يدُ الدهرِ جارحة ٌ آسيَهْ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
يدُ الدهرِ جارحة ٌ آسيَهْ | ودُنْياكَ مُفْنِيَة ً فانيَهْ |
وربّكَ وارثُ أربابها | ومحيي عظامهم الباليهْ |
رأيتُ الحِمامَ يبيدُ الأنام | وَلَدْغَتُهُ ما لها راقيه |
وأرواحنا ثمراتٌ له | يمدّ إليها يداً جانيهْ |
وكل امرىء ٍ قد رأى سمْعُهُ | ذهاباً منَ الأمَمِ الماضيه |
وعارية ٌ في الفتى روحُهُ | ولا بدّ من رَدّه العاريه |
سقى الله قبر أبي رحمة ً | فسقياهُ رائحة ٌ غاديهْ |
وسيّرُ عن جسمه روحه | إلى الرَّوْحِ والعيشة الرّاضيهْ |
فكم فيه من خُلُقٍ طاهرٍ | ومن همّة ٍ في العُلى ساميَه |
ومن كَرَمٍ في العُلى أوّل | وشمسُ النّهارِ لهُ ثانيَهْ |
ولوْ أنّ أخلاقهُ للزمانِ | لكانتْ موارِدُهُ صافيه |
أتاني بدارِ النوى نعيُهُ | فيا روعة َ السمع بالداهيه |
فحمّرَ ما ابيضّ من عبرتي | وبيضَ لِمّتي الداجيهْ |
بدارِ اغترابٍ كأنَّ الحياة َ | لذكر الغريب بها ناسيه |
فمثّلتُ في خلدي شَخْصَهُ | وقَرّبْتُ تربته القاصيه |
ونحتُ كثكلى على ماجدٍ | ولا مُسْعِدٌ لي سوى القافيه |
قديمُ تراثِ العلى سَيّدٌ | على النجمِ خُطّتُهُ ساميه |
مضى بالرجاحة ِ من حلمهِ | فما سيّرَ الهضبة َ الراسيهْ؟ |
وما أنْسَ لا أنْسَ يوْم الفراق | وأسرارُ أعيننا فاشيهْ |
ومرّتْ لتوديعنا ساعة ٌ | بلؤلؤ أدمُعِنا حاليهْ |
ولي بالوقوف على جمرها | وإنْضاجِهِ قَدَمٌ حافيه |
ورحتُ إلى غربة ٍ مُرّة ٍ | وراحَ إلى غُرْبَة ٍ ساجيَه |
وقدْ أودعتني آراؤه | نجوماً طوالعُها هاديه |
سمعتُ مقالَة شيخي النّصيحِ | وأرْضيَ عَنْ أرضِهِ نائيه |
كأنّ بأذني لها صرخة ً | أرادَ بها عُمَرٌ ساريه |
مضى سالكاً سُبلَ أبائه | وأجدادهِ الغُررِ الماضيهْ |
كرامٌ تولوا بريب المنون | وأبقوْا مفاخرهُمْ باقيَه |
مَضَى وهو منّي أخو حَسَرة ٍ | تُمازجُ أنفاسهُ الرّاقيهْ |
تجودُ بدفع الأسى والرّدى | على خدّه عينهُ الباكيهْ |
وإني لذو حزنٍ بعده | شؤونُ الدمعِ لهُ داميَه |
بكيتُ أبي حقبة ً والأسى | عليّ شَواهدُهُ باديه |
وما خمدتْ لوعة ٌ تلتظي | ولا جمدتْ عبرة ٌ جاريهْ |
ونفسي وإن مُدّ في عُمرِها | لما لقيتْ نفسُهُ لاقيه |