عِشْ بالشُّعورِ، وللشُّعورِ، فإنَّما
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
عِشْ بالشُّعورِ، وللشُّعورِ، فإنَّما | دنياكَ كونُ عواطفٍ وشعورِ |
شِيدَتْ على العطْفِ العميقِ، وإنّها | لتجفُّ لو شِيدتْ على التفكيرِ |
وَتَظَلُّ جَامِدَة الجمالِ، كئيبة ً | كالهيكلِ، المتهدِّم، المهجورِ |
وَتَظَلُّ قاسية َ الملامحِ، جهْمة ً | كالموتِ..، مُقْفِرة ً، بغير يرورِ |
لا الحبُّ يرقُصُ فوقها متغنِّياً | للنّاسِ، بين جَداولٍ وزهورِ |
مُتَوَرِّدَ الوَجناتِ سكرانَ الخطا | يهتزُّ من مَرَح، وفرْط حبورِ |
متكلِّلاً بالورْدِ، ينثرُ للورى | أوراقَ وردِ "اللَّذة ِ" المنضورِ |
كلاَّ! ولا الفنُّ الجميلُ بظاهرٍ | في الكون تحتَ غمامة ٍ من نورِ |
مَتَوشِّحاً بالسِّحر، ينفْخ نايَهُ | ـبوبَ بين خمائلٍ وغديرِ |
أو يلمسُ العودَ المقدّسَ، واصفاً | للموت، للأيام، للديجورِ |
ما في الحياة من المسرَّة ِ، والأسى | والسِّحْر، واللَّذاتِ، والتغريرِ |
أبَداً ولا الأملُ المُجَنَّحُ مُنْشِداً | فيها بصوتِ الحالم، المَحْبُورِ |
تلكَ الأناشيدُ التي تَهَبُ الورى | عزْمَ الشَّبابِ، وَغِبْطة العُصْفورِ |
واجعلْ شُعورَكَ، في الطَّبيعة قَائداً | فهو الخبيرُ بتِيهما المسْحورِ |
صَحِبَ الحياة َ صغيرة ً، ومشى بها | بين الجماجم، والدَّمِ المهدورِ |
وعَدَا بهَا فوقَ الشَّواهِق، باسماً | متغنِّياً، مِنْ أعْصُرِ وَدُهورِ |
والعقلُ، رغْمَ مشيبهِ ووقَاره، | ما زالَ في الأيّامِ جِدَّ صغيرِ |
يمشي..، فتصرعه الرياحُ..، فَيَنْثَنِي | مُتوجِّعاً، كالطّائر المكسورِ |
ويظلُّ يَسْألُ نفسه، متفلسفاً | متَنَطِّساً، في خفَّة ٍ وغُرورِ: |
عمَّا تُحَجِّبُهُ الكواكبُ خلفَها | مِنْ سِرِّ هذا العالَم المستورِ |
وهو المهشَّمُ بالعواصفِ.. يا لهُ | من ساذجٍ متفلسفٍ، مغرور! |
وافتحْ فؤادكَ للوجود، وخلَّه | لليمِّ للأمواج، للدّيجورِ |
للثَّلج تنثُرُهُ الزوابعُ، للأسى | للهَوْلِ، للآلامِ، للمقدورِ |
واتركْه يقتحِمُ العواصفَ..، هائماً | في أفقِها، المتلبّدِ، المقرورِ |
ويخوضُ أحشاءَ الوجود..، مُغامِراً | في ليْلِها، المتَهَّيبِ، المحذورِ |
حتَّى تعانقَه الحياة ُ، ويرتوي | من ثغْرِها المتأجِّجِ، المسجورِ |
فتعيشَ في الدنيا بقلبٍ زاجرٍ | يقظِ المشاعرِ، حالمٍ، مسحورِ |
في نشوة ٍ، صُوفيَّة ٍ، قُدسية ٍ، | هيَ خيرُ ما في العالمِ المنظورِ |