إني ارى َ..، فَأرَى جُمُوعاً جَمَّة ً
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
إني أرى َ..، فَأرَى جُمُوعاً جَمَّة ً | لكنّها تحيا بِلاَ ألْبابِ |
يَدْوِي حوالَيْها الزَّمانُ، كأنَّما | يدوي حوالَي جندلٍ وترابِ |
وإذا استجَابُوا للزمانِ تَنَاكروا | وَتَرَاشَقُوا بالشَّوكِ والأحْصَابِ |
وقضَوا على رُوح الأخوَّة ِ بينهم | جَهلاً وعاشُوا عِيشة َ الأَغرابِ |
فرِحتْ بهم غولُ التّعاسة ِ والفَنَا | وَمَطَامِعُ السّلاَّب والغَلاّبِ |
لُعَبٌ، تُحرِّكُها المَطامعُ، واللّهى | وصَغائِرُ الأحقادِ والآرابِ |
وأرى نفوساً، مِنْ دُخانٍ، جامدٍ | مَيْتٍ، كأشباحٍ، وراءَ ضَبَابِ |
مَوتى ، نَسُوا شَوقَ الحياة ِ وعزمَها | وتحرَّكوا كتحرُّكِ الأنصابِ |
وخبَا بهمْ لَهَبُ الوجودِ، فما بقُوا | إلاَّ كمحترِقٍ من الأخشابِ |
لا قلبَ يقتحمُ الحياة َ، ولا حِجَى ً | يسمُو سُمُوَّ الطَّائر الجوَّابِ |
بلْ في الترابِ المَيتِ، في حَزن الثَّرى | تنمو مَشَاعِرُهُمْ مع الأَعشابِ |
وتموتُ خاملة ً، كَزَهرٍ بائسٍ | ينمو ويذبُل في ظَلامِ الغَابِ |
أبداً تُحدِّقُ في التراب..، ولا تَرَى | نورَ السماءِ..، فروحُها كتُرابِ..! |
الشَّاعرُ الموهوبُ يَهْرِق فنَّه | هدراً على الأَقْدامِ والأَعْتابِ |
ويعيشُ في كونٍ، عقيمٍ، ميِّتٍ | قَدْ شيَّدتْهُ غباوة ُ الأَحقَابِ |
والعاِلِمُ النِّحريرُ يُنفقُ عُمره | في فهمِ ألفاظٍ، ودرسِ كتابِ |
يَحيا على رِمَمِ القديم المُجتَوَى | كالدُّود في حِمَمِ الرَّماد الخابي |
والشَّعبُ بينهما قطيعٌ، ضَائعٌ | دُنياه دنيا مأكلٍ وشرابِ |
الوَيلُ للحسَّاسِ في دُنياهمُ | ماذا يُلاقي من أَسَى ّ وعَذِابِ! |