتى خال جسمهُ | لما دبَّ فيهِ قرية ً من قرى النملِ |
اذا ذاقها وهي الحياة ُ رأيتهُ | يعبّسَ تعبيسَ المقدمِ للقتلِ |
إذا اليَدُ نالَتْها بِوِتْرٍ تَوَقَّرَتْ | على ضَعْفِها ثم استَقَادَتْ منَ الرجْلِ |
و تصرعُ ساقيها بانصافِ شربها | وصَرعُهُمُ بالجَوْرِ في صُورة ِ العَدْلِ |
سقى الرائحُ الغدي المهجرُ بلدة ً | سقتني أنفاسَ الصبابة ِ والخيلِ |
سحابٌ اذا ألقت عل خلفهِ الصبا | يداً قالت الدنيا أتى قاتلُ المحلِ |
اذا ما ارتدى بالبرقِ لم يزل الندى | لهُ تبعاُ أو يرتدي الروضُ بالبقلِ |
إِذا انتشَرَتْ أَعلامُهُ حَوْلَه انطَوتْ | بطونُ الثرى منهُ وشيكاً على حملِ |
ترى الأرضَ تهتزُّ ارتياحاً لوقعهِ | كما ارتاحتِ البِكْرُ الهِدِيُّ إلى البَعْلِ |
فجَادَ دِمَشْقاً كلَّها جُودَ أهْلِها | بأنْفُسِهِمْ عندَ الكَرِيهَة ِ والبَذْلِ |
سَقاهُمْ كما أَسقاهُمُ في لَظى الوَغَى | ببيضِ صفيحِ الهندِ والسمرِ الذبلِ |
فلم يبقِ في أرضِ البقاعينِ بقعة | وجَادَ قُرَى الجَوْلانِ بالمُسْبِلِ الوَبْلِ |
بنفسي أرضُ الشام لا أيمنُ الحمى | و لا أيسرث الدهنا ولا أوسطُ الرملِ |
و لم أرَ مثليَ مستهاماً بمثلكم | و لا مثلَ قلبي فيهِ لا يغلي |
عَدَتْنيَ عنكُمْ مُكْرَهاً غُرْبَة ُ النَّوَى | لها طَرْبَة ٌ في أَن تُمِرَّ ولا تُحْلي |
اذا لحظت حبلاً من الحيّ محصداً | رمتهُ فلم تسلم بناقضة ِ الفتلِ |
أتت بعد هجرٍ من حبيبٍ فحركت | صُبابَة َ ما أَبقَى الصُّدودُ مِنَ الوَصْلِ |
أخمسة ُ أحوالٍ مضت لمغيبهِ | وشَهْرانِ بل يَوْمانِ نِكْلٌ مِنَ النكْلِ ! |
تَوَانَى وَشِيكُ النُّجْعِ عنه ووُكلَتْ | بِهِ عَزَماتٌ أَوْقَفَتْهُ على رِجْلِ |
ويَمْنَعُهُ مِنْ أَنْ يَبِيتَ زَماعُه | على عجلٍ ان القضاءَ على رسلِ |
قضى الدهرُ مني نحبهُ يومَ فتلهِ | هوايَ بارقالِ الغريرية ِ الفتلِ |
لقَد طَلَعَتْ في وَجْهِ مِصْرَ بِوَجْههِ | بلا طالعٍ سعدٍ ولا طائرٍ سهلِ |
وسَاوِسُ آمالٍ ومَذْهَبُ هِمَّة ٍ | تَخيَّلُ لي بينَ المَطِيَّة ِ والرَّحْلِ |
وَسَورَة ُ عِلْمٍ لم تُسَدَّدْ فأَصْبَحَتْ | وما يُتَمارَى أّنَّها سَوْرَة ُ الجَهلِ |
نأيتُ فلا مالاً حويتُ ولم أقم | فَأَمتَعَ إِذْ فُجعْتُ بالمَالِ والأَهْلِ |
بَخِلْتُ على عِرْضِي بما فيهِ صَوْنُه | رَجَاءَ اجتناءِ الجُودِ مِنْ شجَرِ البُخْلِ |
عَصَيْتُ شَبَا عَزْمي لِطَاعَة ِ حَيْرَة | دعتني إلى أن افتحَ القفلَ بالقفلِ |
و أبسطَ من وجهي الذي لو بذلتهُ | إِلى الأَرضِ مِن نَعْلي لَما نَقَبَتْ نَعْلي |
عِداتٌ كَرَيْعانِ السَّرَابِ إِذا جَرَى | تُنَشرُ عَنْ مَنْعٍ وتُطْوَى على مَطْلِ |
لئامٌ طَغَامٌ أَوْ كِرامٌ بِزَعْمِهِم | سَواسِيَة ٌ ما أشبَهَ الحَوْلَ بالقَبْلِ! |
فلَوْ شاءَ مَنْ لَوْ شَاءَ لم يَثْنِ أَمرَه | لصيّرتُ فضل المالِ عند ذوي الفضلِ |
و لو أنني اعطيتُ بأسي نصيبهُ | إِذنْ لأخذتُ الحَزْمَ مِنْ مَأْخذ سَهْلِ |
وكانَ ورائي مِنْ صرِيمَة ِ طَييءٍ | ومَعْنٍ ووَهْبٍ عَنْ أَماميَ ما يُسْلي |
فَلَمْ يَكُ ما جَزَّعْتُ نَفْسي مِنَ الأَسى | ولم يَكُ ما جَرَّعْتُ قَوْمي مِنَ الثُّكْلِ! |