أعليتَ بين النجم والدّبرانِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أعليتَ بين النجم والدّبرانِ | قصراً بناهُ من السعادة بانِ |
فَضَحَ الخوَرنَقَ والسديرَ بحسنه | وسما بقمّتهِ على الإيوان |
فإذا نظرتَ إلى مراتبِ مُلكهِ | وبدتْ إليك شواهدُ البرهان |
أوْجَبَبْتَ للمنصور سابقة َ العُلَى | وعَدَلْتَ عن كسرَى أنوشروان |
قصرٌ يقصِّرُ، وهو عير مقصِّر، | عن وصفه في الحسن والإحسانِ |
وكأنهُ من دُرّة ٍ شفافة ٍ | تُعْشي العيونَ بشدّة اللمعان |
لا يرتقي الراقي إلى شُرفاتِهِ | إلا بمعراج من اللحظان |
عرّجْ بأرض الناصرية كي ترى | شرفَ المكان وقُدرة َ الإمكانِ |
في جنَّة ٍ غَنَّاءَ فِرْدَوْسِية ٍ | مخفوقة ٍ بالرَّوْح والرّيحان |
وتوقدتْ بالجمر من نارنجها | فكأنما خُلقتْ من النيران |
وكأنَّهنّ كراتُ تبرٍ أحمرٍ | جُعِلَتْ صوالجها من القضبان |
إن فاخر الأترجُّ قال له: ازدجر | حتى تحوزَ طبائع الايمانِ |
لي نفحة ُ المحبوب حين يَشمني | طيباً، ولونُ الصبّ حين يراني |
مني المصبَّغ حين يبسط كفّه | فبنانُ كلّ خريدة كبناني |
والماءُ منه سبائكٌ فضيّة ٌ | ذابتْ على درجاتِ شاذروان |
وكأنَّما سيفٌ هنام مُشَطَّبٌ | ألْقَتْهُ يوم الحرب كفّ جبان |
كم شاخصٍ فيه يطيلُ تَعَجّباً | من دوحَة ٍ نَبَتَتْ من العقيان |
عجباً لها تسقي الرياض ينابعاً | نبعتْ من الثمراتِ والأغصانِ |
خصّتْ بطائرة ٍ على فَنَنٍ لها | حَسُنَتْ فَأُفْرِدَ حُسْنُها من ثان |
قُسّ الطيورِ الخاشعاتِ بلاغة ً | وفصاحة َ من منطقٍ وبيان |
فإذا أُتِيحَ لها الكلامَ تَكَلّمَتْ | بخرير ماءٍ دائمِ الهملان |
وكأنَّ صانِعَها استبدّ بصنعة ٍ | فخرَ الجمادُ بها على الحيوان |
أوفتْ على حوضٍ لها فكأنها | منها إلى العجبِ العُجابِ رواني |
فكأنها ظنّتْ حلاوة َ مائها | شهداً فذاقتهُ بكلّ لسان |
وزرافة ٍ في الجوْفِ من أنبوبها | ماءٌ يريكَ الجري في الطيران |
مركوزة كالرمح حيثُ ترى له | من طعنه الحلق انعطاف سنان |
وكأنها تَرْمي السماء ببندق | مستنبَطٍ من لؤلؤ وحجان |
لو عاد ذاك الماءُ نفطاً أحرقت | في الجوّ منه قميصَ كلّ عنان |
في بركة ٍ قامتْ على حافاتها | أسدٌ تذلُّ لعزّة السلطان |
نَزَعتْ إلى ظلم النفوس نفوسها | فلذلك انتزعت من الأبدان |
وكأن بَردَ الماءِ منها مُطفىء ٌ | نارا مُضَرّمَة ً من العدوان |
وكأنما الحيّات من أفواهها | يطرحن أنفسهن في الغدارن |
وكأنما الحيتان إذ لم تخشها | أخذت من المنصور عقد أمان |
كم مجلسٍ يجري السرور مسابقاً | منه خيولَ اللهو في ميدان |
يجول دماه على الخدود ملاحة ً | فكأنَّهُ المحراب من غمدان |
فسماؤه في سمكها علويَّة ٌ | وقبابهُ فَلَكيّة ُ البنيان |